خبر لو أنها كانت جمل- هآرتس

الساعة 11:17 ص|27 ديسمبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: جدعون ليفي

 (المضمون: لو كانت سماح جمل لكان تم التحقيق في ظروف قتلها، إلا أنها لسوء حظها ولدت فلسطينية وليس حيوان - المصدر).

 

          لو كانت سماح عبد الله جمل لسمعتم عنها. لو كانت جمل لاعتقل الجنود التي قتلوها وحوكموا. لو كانت حيوان وليست فتاة فلسطينية عمرها 18 سنة ونصف لكان قتلها زعزع الكثيرين في اسرائيل.

 

          لكن سماح عبد الله ليست جمل. كانت طالبة تتعلم التجميل في كلية نابلس ابنة احدى القرى النائية والصغيرة في الضفة وهي قرية عمورية. كان حلمها أن تتعلم التدريس، وفي الوقت الحالي تعلمت دورة في التجميل. والدها ايضا، عبد، كانت له أحلام: أن تعود ابنته الى البيت بسلام. لذلك قرر في يوم الاثنين 23 تشرين الثاني أخذها في سيارته عند انتهاء دراستها بسبب التوتر الذي ساد في ذلك اليوم في الشوارع.

 

          هناك خطر ايضا للفلسطينيين، يوجد بينهم آباء قلقين مثل عبد عبد الله. وقد كشف عن تفاصيل قتل سماح هنا أول أمس: فلسطيني عمره 16 سنة حاول طعن اسرائيليين بالقرب من حاجز حوارة، دفع الجنود ليس الى قتله فقط كالعادة بل القتل بدون أي تحذير من خلال اطلاق النار على سيارة العائلة التي مرت في المكان صدفة. جندي فوق برج المراقبة المحصن أطلق النار بدون سبب. رصاصة في رأس سماح التي جلست في المقعد الخلفي بين أخيها وأختها. في البداية حاول الجنود ايضا اتهام المسافرين في السيارة بحيازة سكين، الامر الذي لم يكن صحيحا. لكنهم اعترفوا بسرعة أمام الأب أنهم أطلقوا النار « بالخطأ ». بعد ثلاثة اسابيع توفيت سماح في مستشفى اسرائيلي.

 

          سماح لم تكن جمل. لذلك لم تتحدث أي وسيلة اعلام اسرائيلية عن موتها. سماح لم تكن جمل لذلك لم يُفتح أي تحقيق جدي في ظروف قتلها. وقد كلف نفسه بيطري اسرائيلي قبل بضعة اسابيع بأن يحقق في ظروف قتل جمل على أيدي جنود وحدة دفدفان، فقط من اجل التسلية. لم يأخذ أحد شهادات أبناء العائلة وشهود العيان ولم يطلب أحد تشريح جثة سماح.

 

          المتحدث بلسان الجيش الذي سارع الى الاعراب عن أسفه على قتل الجمل. « الحديث عن أمر خطير لا يناسب ما نتوقعه من جنود الجيش الاسرائيلي »، تحدث في هذه المرة بلغة اخرى عندما توجهت له « هآرتس »: « خلال الحادثة كان المخرب يركض ومعه سكين فقامت قوة من الجيش الاسرائيلي باطلاق النار... ومن اطلاق النار أصيب كما يبدو مسافرين في سيارة سارت خلف المخرب... تم التحقيق في الحادث وتقوم النيابة العسكرية بدراسة الاستخلاصات حاليا ». « يبدو أنه أصيب باطلاق النار » – لماذا التشكيك في قتل سماح. فقد يكون هو ايضا كذب الدعاية الفلسطينية. ومن يتفق معها في وسائل الاعلام الاسرائيلية، حتى لو تم نقلها لتلقي العلاج في اسرائيل وبموافقة الجيش الاسرائيلي. بالطبع لم يتم اعتقال أحد ولن يعتقل أحد ويمكن الاعتماد على النيابة العسكرية بأعين مغلقة بأن التحقيق سيُدفن لأن الحديث ليس عن جمل.

 

          بنود اتهام قتلة الجمل، استخدام غير قانوني للسلاح وتعذيب الحيوانات وتشويش المحاكمة، هذه البنود تلائم قتلة سماح فقط لو أنها كانت جمل. المتهمون بقتل الجمل أعربوا عن الندم ولم يسمع أحد شيء من الجنود الذين قتلوا « على ما يبدو » سماح. في الجيش الاسرائيلي لم يكلفوا انفسهم عناء الاتصال بعائلة سماح في عمورية. لماذا، من الذي مات؟.

 

          ماتت سماح ودفنت في المقبرة الصغيرة أمام منزلها، وعاشت عائلتها الاسبوع الماضي حالة الحزن والفقدان. هكذا هي الحال عندما يتم اعدام كل من يحمل سكين بغض النظر عن الخطر الذي يشكله: دائرة القتل بدون مبرر آخذة في الاتساع. سياسة القبضة الحديدية المتعطشة للقتل تسببت بالموت بدون مبرر للمارة الفلسطينيين واليهود ايضا. هكذا هي الحال حينما تحطم اللاأنسنة الارقام القياسية: حياة شابة فلسطينية بريئة  أرخص من حياة جمل ضال. وقصة موت سماح عبد الله دفنت في اسرائيل مثلما يدفن الحمار، كما تستحق على ما يبدو حسب رأي اغلبية الاسرائيليين.