خبر بلعين في تل ابيب- هآرتس

الساعة 11:22 ص|07 يناير 2016

فلسطين اليوم

بقلم: عميره هاس

إن السهولة التي نجح فيها شاب واحد قتل شخصين، بشل مدينة كاملة لعدة أيام، أيقظت خيال الشباب الفلسطينيين. قال لي فلسطيني في الخمسينيات من عمره بعد أن سأل مرة اخرى وبشكل يائس: « حكومتكم المجنونة هذه لا تفهم أن السيطرة بالقوة لن تصمد الى الأبد ». هذا الفلسطيني لم تكن له أي معلومات استخبارية وقد اعتمد فقط على التفكير المباشر والعقلاني. في يوم الثلاثاء دار الحديث عن شاب فلسطيني آخر اختفى في هرتسليا وأعلن عن نيته تنفيذ عملية.

          النبأ حول وجود مسلح طليق بعد أن قام بالقتل، يخيفنا ويقيد حرية حركتنا ويضفي الشعور بعدم اليقين في الايام القادمة. اذا قمنا بحذف الحروب والعمليات العسكرية فان هذا هو الوضع الفلسطيني الدائم. العادي، الطبيعي والغير طبيعي. وبدون أي حماية.

          أثبتت تل ابيب في الايام الاخيرة أنه لا حاجة الى أكثر من قتيلين من اجل الخوف من قاتل مسلح وطليق. وعلى مدى آلاف الايام تجول اسرائيليون مسلحون وجهوا ويوجهون الاسلحة للسكان المدنيين الفلسطينيين. بالنسبة لنا تعتبر هذه خدمة عسكرية أو خدمة احتياط. وبالنسبة للفلسطينيين تعتبر هذه كتائب من القتلة الفعليين أو المحتملين.

          بالنسبة للأم في رعنانا وبالنسبة للأخت التي تتنزه في الهند، الجندي في وحدة « كفير » أو « جفعاتي » هو الابن وهو الحبيب. وبالنسبة للعائلة في مخيم الدهيشة أو في الخليل التي اقتحم بيتها فانه المسلح الذي قتل والذي يمكن أن يقتل في أي لحظة.

          مع ذلك، الامر كان مختلفا شيئا ما ذات يوم. « في السبعينيات كان يمكنك الاقتراب من الجيب العسكري والقاء زجاجة عليه أو رشقه بالحجارة الكبيرة ». « اصدقائي من المدرسة فعلوا مثلي. أجبرنا الجيب على التراجع الى النقطة التي تم فيها رشقه بالحجارة من منطقة مرتفعة. الجندي لم يطلق النار علينا. نحن نعرف أن لديه أمر باطلاق 30 – 40 رصاصة اذا اعتقد أن هناك من يريد دهسه ».

          حتى صباح يوم الثلاثاء فان الـ 86 فلسطيني أو فلسطينية الذين قاموا بطعن اسرائيليين أو تم الادعاء أنهم حاولوا الطعن أو الدهس، قُتلوا على أيدي قوات الامن أو المواطنين المسلحين. كل فلسطيني يقترب بسيارته من الجنود أو المستوطنين، كل فلسطيني يُدخل يده في جيبه لاخراج الهوية، يخاف من أن يطلق الاسرائيلي المسلح الذي أمامه النار عليه وعندها يدعي أنه خطط لعملية. « بسبب أن »الشباك« توصل الى استنتاج أنهم أفراد، ولا توجد خلية منظمة يريد الكشف عنها أو اعتقالها. فانه توجد للجنود أوامر بالقتل دون أن تكون حياتهم معرضة للخطر. وبهذا توفر اسرائيل من نفقات الاعتقال والمحاكمة »، قال الفلسطيني الذي تحدث معي.

          الاعدام بدون محاكمة يستمر بدون عراقيل. وباستثناء احتجاج « المدسوسين » فان الامر يجد التفهم الكبير في اوساط الجمهور الاسرائيلي. الاعدام والتعاطي مع الجثث التي لا تتم اعادتها يستمران في اسكات الفلسطينيين الآخذين بالازدياد والذين يعارضون الانتفاضة المخصخصة. مثل زميلي في الحديث.

          في السبعينيات اعترفت اسرائيل بمكانتها كدولة محتلة وبمسؤوليتها عن السكان الذين تحت سيطرتها. اتفاق اوسلو المؤقت – الدائم يسمح لاسرائيل بالتنصل من مسؤوليتها عن السكان وتزوير اصوات الجانب الذي يتعرض للاستهداف.

          في ظل غياب أي أفق خاص وجماعي فان الشباب متحمسين لمعاقبة اسرائيل حتى لو بنسبة 1 بالألف في المئة. الانتفاضة المخصخصة هي مثل الانتفاضة المخصخصة: التقليد هو البديل للتفكير والتنظيم.