خبر عذراً أيها الفارس محمد القيق.. محمد ياسين

الساعة 07:05 ص|27 يناير 2016

محمد إسماعيل ياسين

كاتب وإعلامي فلسطيني

عذراً أيها الفارس الصحفي محمد القيق، فنحن نكتب بمداد الحروف، وأنت تكتب بمداد الصمود، ونحن ننتصر لك بفعالية هنا وبوست هناك، وأنت تصارع الألم وحدك، رافضاً التراجع قيد أنملة في مواجهة صلف الاحتلال البغيض، متسلحاً بإرادة فولاذية وإيمان عميق بحتمية الانتصار، عذراً أيها المغوار المقدام، فأنت تسطر ملحمة يعجز عن وصفها البيان، إذ تتعالى على وجع الجوع طلباً للحرية والكرامة، مصراً على تحطيم قيود الاحتلال عبر رفضك للاعتقال الإداري التعسفي المنافي لكل الأعراف والمواثيق الدولية.

عذراً أيها البطل، فأي كلمات تلك التي بوسعها وصف شموخك وكبريائك، وأنت تأبى إلا أن تفضح الاحتلال بصمودك البطولي بمعركة الأمعاء الخاوية التي جاوزت الشهرين، تماماً كما كنت تفضحه على رؤوس الأشهاد بصوتك وكلماتك من خلال عملك كإعلامي حر آمن بقضية شعبه، وجاد بالغالي والنفيس من أجل الانتصار للحق والحقيقة، وعمل ليل نهار من أجل تعرية الوجه القبيح لأبشع احتلال عرفه التاريخ المعاصر غير مكترث بالضريبة التي تعلم يقيناً أن الأحرار لا مفر دافعوها، وها أنت تدفع ضريبة الكرامة والحرية بأمعائك الخاوية.

لله درك أيها الفارس النبيل في هذا الزمن الصعب، فأنت تحلق في عنان الكرامة والعزة، وتأبى الهوان والذلة والانكسار لغير الله، فيما تقف سلطات الاحتلال بكل جبروتها عاجزة عن قهر إرادتك، أو النيل من عزيمتك، عذراً أيها البطل فقد بلغ بنا التقصير في نصرتك والتضامن معك مبلغه، إذ اكتفينا بفعالية هنا وموقف عابر هناك، فيما تمر عليك الثواني ثقيلة قاسية مؤلمة، وكأني بك تتساءل لما لم تبادر نقابة الصحفيين والأطر الإعلامية كافة والمنظمات الحقوقية المحلية لتشكيل خلية أزمة لمتابعة قضيتك منذ اللحظة الأولى لإعلانك الإضراب المفتوح عن الطعام، فضلاً عن وضع برنامج فعاليات وخطوات عملية لنصرتك في مختلف المحافل الدولية المعنية بحماية وحريات الصحفيين ؟!، وهل تتدارك الأمر كون المعركة مازالت مستمرة وتزداد خطورة وشراسة مع مرور الوقت؟!.

إن إضراب الزميل محمد القيق المفتوح عن الطعام يسلط الضوء على معاناة الآلاف الأسرى البواسل القابعين خلف زناين الاحتلال الإسرائيلي، ويذكر فصائل العمل الوطني والإسلامي بضرورة القيام بواجبها تجاههم، فقضية الأسرى ينبغي آلا تتراجع في سلم أولويات القيادة الفلسطينية، كما ينبغي آلا تغيب عن المحافل الدولية باعتبارها قضية إنسانية وطنية أخلاقية بامتياز، فهناك الآلاف من الأبطال الذين يستحقون الإشارة إليهم بكل بنان، وبينهم أطفال ونساء، في أكبر تعبير عن وهن كيان الاحتلال الذي يخشى الأطفال والنساء فيدفع بهم نحو المعتقلات والزنازين المعتمة.

وبشيء من الصراحة، لم ترتق نقابة الصحفيين فضلاً عن الأطر الإعلامية لمستوى التضامن المطلوب مع الزميل محمد القيق في معركته مع الاحتلال الإسرائيلي، بما يستدعي ضرورة الاستدراك سريعاً وقبل فوات الأوان للتحرك في مختلف المسارات الممكنة بما يكفل استمرار الضغط على سلطات الاحتلال داخلياً وخارجياً إسناداً للزميل القيق في إضرابه المفتوح عن الطعام، كما أن الأمر يستدعي مراجعة شاملة تفضي لترتيب البيت الداخلي للصحفيين الفلسطينيين، فلم يعد مقبولاً بأي حال من الأحوال وتحت أي مبرر من المبررات استمرار هذه الحالة المزرية من الشرذمة والاهتراء والضعف والعجز، فالصحفي الفلسطيني يستحق نقابة قوية وفعالة ومهنية وبعيدة عن العمل بمنطق حزبي بغيض أفسد وأساء للمهنة كثيراً كثيراً.  

إن التهاون والتقصير في نصرة الزميل محمد القيق وهو يصارع الموت في معركة ضارية مع الاحتلال الإسرائيلي يحمل في طياته رسائل بالغة السلبية للصحفيين الفلسطينيين كافة، مفادها: لا تراهنوا على نصرة أو تضامن حال تعرضكم لما يستدعي ذلك، وكل ما يمكن أن تنتظروه وبعد شيء من التأخير والمداولات والمشاورات، مجرد تصريح أو حتى فعالية لا تغني ولا تسمن من جوع، فأي بؤس هذا الذي انحدر إليه حال الوسط الصحفي الفلسطيني!.

عذراً زميلنا الفارس محمد القيق، فضعفنا وعجزنا واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، ولئن اكتفى البعض ببيان باهت أو فعالية عابرة، فقد أبيت إلا كسر إرادة الاحتلال البغيض، مردداً الحرية أو الشهادة، والله نسأل أن يقر عيوننا برؤيتك حراً عزيزاً بين أحبابك لنحتفل بانتصارك، فأنت وسام فخر في تاريخ الحركة الإعلامية الفلسطينية، ومن الواجب عليها تسجيل اسمك بمداد من شموخ وعزة وكرامة.


 


From: [email protected]
To: [email protected]
Subject: مقال للنشر
Date: Sat, 9 Jan 2016 12:57:47 +0000

 

 

الصحفي القيق وملحمة الصمود

محمد إسماعيل ياسين

كاتب وإعلامي فلسطيني

يواصل الصحفي الفلسطيني محمد القيق الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي إضرابه المفتوح عن الطعام، مسطراً بأمعائه الخاوية منذ أكثر من 40 يوماً ملحمة جديدة في الصمود والإصرار على كسر إرادة الاحتلال البغيض، مبرقاً من خلال صموده برسائل لكل الجهات الصامتة على انتهاك حقوقه كصحفي تكفل له القوانين والمواثيق الدولية العمل بحرية وبعيداً عن أشكال الضغط والإرهاب، مقيماً عليها الحجة، فها هو الاحتلال كعادته يتنكر لكل الأعراف والمواثيق ساعياً لتكبيل الكلمة الحرة، وكتم الصوت النابض بالحقيقة، وحجب صورة المعاناة والألم الفلسطيني دون أن يواجه بأي ضغوط تثنيه عن ذلك.  

إن الأنباء المتتالية عن تدهور الوضع الصحي للصحفي محمد القيق بعد نقله إلى مستشفى السجن تدق ناقوس الخطر، وتمثل دعوة مفتوحة لكل الأطراف والجهات المعنية بحماية الصحفيين سواء المحلية منها أو الدولية لضرورة التحرك قبل فوات الأوان، لاسيما أن الاحتلال يمتلك سجلاً حافلاً في التنكر لحقوق الإنسان، ولديه رصيد زاخر في انتهاك حقوق الأسرى في سجونه المعتمة، فضلاً عن تاريخه الأسود في قمع الصحفيين واستهداف المؤسسات الإعلامية الفلسطينية، مجسداً بذلك قيمه المتناقضة مع الإنسانية، والمنسجمة مع الطبيعة العدوانية لمن تربوا على موائد الدم، وتاريخهم حافل بالمجازر وجرائم الإبادة.

ولعل أبسط الواجبات أن تنبري وسائل الإعلام المحلية وفرسان الإعلام الفلسطيني لمؤازرة زميلهم الأسير من خلال تسليط الضوء بشكل دائم على إضرابه المفتوح عن الطعام، ونقل قضيته كشاهد على همجية الاحتلال في التعامل مع الآلاف الأسرى القابعين خلف زنازين الاحتلال البغيض، فضلاً عن استثمار شبكات التواصل الاجتماعي في تنظيم حملة مناصرة ومؤازرة له، فذلك أضعف الإيمان، دون أن يلغي ذلك ضرورة المشاركة في أي فعاليات تضامنية تنظمها المؤسسات والأطر الإعلامية ذات العلاقة، والتي ينبغي عليها التباري في ذلك، باعتبار نصرة الصحفي الفلسطيني والدفاع عنه أوجب واجباتها، ومبرر أساس لوجودها.

إن اعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلي للصحفي القيق يعكس توجسها الدائم من الإعلام والإعلاميين الفلسطينيين الذين يواصلون دورهم الريادي في فضح جرائم الاحتلال، وتعبئة الشارع الفلسطيني نحو قضاياه الوطنية، مبتعدين بذلك عن مساعي الاحتلال ومن يدور في فلكه لحرف البوصلة عن انتفاضة القدس المشتعلة منذ أكثر من 100 في الضفة الغربية والقدس المحتلة، متحملين جراء ذلك اعتداءات الاحتلال المتواصلة بحقهم، وإجراءات عرقلة عملهم ومنعهم من قبل السلطة الفلسطينية التي تخشى أن تخرج الأوضاع عن سيطرتها، وتمضي في طريق التنسيق الأمني مع الاحتلال، ضاربة بعرض الحائط المشروع الوطني في الصميم، والمصلحة الوطنية في مقتل.     

كما أن إضراب الصحفي القيق المتواصل في سجون الاحتلال يضع مجدداً مصداقية الاتحاد الدولي للصحفيين والمنظمات الحقوقية الدولية على المحك، فصمتها غير مبرر وتقاعسها عن متابعة وضعه الصحي المتدهور يمثل وصمة عار جديدة في جبينها، تضاف لسجل حافل بالعجز أمام جرائم الاحتلال بحق الإعلام والإعلاميين الفلسطينيين، إذ يكفي الإشارة لاستشهاد 17 صحفياً فلسطينياً خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة دون أن نلمس أي تحركات على صعيد لجم جيش الاحتلال عن عدوانه واستهدافه غير المبرر للمؤسسات الصحفية والإعلاميين الفلسطينيين، فضلاً عن محاكمة قادته على جرائمهم.

ومما لا شك فيه، أن الصحفي القيق بإضرابه المفتوح عن الطعام يعكس عزيمة وإصرار فرسان الإعلام الفلسطيني على فضح الاحتلال بكلماتهم وصورهم بل بأمعائهم الخاوية وأطرافهم المبتورة وأشلائهم المتناثرة في ميادين المواجهة مع جيش وكيان غاصب تدثر بأعتى أنواع الأسلحة، وتجرد من أبسط القيم الإنسانية، وولغ في انتهاك الحريات الإعلامية وقمع الصحفيين، متوهماً أن المزيد من الإرهاب والقمع للصحفيين الفلسطينيين يمكن أن يثنيهم عن دورهم الوطني وواجبهم المهني، وأنى له ذلك.