خبر اسرائيل وحماس في سباق ضد الزمن من تحت الارض- هآرتس

الساعة 11:12 ص|31 يناير 2016

فلسطين اليوم

بقلم: عاموس هرئيل

 (المضمون: اسرائيل وحماس في سباق ضد الزمن، حيث يعمل الجيش الاسرائيلي من اجل كشف الانفاق وحماس من جهتها تحاول الانتهاء من حفرها في أسرع وقت ممكن - المصدر).

 

          خلل عملياتي، حيث انهيار نفق تسبب في قتل سبعة اشخاص من الذراع العسكري لحماس، اضطر رئيس حكومة حماس في القطاع اسماعيل هنية، أول أمس الى الكشف عن نوايا منظمته. في خطاب لذكرى القتلى في مسجد العمري قال هنية إن الذراع العسكري حفر انفاق حول غزة « من اجل الدفاع عن الشعب الفلسطيني وتحرير الاماكن المقدسة ». وقد تفاخر بأن طول هذه الانفاق « ضعف الانفاق التي حفرت في فيتنام ». وأضاف إن فترة التهدئة الحالية في القطاع ليست من اجل الراحة بل يتم استغلالها من قبل نشطاء التنظيم من اجل التحضير للمواجهة العسكرية القادمة.

 

          وقد زعم هنية ان الانفاق أدت الى « الانتصار الاستراتيجي » على اسرائيل في عملية « الجرف الصامد » في صيف 2014. وقد امتدح مقاتليه في شرقي غزة الذين يحفرون الانفاق باتجاه العدو الاسرائيلي في الوقت الذي يستمر فيه مقاتلوه في غرب غزة في تنفيذ التجارب اليومية باطلاق الصواريخ باتجاه البحر المتوسط.

 

          القتلى في الاسبوع الماضي، ومنهم حسب التقارير ثلاثة من الوحدات الخاصة لحماس، ليسوا هم أول من يموتون في ظروف مشابهة. ففي السنة الماضية قتل 12 نشيطا في الانفاق وما زال هناك اربعة اشخاص مفقودين من الحادثة الاخيرة.

 

          في الاسابيع الاخيرة – منذ النشر الاول في « هآرتس » حول اصلاح الانفاق الهجومية لحماس – سُمعت تصريحات متبادلة بين الاطراف. قال مسؤولون اسرائيليون منهم وزير الدفاع ورئيس الاركان ووزير التعليم الذي هو عضو في الكابنيت، وتطرقوا الى امكانية أن حماس ستعود الى الهجوم عن طريق الانفاق. وخلال لقاء بين ضابط من لواء غزة مع اعضاء أحد المجالس المحلية قيل إن « حماس مستعدة للجولة القادمة ». حماس من ناحيتها ردت بالتهديد من خلال وسائل الاعلام الفلسطينية.

 

          إن ما يحدث في الميدان لا يقل أهمية. حيث تزداد الحوادث والاخطاء التي تتعرض لها حماس تحت الارض، الامر الذي يعني انتهاء الاستعدادات هناك من اجل مواجهة محتملة. وفي الطرف الاسرائيلي صورت الاسبوع الماضي حفريات مكثفة من اجل الكشف عن الانفاق الى الشرق من الجدار الالكتروني الذي يحيط بالقطاع. من جهة ثانية يبدو أن هناك سباق ضد الزمن: حماس توجد تحت الضغط من اجل انهاء تجهيز الانفاق في الوقت الذي تحاول فيه اسرائيل الكشف عن الانفاق الهجومية في اراضيها انطلاقا من فرضية أن حماس ستستخدمها خلال وقت قصير.

 

          إن نية حماس العودة الى حفر الانفاق كانت واضحة منذ انتهاء عملية الجرف الصامد. فقد رفضت كل محاولة للوساطة من اجل رفع الحصار عن القطاع مقابل نزع سلاحها، الامر الذي يشمل ايضا وقف تهريب السلاح وحفر الانفاق. يتبين من اقوال هنية أول أمس، فان الانفاق حسب رأيه هي ورقة استراتيجية حيوية في كل مواجهة مع اسرائيل.

 

          وبالنظر الى الوراء، الى الحرب الاخيرة، فان العمليات عن طريق الانفاق (ودخول قوات الجيش الى اطراف القطاع لتدميرها) هي التي أدت الى الاصابات الكثيرة في الجانب الاسرائيلي.

 

          أوجدت اسرائيل رد دفاعي فعال لمعظم الصواريخ التي اطلقتها حماس بواسطة القبة الحديدية. وفي المقابل وقعت خسائر نتيجة اطلاق القذائف باتجاه غلاف غزة حيث لم يكن هناك رد تكنولوجي ملائم.

 

          منذ ذلك الحين زاد اهتمام حماس بالانفاق كسلاح هجومي. في البداية حدثت ازمة مع ايران وهي الممول الرئيس للسلاح، وبعد ذلك بدأت مصر بالعمل على تدمير واغراق الانفاق في رفح. لذلك اضطرت حماس الى الاعتماد على التصنيع الذاتي للقذائف التي ليست بالمستوى المطلوب ومداها محدود والضرر الذي تتسبب به أقل.

 

          في حال اندلاع مواجهة مستقبلية يحتمل أن تبادر حماس الى خطوات فجائية مثلما فعلت عن طريق طائرات بدون طيار ودخول فرق كوماندو بحرية. لكن اسرائيل اثبتت قدرتها على افشال هذه الهجمات في 2014. وقبل بضعة اشهر اعتقلت مصر اربعة من رجال الكوماندو البحري لحماس في سيناء حيث كانوا في طريقهم الى التدريب في الخارج. وهذا الامر تسبب بضرر كبير لقدرة الوحدة التنفيذية في حماس.

 

          من ناحية التفكير العسكري يبدو أن حماس تقترب من الافكار العملية لحزب الله بعد حرب لبنان الثانية، رغم أن هذا لم يطبق بعد.

 

          تصريحات مختلفة للامين العام لحزب الله حسن نصر الله، شددت على الحاجة الى المبادرة الى خطوة مفاجئة تضع حماس في حالة تفوق منذ المرحلة الاولى للحرب. في اسرائيل فسروا ذلك على أنه نية محتملة لتنفيذ العمليات – محاولة للسيطرة على منطقة اسرائيلية أو معسكر للجيش قرب الحدود من اجل القتل والخطف – في حال اندلعت حرب في المستقبل.

 

          في 2014 لم تنجح حماس في احداث مفاجئة كهذه لأن الحرب اندلعت بعد اسبوع من التصعيد على حدود القطاع، التي بدأت بعد أن وجدت جثث الفتيان الاسرائيليين الثلاثة الذين تم اختطافهم في غوش عصيون على أيدي خلية لحماس. اذا قررت الذراع العسكرية المبادرة الى الهجوم فيبدو أنها ستحاول تحييد القيادة السياسية.

 

          إن نقاط ضعف خطوة كهذه واضحة لحماس. فلم يستيقظ القطاع بعد من الدمار الذي سببته الحرب السابقة مع اسرائيل وآلاف المنازل التي لم يتم اعمارها بعد. إن جولة اخرى قد تتسبب بدمار أكثر.

 

          التفوق العسكري والاستخباري للجيش الاسرائيلي واضح، وغياب مخزون كبير من القذائف الدقيقة والضرر الذي ستتسبب به حماس للجبهة الداخلية الاسرائيلية، يتوقع أن يكون محدودا.

 

          لكن الحصار الفيزيائي والشعور بالحصار السياسي الذي تشعر به حماس قد يدفعانها الى العمل، لا سيما اذا كانت القيادة العسكرية لحماس تعتقد أنه يمكن خطف جنود اسرائيليين، وبالتالي تفرض على اسرائيل صفقة تبادل أسرى اخرى.

 

          هناك أمران من شأنهما احداث التدهور في القطاع: الاول – محاولة حماس تنفيذ ضربة استباقية من خلال عدة انفاق هجومية في نفس الوقت خشية من أن تكشفها اسرائيل وتقوم بتدميرها. الثاني – نجاح محاولات المنظمة في تنفيذ عمليات كبيرة في الضفة الغربية وداخل الخط الاخضر، الامر الذي سيُسرع الرد الاسرائيلي في القطاع.

 

          لكن الحرب الجديدة في غزة ليست قدراً. ومنع اندلاعها يرتبط ايضا بالجانب الاسرائيلي وبسلوك مدروس من المستوى السياسي اضافة الى نجاح الجيش و« الشباك » في افشال خطط حماس الهجومية.