خبر « إسرائيل »: تصفية حساب من نهاريا إلى الجولان

الساعة 06:56 ص|22 ديسمبر 2015

فلسطين اليوم

منذ الإعلان عن اغتيال الشهيد سمير القنطار في جرمانا، والإسرائيليون في قلق بشأن ما ستؤول إليه الأمور. فسكان المناطق الحدودية المجاورة للبنان وسوريا عاشوا ليلتهم ونهار أمس بأكمله في توتر شديد بعدما فُتحت الملاجئ في بعض المستوطنات وساد انطباع بأن الرد آت. ولم يلطف كثيراً من مخاوف الإسرائيليين إطلاق ثلاثة صواريخ باتجاه نهاريا، فليس هذا ما يتوقعونه من رد. وكان موعد تسيير الجنازة، ثم انتظار خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مثيرا أيضاً للقلق. ويبدو أن لا شيء يهم الإسرائيليين اليوم أكثر من معرفة ما تخبئه لهم الأيام.

وتحدّث موقع «والا» الإخباري عن ذعر دبّ في مستوطنات الشمال إثر إطلاق ثلاثة صواريخ باتجاه نهاريا وانطلاق صافرات الإنذار في أكثر من مكان، فقد عاش الإسرائيليون، تقريباً منذ عدوان تموز في العام 2006، في نوع من الهدوء الذي لم ينكسر إلا في حالات نادرة. ولكن التوتر الذي أعقب اغتيال القنطار نجم عن مخاوف من احتمالات ألّا تسلم الجرّة هذه المرة، برغم استمرار كبار المعلقين في طمأنة الجمهور الإسرائيلي إلى محدودية الرد المتوقع من قبل «حزب الله».

وأشار موقع «والا» إلى أن الكثيرين من مستوطني الشمال قضوا ليلتهم إمّا في الملاجئ أو في الغرف الآمنة في قلق شديد. ونقل عن أحد المستوطنين قوله إنّه نام بحذائه، وحرص على إبقاء هاتفه بجوار رأسه معترفاً: «كنت متوتراً، فعلا في حالة تأهب. الليلة كانت مختلفة». والأدهى أن كل هذا السلوك لم يمنع هذا المستوطن من القول إنّ كل هذا السلوك تم رغم القناعة «بأنّ شيئاً لن يحدث».

وفي عرضه أسباب اغتياله كتب المعلق العسكري لموقع «يديعوت»، رون بن يشاي، أن لإسرائيل حساب دموي طويل مع سمير القنطار، فهو قتل والأهم أنه بادر بعمليات ضد إسرائيل منذ كان في سن السادسة عشرة وحتى اليوم. لكنّ ما ميز القنطار عن آخرين، في نظره، أنه ابن للطائفة الدرزية في لبنان، ولم تخمد كراهيته لإسرائيل حتى بعد حوالي 30 عاما في السجن. وأشار إلى أن دوافعه هذه قادته إلى عرض خدماته على تنظيمات متعددة في فترات مختلفة من حياته وصولاً إلى محاولته إنشاء جبهة جديدة في الجولان ضد إسرائيل.

وكتب بن يشاي أن من المنطقي الافتراض أن استهداف القنطار ورفاقه لم يكن أساساً بسبب أفعال في ماضيهم، وإنما بسبب الضرر الكامن مستقبلاً في أعمالهم. ولتوضيح الفكرة كتب أن «حزب الله» والإيرانيين يبحثون، منذ العام 2013، عن مسار عمل يردع إسرائيل عن ضرب قوافل التسليح من سوريا الى «حزب الله»، وسعوا لأن يتمكن هذا المسار من تكبيد إسرائيل خسائر يدفع قيادتها الى التفكير مرتين قبل أن تقصف قوافل السلاح هذه، ولكن بشكل يحول دون تصعيد واسع على الجبهة السورية اللبنانية. وتقرر أن يكون هذا المسار فتح جبهة جديدة ضد إسرائيل في الجولان، وقد تم إرسال سمير القنطار لترؤس هذا المسار. وخلص إلى أن إسرائيل الساعية إلى خلق مناخ ودود نسبيا لها في تلك المنطقة وجدت أن سمير القنطار بأفعاله ألحق ضرراً استراتيجيا بها، وذلك بتخريبه العلاقات بينها وبين الطائفة الدرزية سواء في سوريا أو لبنان.

وكتب آفي يسسخاروف في موقع «والا» أنه يصعب اعتبار إطلاق «الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة» ثلاثة صواريخ على نهاريا رد «حزب الله» على اغتيال رمز آخر من رموز المقاومة. وفي نظره فإنّ لدى «حزب الله» عدد غير قليل من المبررات للرد بشكل أشد، من بينها الردع وتحسين مكانة الحزب في نظر الجمهور اللبناني والشيعي. ولكنه استدرك بأن لـ «حزب الله» أسباباً أيضا للاكتفاء برد «الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة»، بينها الخشية من التورط مع رد إسرائيلي يقود إلى تصعيد لا يرغب الحزب فيه حالياً. ولهذا السبب يعتقد يسسخاروف أن المنطق يقول بأن الحزب لن يرد بشكل موسع، لكن ليس المنطق دوما هو سيد الفعل.

من جهته، كتب المعلق العسكري للقناة العاشرة ألون بن دافيد في «معاريف» أن إسرائيل خبرت الكثير من الأشرار لكن القنطار يعتبر في نظرها بين الخمسة الأوائل. واستذكر كلام محقق في «الوحدة 504» من الجيش الإسرائيلي حقق مع القنطار فور اعتقاله في العام 1979، وقال إنه كان فخورا بما فعل. واعتبر اغتياله في كل حال تسوية لحساب قديم جديد يمتد من العملية في نهاريا إلى فعله الراهن في الجولان. وشدد على أن «حزب الله» في رده على الاغتيال سيتخذ جانب الحذر حيث أن «التجربة تعلمنا أن الأمر يتطلب أياما من حزب الله لاختيار طريق العمل وإعداد الرد. وهم سيبحثون عن رد لا يورطهم في حرب». وفي نظر بن دافيد فإن رد «حزب الله» قد يكون عبوة أو كمين أو إطلاق صواريخ خصوصاً في مزارع شبعا ما يتطلب من الجيش الإسرائيلي، بحسب قوله، الحذر في كل الجبهات.

أما المعلق العسكري في «يديعوت احرونوت» أليكس فيشمان، نشر تحليلاً واسعاً تساءل فيه إن كان الاغتيال «عملية مدروسة» أم لا، مجيبا أن هذا ما ستجيب عنه الأيام. وكتب أنه في كل الأحوال تعيش قيادة الجبهة الشمالية في حالة تأهب منذ يومين. وأشار إلى أن من المنطقي الافتراض أن قيادة «حزب الله» تجري في هذه الساعات تقويماً للوضع حول استمرار سلوكها. كما أن «حزب الله» متأثر بضغوط الشارع. وكتب أنه يفترض «توفر سبب استثنائي لكي يجازف أحد وينفق الائتمان الذي اعطي له للعمل في سوريا وينفذ اغتيالا لهذا الرجل في ضواحي دمشق. والسبب الوحيد الذي يمكن أن يبرر تصفيته في العاصمة السورية ـ المحمية من مظلة الدفاع الجوي الروسي وفي مركزها صواريخ اس 400، برادارات الكشف التي لديها والتي تغطي أجزاء واسعة من دولة اسرائيل ـ هو معلومات استخبارية (مصبوبة من الاسمنت) عن عملية على وشك التنفيذ الفوري».