اقتحمت برامج الذكاء الاصطناعي كل مجالات الحياة تقريباً، لذلك ليس من المفاجئ القول إنها ستدخل بقوة إلى عالم المحاماة والقوانين. اليوم، يمكن لبرامج الذكاء الاصطناعي القيام بالكثير من الوظائف القانونية الشاقة بدلاً من المحامين، منها مثلاً، غربلة الوثائق والمستندات المكدسة، أو صياغة ومراجعة بنود العقود بشكل فوري، أو المقارنة بين الدعاوى القضائية المشابهة.
حتى إن تطبيقاً جديداً يسمى « روس - المحامي خارق الذكاء »، وهو من إنتاج عملاقة التكنولوجيا « واتسون آي. بي. إم »، يقدم أجوبة سريعة على العديد من الاستفسارات القانونية، ويتميز بسرعة توفير الموارد والبنود القانونية المطلوبة لكل قضية مطروحة.
ولكن ما الذي سيتغير حين تحل التطبيقات الإلكترونية محل المحامين؟ في تقرير نشرته كلية الحقوق في جامعة نورث كارولينا الأميركية، تبين أن أجهزة الذكاء الاصطناعي قد تؤثر على بعض مهام المحامين، لا سيما في ما خص الاستشارات القانونية وقراءة العقود وصياغتها. وخلص التقرير إلى أن نحو 13 في المائة من العمل القانوني سيتم الاستيلاء عليه من قبل تطبيقات الكمبيوتر الذكية في غضون السنوات الخمس المقبلة.
مع تزويدها بالبيانات الأولية لأي دعوى قانونية، يمكن لبرامج الذكاء الاصطناعي القانونية، على سبيل المثل، أن تعطي نتائج دقيقة حول الأحكام السابقة التي اتخذها القضاة في كل القضايا المشابهة، أو سرد كيفية تعاطي الشركات أو المحامين مع قضايا مماثلة في الماضي، أو حتى تحديد التعويضات المالية أو النفقات في كل دعوى. وإن تم تزويدها بتفاصيل إضافية، يمكن لبعض هذه البرامج توقع فرص المحامين بالفوز أو الخسارة.
يقول التقرير إن هذا النهج « الإلكتروني » قد يكون أكثر كفاءة، ولكن بإمكانه أن يحد من تطور القانون، كونه لا يسمح للمحامين بالمجازفة واختيار طرق جديدة قد تؤدي إلى إحداث تعديل قانوني غير مسبوق. كما أن أخذ هذه التوقعات الإلكترونية على محمل الجد في كثير من الأحيان، قد يجعل المحامين أكثر تردداً في تولي قضايا قد تبدو خاسرة لكنها قد تفتح آفاقاً قانونية جديدة.
مع ذلك، يجادل أنصار برامج الذكاء الاصطناعي القانونية بأنها ليست موجودة فقط لتوفير الوقت والمال على المحامين وإنما أيضاً للمساعدة على سد فجوة موجودة في نظام العدالة، من خلال تقديم المشورة الرقمية لأولئك الذين لا يستطيعون تحمل نفقات توكيل محام، وقد تسهم فعلياً في حل بعض النزاعات القانونية في حال جرى الاحتكام إليها.