يجتمع البرلمان الجزائري الاربعاء لمناقشة دستور جديد بصيغة عرضها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ويفترض ان تقر من دون تعديل على الرغم من الجدل الذي تثيره، وتتضمن تحديد الولايات الرئاسية باثنتين وتمنع حملة جنسيتين من تقلد مناصب عليا في البلد.
وتثير بعض التعديلات خلافات حتى داخل الاغلبية البرلمانية، بينما ترفض المعارضة التعديل. ويتوقع ان يتم التصويت الاحد.
وعقد البرلمان اليوم جلسة وضع خلالها النظام الداخلي لآلية سير جلسة التصويت الاحد.
وسيعرض رئيس الوزراء عبد المالك سلال الخميس مشروع الدستور امام لجنة من 60 عضوا من مجلسي البرلمان، بحسب ما اعلن رئيس مجلس الامة عبد القادر بن صالح الاربعاء.
ونقلت وكالة الانباء الجزائرية عن بن صالح، بصفته رئيسا للبرلمان المنعقد في دورة غير عادية بغرفتيه انه لأول مرة « ستمنح الكلمة لرؤساء المجموعات البرلمانية لمدة 10 دقائق خلال الجلسة المخصصة للتصويت ».
واوضح ان البرلمان « مطالب خلال الدورة الاستثنائية الخاصة بالتصويت على مشروع تعديلات الدستور بقبول التعديلات كليا أو رفضها ».
ومع بدء احداث « الربيع العربي » في 2011، وعد بوتفليقة بتعديل الدستور « لتعزيز الديمقراطية »، في ما فسر محاولة لمنع التغييرات التي شهدتها الدول المجاورة خصوصا تونس وليبيا من الانتقال الى الجزائر.
وبعد خمس سنوات وجولات من المشاورات قاطعتها المعارضة، قدمت رئاسة الجمهورية النسخة النهائية للدستور باكثر من مئة تعديل مست كل فصول الدستور من الديباجة الى آخر مادة تم استحداثها.
ومن اهم التعديلات المدرجة في الدستور الجديد « اعادة انتخاب رئيس الجمهورية مرة واحدة فقط، وعدم امكانية مراجعة هذه المادة في تعديلات الدستور المقبلة ». وتتالف كل ولاية رئاسية من خمس سنوات.
وكان بوتفليقة نجح في الغاء المادة الخاصة بتحديد الولايات باثنتين في تعديل أقر عام 2008، ما مكنه من الترشح الى ولاية ثالثة، ثم الى ولاية رابعة في 2014 رغم مرضه.
واثار بقاؤه في السلطة معارضة شديدة، نشأت على اثرها منظمة تدعى « حركة بركات » (بمعنى كفى) نظمت تظاهرات عدة منعتها السلطة بالقوة.
وينتظر ان يصوت البرلمان بغرفتيه دون مفاجأة على الدستور الذي يتوقع ان يحصل على ثلاثة ارباع اصوات نواب المجلس الشعبي الوطني واعضاء مجلس الامة، اي ما يعادل 455 صوتا من اصل 606 عدد اعضاء المجلس الشعبي (462 نائبا) ومجلس الامة (144 عضوا).
ودعا الامين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني النواب واعضاء مجلس الامة الى اقرار الدستور الجديد « لانه مشروع رئيس الجمهورية ورئيس حزبنا ».
وقال « احرصوا على الا ينقص منكم صوت واحد » الاحد.
وانتقدت المعارضة بشدة الدستور الجديد واعتبرت انه لا يستجيب لمطالب الشعب الجزائري، وانه « دستور غير توافقي »، برأي حركة مجتمع السلم الاسلامية، ابرز حزب في كتلة الجزائر الخضراء بالبرلمان (49 نائبا).
اما جبهة القوى الاشتراكية (27 نائبا) التي قررت مقاطعة جلسة التصويت، فوصفت الوثيقة بـ« العنف الدستوري الممارس ضد الشعب الجزائري منذ دستور 1963 ».
وتناولت الانتقادات خصوصا المادة التي تنص على منع مزدوجي الجنسية من الوصول الى مناصب او وظائف عليا في الدولة.
وقال سعداني ان الملاحظة الوحيدة ضد الدستور كانت المادة 51 التي تمنع على مزدوجي الجنسية من الولوج الى المناصب السياسية والوظائف العليا في الدولة، لأنها تتعارض مع الدستور نفسه، « لذلك عدلها مجلس الوزراء لاحالة تحديد هذه المناصب الى القانون ».
وبحسب مستشار رئيس الجمهورية رزاق بارة، فان الوظائف التي يشترط فيها القانون الجنسية الجزائرية « حصريا » تنحصر بـ15 منصبا، منها مثلا « محافظ البنك المركزي والمدير العام للامن الوطني ورئيس المحكمة العليا ».
ودافع الامين العام للتجمع الوطني الديمقراطي احمد اويحيى عن هذه المادة، معتبرا انه من الطبيعي ان « يتقلد المناصب العليا للدولة الجزائري فقط »، وموضحا ان « المطلوب من كل جزائري مزدوج الجنسية ان يحافظ على جنسيته الجزائرية فقط كي يصبح وزيرا او سفيرا او واليا مثلا ».
وانتقدت منظمات ينضوي فيها جزائريون مقيمون في الخارج هذه المادة « التمييزية » ضد جزء من الشعب الجزائري. وينظم السبت تجمع امام سفارة الجزائر في باريس احتجاجا على هذه المادة.
ويتضمن مشروع الدستور الجديد اعتبار اللغة الامازيغية (البربرية) « لغة وطنية ورسمية »، وهو مطلب قديم لقطاع كبير من الجزائريين المتحدثين بهذه اللغة في منطقة القبائل في وسط البلاد، لكن ايضا لسكان منطقة الاوراس في الشرق والطوارق في الجنوب.
ويتم منذ 1995 تدريس اللغة الامازيغية في بعض مناطق الجزائر التي تعتبر فيها اللغة الام، لكن تطورها يواجه صعوبات، كما توجد قناة تلفزيونية حكومية وبرامج في القنوات الخاصة ناطقة بهذه اللغة.
لكن الدستور الجديد ما زال ينص على ان العربية تظل « اللغة الرسمية للدولة ».
ويرى المحلل السياسي رشيد غريم ان ترقية اللغة الامازيغية يعد « تقدما » في الدستور، الى جانب تمكين المعارضة من إخطار المجلس الدستوري (طلب تحكيمه في دستورية القوانين) ودعم استقلالية القضاء والتداول على السلطة.
لكن غريم حذر من ان « التطبيق في الواقع هو الذي سيثبت ان كان فعلا سيبقى تأثير لدور الجيش في الحياة السياسية ام لا ».
ويأتي التعديل الدستوري اياما بعد حل الرئيس بوتفليقة جهاز الاستخبارات وانشاء جهاز جديد تحت السلطة المباشرة لرئيس الجمهورية.ش