خبر حل اللغز يستحق الثناء رغم الرد البطيء-معاريف

الساعة 10:31 ص|04 يناير 2016

فلسطين اليوم

بقلم: يوسي ملمان

          (المضمون: « الشباك » حقق انجاز كبير حينما كشف عن منفذي عملية دوما وقدم لوائح اتهام. إلا أن هناك خلايا ما زالت فاعلة ويمكن أن تقوم بتنفيذ عمليات مشابهة - المصدر).

          كان « الشباك » يستطيع الحديث أمس عن انجاز يجدر التفاخر به – تقديم لوائح اتهام ضد المشبوهين بقتل أبناء عائلة دوابشة في قرية دوما في تموز 2015. إن حل لغز القضية بالتعاون مع الشرطة هو شيء يستحق الثناء لا سيما على خلفية الانتقاد الجماهيري الشديد. لكن « الشباك » وجد نفسه أمس في حالة الدفاع عن النفس ومعرضا للانتقاد القائل « أين كنتم حتى القتل؟ لماذا لم تعملوا قبل ذلك بنفس القوة؟ ».

          « الشباك » عن طريق القسم اليهودي يعرف جيدا ومنذ بضع سنوات الاشخاص الفاعلين وهم شباب فوضويين، جيل ثان أو ثالث للمستوطنين تمت تسميتهم في السابق « شبيبة التلال » وهم الآن يستحقون اسم « الخلايا السرية ». خلايا تسمى « مملكة يهودا » مع ايديولوجيا واضحة تهدف بواسطة الدعاية والاعمال، الى التمرد على السلطة في اسرائيل واسقاطها واقامة نظام ديني متطرف يُذكر بحلم « الدولة الاسلامية » لداعش.

          ورغم أنه كانت عمليات ارهابية كثيرة في الضفة الغربية وفي اسرائيل – احراق الكنائس والمساجد والسيارات والمنازل – فان رد « الشباك » كان بطيئا لدرجة ولدت الانطباع أن « الشباك » لا يهتم بهذه الظاهرة أو أنه فهم « رغبة القائد » – حكومة يمينية متسامحة وجمهور واسع للمستوطنين بما في ذلك حاخامات ينظرون الى السماء ويغمزون أو يغمضون أعينهم.

          وقد بدأ ذلك بقطع اشجار الفلسطينيين ورشق الحجارة عليهم. لكن ذلك تحول بسرعة الى عمليات خطيرة أكثر عنفا. ففي تشرين الاول 2013 بدأت تتبلور عند شبيبة التلال الايديولوجيا المعادية للصهيونية والتي تهدف الى تغيير الحكم « الذي يمنعنا من بناء الهيكل ومن الانبعاث الحقيقي والكامل »، كما جاء في وثيقة كتبها زعماء المجموعات وعلى رأسهم مئير اتينغر حفيد مئير كهانا الذي هو موجود تحت الاعتقال البيتي وهو القائد والسلطة الروحية لهم.

          حسب رأيهم « لا حق لوجود دولة اسرائيل، لذلك نحن غير ملزمين بقواعد اللعب » و« في البداية نهدم وبعدها نبني » و « هناك حاجة للتضحية بالنفس ».

          من أهم الافكار الايديولوجية للخلايا السرية اسقاط الحكم واقامة « حكم يهودي » تكون أسسه: الالتزام بتنصيب ملك والغاء العمل الاجنبي والاعلان عن الالتزام ببناء الهيكل ووضع جدول زمني لذلك وطرد الاغيار (العرب) وفرض الدين على الجمهور. إن طريقة العمل التي اختيرت لتحقيق هذه الاهداف كانت تنفيذ العمليات « في نقاط ضعف الدولة ».

          وقد بلور اعضاء المجموعة من الدين مراحل العمل. في البداية الدعاية وبعد ذلك اعمال أولية وفي السياق القيام بالتمرد على أمل الوصول الى مرحلة الحسم. « الخضوع أو التنازل عن السلطة أو قمع التمرد، الامر الذي سيؤدي الى الانقلاب ».

          تبدو هذه النظرية غريبة لا سيما عند الحديث عن مجموعة تضم عشرات النشطاء الذين بعضهم أشباب في العشرينيات من اعمارهم ويعيشون في الغابات أو الخيام أو في أكياس النوم تحت السماء ويأكلون ما يقع تحت أيديهم، اضافة الى بضع مئات من الاشخاص الذين قد يكونون مؤيدين لهم ولافعالهم.

          إلا أن اعمالهم كانت خطيرة وعنيفة. ففي شباط 2014 قاموا باحراق منزل غير مأهول في قرية سلواد. وفي نيسان قاموا بالتخريب في دير رفات بالقرب من بيت شيمش وبعد ذلك كانوا ينوون القيام باعتصام عنيف خلال زيارة البابا. ومنذ صيف 2014 زاد عنفهم درجة. وفي تشرين الثاني وكانون الاول 2014 قاموا باحراق منازل مأهولة ولكن لحسن الحظ لم تكن اصابات في اوساط السكان.

          في شباط 2015 قاموا باحراق كنيسة الدومنيكان في القدس. وفي حزيران 2015 قاموا باحراق كنيسة الخبز والسمك على شاطيء طبرية وبعد ذلك بشهر في تموز كانت العملية الارهابية في دوما.

          حينها فقط استوعب « الشباك » هذا الامر وقرر التركيز أكثر. صحيح أنه قبل ذلك تم تنفيذ محاولات استخبارية مثل محاولة تجنيد عملاء والتنصت على الهواتف ومطاردة اعضاء الخلايا. وفي صالح « الشباك » يُقال إن « المملكة اليهودية » حظيت بتمويل معين وحصلت على التبرعات المالية والغذائية وحظيت بمعارضة شديدة لازالة البؤر وتسامح القضاة الذين لم يفهموا ولم يرغبوا في فهم خطورة هذه الافعال. وأهم من ذلك أنهم لم يرغبوا في توقع المستقبل وفهم أنه اذا تساهلوا في عقوبة من تم القاء القبض عليهم فانهم سيعودون الى افعالهم وبشكل أكبر.

          الحديث يدور عن جماعة مصممة اغلبية اعضاءها لا ينصاعون لمرؤوسيهم أو معلميهم. وهم يعتمدون على الحاخامات المتطرفين الذين كتبوا تحت غطاء الدين كتابات كراهية وعنصرية مثل الحاخام غينزبورغ الذي كتب « نظرية الملك » وهم يقدمون تفسيراتهم الخاصة الاكثر تطرفا.

 

          يقوم النشطاء القدامى بنقل الايديولوجيا الى الشباب الجدد ويدربونهم على كيفية العمل. أحد هؤلاء النشطاء هو موشيه اورباخ الذي كتب وثيقة بعنوان « مملكة النوايا السيئة » والتي تحدث فيها عن كيفية التملص من « الشباك » والشرطة. وتحذر الوثيقة من استخدام الهاتف المحمول، « كل هاتف محمول يُظهر مكان المكالمة وأين يتواجد الجهاز حيث يمكن معرفة مكانه ». وتحذر الوثيقة ايضا من التنصت أو التصوير ووضع وسائل الملاحقة في السيارات أو إبقاء بصمات الاصابع.

          خلال سنة 2015 تم اعتقال اربعة نشطاء اعتقالا اداريا واثنان في الاقامة الجبرية البيتية و13 شخص في الاعتقال البيتي الليلي وتم تقديم 36 لائحة اتهام ببنود مختلفة، الكثير منها بسبب الاخلال بالأوامر الادارية. وهذه المخالفة لم يتعامل معها القضاة بالخطورة المطلوبة، ويحاول « الشباك » الآن سن قانون يسمح له بوضع القيود الالكترونية داخل اسرائيل بحق من فرض عليه الابعاد أو الاقامة الجبرية.

          ورغم الرضى في « الشباك » بعد تقديم لوائح الاتهام وحل لغز أكثر من 20 حادثة على العرب برشق الحجارة والحاق الضرر بممتلكاتهم، فانهم يعرفون في « الشباك » أن التنظيم لم ينته بعد. فقد بقي في الخارج 20 – 30 نشيط خطرين يحاولون الاستمرار بهذه الافعال. وحتى الآن يقولون في « الشباك » إن نشطاء « مملكة يهودا » لم يُظهروا أي رغبة لاستخدام السلاح في تنفيذ العمليات، لكن ذلك يمكن أن يأتي.