خبر أيامهم معدودة -هآرتس

الساعة 11:26 ص|19 يناير 2016

فلسطين اليوم

بقلم: تسفي برئيل

 (المضمون: الى حين اتفاق جميع الاطراف الدولية والاقليمية على الحل في سوريا، سيموت الكثير من الاطفال بسبب الجوع والمرض - المصدر).

 

          مرت أكثر من ثلاثة اشهر منذ أن زعزعت صورة الطفل ايلان كردي (3 سنوات) العالم. الطفل الذي جرت الامواج جثته الى شواطيء تركيا بعد غرق السفينة التي هربت فيها عائلته من سوريا. في الاسبوع الماضي عاد ايلان ليتصدر صفحات « شارلي ايبدو » من خلال كاريكاتور مخيف: « ماذا كان ايلان سيصبح لو أنه كبر ولم يمت؟ »، كُتب هناك. الرسم يجيب بصورة حقيرة حيث ظهر ايلان بوجه كائن من الفضاء وهو يطارد امرأة اوروبية تهرب من اللاجيء الذي يحاول الامساك بمؤخرتها.

 

          تم التنديد بهذا الكاريكاتور من جميع الجهات، بالذات من قبل اللاجئين الذين اعتبروه تحريضا وتشويها جماعيا لأناس بؤساء فقدوا وطنهم وعائلاتهم. لكن حرية التعبير هي شيء مقدس. فمن لم يندد بالكاريكاتور الذي وصف النبي محمد على أنه ارهابي، لا يمكنه أن يندد الآن بـ « المغتصب ايلان ».

 

          على عدد من صفحات الفيس بوك كان باستطاعة رسام الكاريكاتور ريس الذي أصيب في الهجوم على « شارلي ايبدو » أن يجد عدد اضافي من الاولاد، الذين لو بقوا على قيد الحياة لكانوا سيكبرون كمتحرشين جنسيين.

 

          على صفحة الفيس بوك لمركز المعلومات لمدينة « مُعدمية » في غرب دمشق، تظهر صور ضارب الاطفال لين ويوسف ومرام الذين ولدوا قبل اشهر معدودة، وبطونهم فارغة. وحسب شهادات الاطباء الذين بقوا في المدينة فهم يعانون من سوء التغذية والنقص في الادوية وأيامهم معدودة.

 

          الخوف هو من أن مصير « معدمية » سيكون مشابها لمصير « مضايا » التي حظيت باهتمام وسائل الاعلام بعد أن مات فيها 30 شخصا من الجوع. الاصداء التي اثارتها قصة مضايا في العالم ساعدت سكانها الذين حصلوا في الاسبوع الماضي على الغذاء والدواء. مُعدمية في المقابل لم تثير بعد الاهتمام الدولي، ومثلها هناك دزينة من المدن التي يحاصرها الجيش السوري ورجال حزب الله، وهم غير مستعدين للسماح للغذاء والادوية بالدخول اليها.

 

          لكن المتمردين الذين ينشغلون في الصراع السياسي حول شروط انهاء الحرب، يلتصقون بكل سنتيمتر احتلوه من اجل استخدامه كورقة مساومة في المفاوضات. المشكلة هي أن جهود بلورة ممثلية مقبولة تستطيع مفاوضة النظام، لم تثمر. يتوقع أن يعقد المؤتمر الدولي في يوم الاثنين القادم لمناقشة استمرار تطبيق قرار الامم المتحدة لتشكيل حكومة مؤقتة. لكن في هذه الاثناء ليس هناك من يقوم بتشكيلها.

 

          أبلغت روسيا الولايات المتحدة أنها غير مستعدة لأن يكون « جيش الاسلام » وميليشيات « احرار الشام » جزءً من المعارضة. تلك هي منظمات المتدينين الكبرى الذين أيدتهم السعودية طوال الحرب. روسيا غير مستعدة ايضا لأن تمثل المعارضة من قبل المنظمات التي اجتمعت في قمة الرياض قبل ثلاثة اسابيع وفيها وضعت قائمة متفقا عليها. هذه القائمة تعارضها ايران خاصة لأن السعودية بادرت الى تشكيلها. وفي ظل العلاقات الحالية بين السعودية وايران يصعب رؤية كيف ستوافق كل واحدة منها على القائمة التي ستقدمها خصمتها. روسيا تقف الى جانب ايران وضد السعودية والولايات المتحدة. والسؤال هو هل تستطيع روسيا وايران اقتراح قائمة متفق عليها من الممثلين وتؤيدها ايضا مليشيات المتمردين.

 

          لا يجب حبس الانفاس في انتظار الجواب. لأنه عندما تريد روسيا ضم المليشيات الكردية، رغم معارضة تركيا الشديدة، وتأييد ذلك من قبل الولايات المتحدة، في حين أن الولايات المتحدة تؤيد القائمة السعودية، يبقى فقط الجيش السوري الحر كجسم وحيد تتفق عليه جميع الاطراف – جميع الاطراف باستثناء باقي المليشيات. يبدو للحظة أن الاتفاق بين واشنطن وموسكو، الذي يقول إن الاسد يمكنه البقاء حتى الانتخابات، سينقذ المفاوضات من الطريق المسدود، لكن هناك مطالب خاصة للمليشيات حيث تشترط وجود المفاوضات بتنفيذ قرار الامم المتحدة الذي ينص على اطلاق سراح أسراهم ونقل المساعدات الى المناطق المسيحية.

 

          هذه مطالب يرفض النظام السوري قبولها. ومثل المليشيات فان الاسد يسعى الى توسيع مجال سيطرته قبل بدء المفاوضات، لذلك هو يطلب من المليشيات اخلاء المناطق المسيحية قبل السماح لشاحنات الغذاء بالدخول اليها.

 

          حسب الجدول الزمني الطموح الذي جاء في قرار الامم المتحدة، على الاطراف تشكيل حكومة مؤقتة خلال نصف عام واجراء الانتخابات خلال عام ونصف. وكما تبدو الامور اليوم فان الجدول الزمني سيتغير كثيرا ويتأجل كثيرا. وفي الوقت الحالي سيستمر الاطفال في مُعدمية ومدن اخرى بالموت جوعا وبسبب المرض. في هذه الاثناء يتوقع عاصفة ثلجية جديدة. وقد استغل الكثير من سكان القرى الاشجار الموجودة من اجل التدفئة، وهم الآن يقومون بجمع الملابس القديمة والصحف والاحذية البلاستيكية من اجل احراقها والحصول على الدفء. بقيت فقط اربعة اشهر والصيف سيعود من جديد.