خبر نعم نعم، زوال الشعب -هآرتس

الساعة 11:24 ص|19 يناير 2016

فلسطين اليوم

بقلم: اسحق ليئور

 (المضمون: ازمة الديمقراطية، ليس في اسرائيل وحدها، هي زوال موضوعها الاساسي ألا وهو الشعب - المصدر).

 

          أبو علم الاجتماع ماكس فيبر اعتبر أن الدولة هي صاحبة الاحتكار في استخدام العنف المشروع. تستطيع حكومة اسرائيل أن تسجل لنفسها انجازا لم تخترعه: خصخصة العنف. الاحتلال والتوسيع المتواصل في استخدام جنود الاحتلال ضد الفلسطينيين « شعب يطلق النار ». هذه مرحلة اخرى في موت السياسة: اذا لم يقتلوا فهم يقومون بشتم العرب أو « اليسار ». وهذا يشبه سلوك قبيلة عربية.

 

          قبل أن ترتاح مؤخرة درعي على الكرسي الجديد جاء أمر منع مغادرة البلاد لرؤساء الحركة الاسلامية، انطلاقا من صلاحياته الكولونيالية. ومن اجل زيادة سعادته تسلى ببوست « وقعت على أمر منع مغادرة البلاد لرائد صلاح من الجناح الشمالي للحركة الاسلامية ونائبه كمال خطيب ونشطاء آخرين. يريدون الاساءة؟ إذا ليبقوا في البلاد. إن أمن دولة اسرائيل أكثر أهمية بقليل من حقوقهم »، وكُتب ايضا « اتركوني حتى أدخل وأفعل ما أريد وبعدها سآتي إليكم ». بكلمات اخرى: كم أنت رجل أيها الحاخام، أكثر من جلعاد أردان.

 

          هناك من يحتج على دخول درعي الى وزارة الداخلية. وقد وصل الموضوع الى محكمة العدل العليا لمحاربة ذلك انطلاقا من الاخلاق. لكن على قرار درعي هذا صمت الليبراليون. وهذا فقط مثال على الفراغ الذي يحيط بالسلطة حيث تتسع البيبية في هذا الفراغ في الوقت الذي يلعب فيه المعارضون ببرازهم. هذا منطق التحقيقات في التلفاز التجاري. يلقون شخصا من اليسار للكلاب من اجل الاهتمام بـ « الفساد » بدون رقيب.

 

          إن أبرز محطات تدهور الديمقراطية كانت اخراج الحركة الاسلامية خارج القانون – وهذا انطلاقا من الاوامر الكولونيالية. المعسكر الليبرالي صمت، بل أيد. وصمت ايضا حينما اقتحمت الشرطة في الاسبوع الماضي مؤتمر صحفي للجنة المتابعة العليا للمواطنين العرب وقامت بفضه بالقوة وكأن الحديث هنا لا يدور عن منتخبي الجمهور. لم يتحدث أحد. ومع وسائل اعلام كهذه فان بيبي لا يحتاج الى حلفاء.

 

          الجدال الاساسي الذي قسم المجتمع السياسي – الاحتلال – تلاشى. ليس مهما اذا كنا ندفع ثمنا باهظا له أو نتهرب من دفع الثمن. القتلى اليهود يحظون بعناوين كبيرة. والقتلى العرب يحظون بعناوين صغيرة. أعاد نتنياهو معارضيه الى داخل القوة الانتخابية للمستوطنين والى داخل تحالفات مع اوساط غير مهمة على شاكلة المجتمع الاسرائيلي. ونظرا لأنه لا يوجد مجتمع مدني ولم يكن مجتمع كهذا فان جدالات اخرى لا تحدث. وحتى الجامعات التي كانت في الماضي معقل نشاط المعارضة أصبحت فارغة. لجان المحاضرين السياسية غير موجودة. تعتقد شيلي يحيموفيتش أن الابتعاد عن موضوع الاحتلال سيحول الجدل بين اليمين واليسار الى جدل بين الرأسمالية والبروليتارية. ونحن نأكل ثمار أخطاءها. لا توجد معارضة للبيبية. حينما يقتلون العرب يكون الامر مناسبا له، وحينما يقتلون اليهود يكون مناسبا أكثر.

 

          لذلك فان الجدل حول ما اذا كنا « نعيش تحت الفاشية » أم لا، يبدو هزليا. لا توجد قوة تهدد الحكم. فلماذا اذا ليس فاشية؟  إن الشعب وراءه. تستطيع الديمقراطية، التي هي مثل مسيرة الفخار التل ابيبية، أن تشكل مادة دعائية في الغرب: اسرائيل هي جزيرة متقدمة في داخل خراب انساني من حولها، بما في ذلك الخراب الذي تسببه. وعزرا ناوي؟ من سمع عنه؟ من يهتم به؟.

 

          ما هي حقيقة الديمقراطية الاسرائيلية؟ نحن نشاهد الاخبار، كشمارو، نتنياهو، دماء على الشارع. وبعدها كل شيء جاهز من اجل تلفاز الواقع: يصوتون أو يشاهدون الحكام وهم يصوتون، توتر، انفعال، الازمة الحقيقية للديمقراطية ليس فقط في اسرائيل، هي اختفاء موضوعها، الذي هو الشعب، وتحويله الى جمهور غفير ينظر الى التلفاز. في سجن 400 تجلس تئير كمينار التي ترفض الخدمة في الجيش. لو أن شعلة من الأمل تدفيء لياليها الباردة هناك.