خبر « أنا لا أحرض » -يديعوت

الساعة 11:20 ص|23 يناير 2016

فلسطين اليوم

بقلم: ناحوم برنيع

 (المضمون: لعل كل ما يريده ابو مازن هو ان يعيد السلطة الى جدول الاعمال الاسرائيلي، وفلسطين الى جدول الاعمال الدولي - المصدر).

رام الله. أبو مازن، 81، يبدو في حالة ممتازة. وجهه لامع، ظهره مستقيم، كلامه قاطع. يخيل أن الانباء عن اعتزاله القريب وعن انهيار السلطة الفلسطينية، طوعا كان أم غصبا ملأته بروح قتالية. لقد درج ارئيل شارون على أن يقول في كل مرة يفكر فيها بالاعتزال انه ينظر الى طابور اولئك الذين يرغبون في وراثته فيندم. ولا يمكن ان نستبعد امكانية أن يكون ابو مازن يجتاز مسيرة مشابهة. نبأ اعتزاله، قبل بضعة اسابيع، ولد حرب وراثة بشعة في قمة منظمة فتح. والضرر الهامشي، من ناحيته، كان المنافسة بين المرشحين على من هو معادٍ أكثر، كفاحي أكثر، تجاه اسرائيل. « أنا لا أعتزل »، قال لنا ابو مازن أمس.

 

          لقد دعا الى مكتبه في المقاطعة مجموعة من الصحافيين من وسائل الاعلام الاسرائيلية. وكالمعتاد لدى الفلسطينيين كان من الصعب حل اللغز ما هي الرسالة، ما هي الاحبولة، ولماذا الان بالذات. معقول الافتراض بان التقدير الذي خرج عن جهات اسرائيلية رسمية بان السلطة الفلسطينية كفيلة بان تنهار قريبا، أخرجت من ابو مازن قوى نفسية. انتم تقولون اننا سننهار؟ فتفضلوا. ولعل كل ما يريده هو ان يعيد السلطة الى جدول الاعمال الاسرائيلي، وفلسطين الى جدول الاعمال الدولي.

 

          « لا توجد مفاوضات بيننا وبين نتنياهو »، اوضح، « ولكن توجد اتصالات يومية بين المكتبين ». وقد رفض القول من يجري الاتصال في الجانب الاسرائيلي، فهل قصد على أي حال المحامي مولكو أم منسق اعمال الحكومة في المناطق، اللواء فولي مردخاي، ولكنه أصر على أن الاتصالات تجري. الاسم الوحيد الذي ذكره كان اسم الوزير السابق سلفان شالوم. فقد قال: « كان يهاتف هنا بين الحين والاخر ». وعندما ذكرناه بانه استقال اضاف بابتسامة: « في الماضي ».

 

          هدف الاتصالات، حسب ابو مازن، هو ترتيب لقاء بينه وبين نتنياهو، وربما قبل ذلك لقاء تمهيدي على مستوى أدنى. « قبل شهرين توجهت لنتنياهو، وهو لم يعد الي »، قال. مكتب نتنياهو نفى أمس، ردا على اقواله، بانه تجري اتصالات. ويقول مكتبه ان « نتنياهو يريد استئناف المفاوضات بدون شروط مسبقة. اما ابو مازن فيرفض ».

 

          وأكد ابو مازن بانه يطرح شرطين: تجميد البناء في المستوطنات وتنفيذ المرحلة الرابعة من تحرير السجناء. وقال: « هذه ليست شروطا مسبقة. كل الاسرة الدولية تقول ان البناء في المستوطنات غير شرعي ويتعارض مع قرارات الامم المتحدة. وبالنسبة لتحرير السجناء هناك اتفاق وعلى حكومة اسرائيل أن تحترمه ».

 

          وأعلن عن هدفين سياسيين للفترة القريبة القادمة: انعقاد مؤتمر دولي للبحث في النزاع، في صيغة مؤتمر انابوليس في 2007، ويعمل المؤتمر على تحقيق مبادرة السلام السعودية، التي يؤيدها ابو مازن، والتوجه الى مؤسسات الامم المتحدة، والذي سيتم اذا ما وعندما تقرر اللجنة التي عينتها الجامعة العربية عمل ذلك. وتضم اللجنة في عضويتها مصر، الاردن، المغرب، السلطة الفلسطينية وامين عام الجامعة.

 

          نحن سألنا عما يزعج الاسرائيليين: موجة الارهاب، التنسيق الامني، التحريض، المساعدة التي تعطيها السلطة لعائلات المخربين، رفض ابو مازن الاعتراف باسرائيل كالدولة القومية اليهودية.

 

          هو لم يبرر موجة الارهاب: بل فسرها. بزعمه، الارهاب اندلع الان بسبب: 1. غياب الافق السياسي؛ 2. هجمات المستوطنين، مثل قتل عائلة دواشة؛ 3. قضية الاقصى. في هذه النقطة اتهم وزراء اسرائيليين بالاستفزازات في الحرم مما يحول النزاع من سياسي الى ديني. تصريحات الوزراء تخدم أهداف منظمات الارهاب العالمي التي تسعى الى أخذ الرعاية للاقصى.

 

          السلطة تحترم الاتفاق على التنسيق الامني، شدد. نحن نتعرض على هذا لكثير من الانتقاد ولكننا لا نتم بذلك. وقال: « اليوم التنسيق قائم بكامله. نحن نمنع الارهاب في مناطقنا ونمنع انتقال الارهاب الى اسرائيل. اما ما سيحصل غدا فلا اعرف ». وكانت النبرة التي استخدمها نقية من أي تلميح بالتهديد. أما بالنسبة للجوهر فأنا متأكد أقل.

 

          لقد اصر على انه لا يحرض. كانت لجنة مشتركة لمكافحة التحريض، قال. نحن نريد ان نستأنف نشاطها ولكن اسرائيل ترفض. الرواتب التي يدفعها لعائلات المخربين واعمال التخليد للشهداء شرحها  بقانون من عهد عرفات وبالثقافة الفلسطينية. وبالمناسبة روى ان السلطة تدفع رواتب لعائلة الفلسطيني الذي اعدم في فترة عرفات بتهمة التجسس لصالح اسرائيل. مثل الاسرائيليين، ابو مازن هو الاخر يعرف انه دوما توجد حكومة سابقة يمكن اتهامها.

 

          مطلب الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية هو ابتكار من نتنياهو، كما ادعى. والدليل هو ان اسرائيل لم تطرح مثل هذا المطلب على مصر والاردن عندما وقعت معهما على اتفاق سلام.

 

          رام الله في الليل هي مدينة لا مبالية، لا مبالية مثل تل أبيب. الشوارع الرئيسة مليئة بالسيارات، يافطات النيون للمحلات مليئة بالعبارات الانجليزية. مثل تل أبيب، ناقص العمليات. هذه ايضا رسالة مشوقة خرجت من اللقاء مع ابو مازن.