خبر أحد ما يُعتمد عليه-هآرتس

الساعة 11:25 ص|23 يناير 2016

فلسطين اليوم

بقلم: يوئيل ماركوس

 (المضمون: لدينا رئيس أركان موضوعي، مهني، مستقيم يعرف ما يمكنه وما لا يمكنه وباختصار رئيس اركان في ايام من الاحابيل والتخويفات، يمكن الاعتماد عليه - المصدر).

       في نيسان 1978 عُين اللواء رفائيل ايتان رئيسا للاركان الـ 11 للجيش الاسرائيلي. وزير الدفاع عيزر وايزمن هو الذي اوصى مناحم بيغن بالتعيين المفاجيء، وشرح لرفاقه المقربين بان رئيس الاركان المنصرم، موتي غور، ثرثر حتى الجنون. « أخيرا سيكون لنا رئيس اركان ساكت ». وبالفعل، خطاب الشكر لرافول للحكومة تضمن 18 كلمة. ولاحقا، اصبح رئيس الاركان الاكثر ثرثرة الذي عرفه الجيش الاسرائيلي.

          بين 21 رئيس اركان تولوا مهامهم هنا، غير قليلين كانوا مشاركين في السياسة. موشيه دايان كان يظهر في الندوات السياسية لحزب مباي – هناك دارت صراعات خفية بين خريجي البلماخ وخريجي الجيش البريطاني – في البزات العسكرية. ومع مرور السنين، قام مستوى من رؤساء الاركان تطلعوا للانخراط في السياسة، بل حتى الوصول الى رئاسة الوزراء. قفزة اسحق رابين لرئاسة الوزراء فتحت شهية الجنرالات. احد رؤساء الاركان، الذي سُئل للاجابة على ذلك قال: « اذا كان بوسع رابين فلماذا ليس أنا ».

          هذا يذكر قليلا بقول نابليون بان في جعبة كل نفر يكمن عصا الجنرال. وبالفعل، بعض الجنرالات الشهيرين في الجيش الاسرائيلي وصلوا الى المناصب الاعلى في السياسة، مثل ارئيل شارون، رابين وايهود باراك. آخرون وصلوا الى مناصب في الحكومة وفي الكنيست.

          ولكن ليس جادي آيزنكوت. الرجل، « الجولاني »، في كل أضلاعه، بعيد عن اظهار شهية كهذه. وهو ليس مدينا في شيء لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ولا يرى في تعيينه خشبة قفز سياسية، يكاد لا يظهر علنا في الاجتماعات وفي الاحتفالات، وليس ملحا له ان يوضح كم هو عظيم.

          فيه نوع من الاستقامة، تجعل تطلعه المركزي هو أن يؤدي مهامه بشكل موضوعي ونزيه. عرضوا عليه رئاسة الاركان قبل بيني غانتس، ولكنه رفض. قال شكرا، لكن لا، انا بحاجة لان أنضج. ايديولوجيته هي الدفاع عن الدولة، ليس عن مصالح رئيس الوزراء. ليس صدفة أنه كان هناك من لقبه « شوكة في قعر المستوطنين ».  لن نسمع منه وعودا بلا غطاء، كالادعاء بانه يمكن القضاء على الارهاب. فهو لا يعرف ما يمكن وما لا يمكن عمله. وفي منصبه كسكرتير عسكري لرؤساء الوزراء، قال ما فكر به ولم يكن بصيما للسياسيين.

          101 عملية ضرب سكاكين وقعت في الاشهر الثلاثة الاخيرة، ولم يكن لنا حتى اخطار استخباري واحد، يقول. هذا ليس انتقادا على الاستخبارات العسكرية او على الموساد – هذا بالمبطن انتقادا على عقل القيادة الحاكمة. فهو ضد الاغلاقات والاطواق، بل وحتى ضد هدم المنازل ردا على عمل ارهابي لاحد افراد العائلة الشبان. وعندما يقول ان الارهاب يضعنا في اختبار قيمي بالنسبة لشكل معالجة الابناء الذين يخرجون لتنفيذ عمليات – فانه يتحدث عمليا عن الحاجة، من الجيش ايضا، للاخذ بالحسبان، اليأس، واحساس انعدام المخرج الذي يعيشه الفلسطينيون. وعليه، من ناحيته، فان خروج مئة الف عامل وأكثر للعمل في اسرائيل هو مصلحة للطرفين، وعلى حد تعبيره: « هناك حاجة للحفاظ على الامل لدى السكان الفلسطينيين الذين يكافحون في سبيل نيل رزقهم ».

          انه لا يتحدث عن المستوطنين، لا معهم ولا ضدهم. وهو بالتأكيد ليس « سلامي ». هو يتحدث كمن يعرف ما يمكن للجيش ان يفعله وما لا يمكنه. وهو ليس خطابيا بل اصلاحيا. يفكر بطريقة مختلفة عن بيبي، الذي لا يرى الا التهديدات كل الوقت، ولكن لا يقاتل ضد المخاطر الحقيقية. يفكر بان في الاتفاق النووي الايراني توجد تهديدات، ولكن توجد فرص ايضا، وان ليست ايران هي المشكلة بل حزب الله. خير ان في مثل هذه الايام، ايام الارهاب، ضرب السكاكين وانعدام الامل، ايام الاحابيل والتخويفات، يوجد على الاقل احد ما يمكن الاعتماد عليه.