« لا تستطيع عيناه أن تفارق »راما« لحظة واحدة، باله وعقله مشغولان عليها، في البيت يغلق الأبواب والنوافذ جيداً، يراقب حركاتها، يمنعها من الإمساك بشيء أو الاقتراب من المطبخ، يعلمها الكلام فلا تنطق، يشاور لها بيده فلا تراه، تسير بشكل لا يُطمئن، يشعر بأنه سجن من جديد، فما الأعوام الـ27 الماضية التي قضاها في المعتقلات »الإسرائيلية« إلا مرحلة تمهيدية لما يعانيه اليوم ».
« حينما تنام »راما« يجلس أمامها يراقبها وتترقرق عيناه بالدمع وقلبه يخفق من شدة الألم والوجع، ينظر لحاله فيقول ربي كما جعلت الصبر رفيقي في السجن فجعله رفيقي في حريتي.
إذا هي قصة الأسير المحرر والمبعد إلى قطاع غزة هلال جرادات، الذي تفاجأ بإصابة طفلته الأولى »راما« بمرض نادر لا يمكن علاجه إلا في المستشفيات الخارجية.
جرادات البالغ من العمر 48 عاماً يقول لـ »فلسطين اليوم الإخبارية« بحزن شديد: »أُعني منذ 3 سنوات من مرض أَلَمَ بطفلتي الأولى « راما » وتم تشخيص الحالة من أطباء بمستشفى الرنتيسي وأطباء آخرين بمستشفى المقاصد بأنها « متلازمة انجلمان ستدروم » وهي نادرة في قطاع غزة ويتم علاجها في المستشفيات الخارجية« .
ومرض متلازمة »أنجلمان ستدروم« الذي يطلق عليه »الملائكة« نادرٌ ويصيب كل 15 ألفاً من المواليد في العالم نتيجة خلالٍ في المادة الوراثية.
وُتشير موسوعة ويكبيديا إلى أن المرض ناتج عن خلل جيني يحدث في الجين الموجود في كروموسوم 15 وهذا الجين يسمى UBE3A gene حيث يكون هناك نقص في هذا الجين المورث من الأم أو يحدث به تغير mutation فيصبح موجود لكنه غير عامل أي كأنه غير موجود فلا يؤدي وظيفته.
ويعاني أصحاب »أنجلمان« من »بطئ التعلم ونوبات وصرع واضطرابات مستمرة وصعوبة المشي والتوازن إضافة إلى الضحك والحركة المفرطة«
جرادات حاول طرق كافة الأبواب لإنقاذ طفلته »راما« من الموت باستخراج تحويلة مرضية لعلاجها في المستشفيات الخارجية إلا أن إغلاق معابر رفح البري تحول دون ذلك.
الألم واليأس يسيطران على جرادات في ظل استمرار عدم اهتمام المسؤولين بالتحرك لإنقاذها، حيث يقول: »في كل لحظة أتوقع أن طفلتي تفارق الحياة بسبب النوبات والتشنجات والصرع ..ألخ« .
جرادات يناشد عبر وكالة »فلسطين اليوم الإخبارية" الرئيس محمود عباس وقادة الفصائل الفلسطينية لإنقاذ طفلته والسعي لإخراجها من قطاع غزة لتتلقى العلاج على نفقته الخاصة وليست على نفقة السلطة أو أي مؤسسة إنسانية أخرى.