خبر دمه في أعناقهم- هآرتس

الساعة 09:50 ص|17 ديسمبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: تسفي برئيل

 (المضمون: من حسن حظ رئيس الدولة ريفلين أن اسرائيل دولة ديمقراطية وتحاكم الخونة بشكل قانوني، وإلا لكان تم اعدامه بدون محاكمة بتهمة الخيانة بسبب مشاركته في مؤتمر تواجدت فيه منظمة « نحطم الصمت » - المصدر).

يمكن أن يكون الجيش الاسرائيلي ليس الأكثر اخلاقية في العالم، لكنه بيقين أحد المنظمات الاخلاقية في الدولة. والدليل الابرز على ذلك هو أنه لا توجد مؤسسة أخرجت من داخلها تنظيم يشبه « نحطم الصمت » الذي يجمع الأدلة حول التجاوزات والتعذيب والجرائم التي يرتكبها الجيش الاسرائيلي ضد المدنيين.

الشرطة تحافظ بسرية تامة على تجاوزات قادتها، في اوساط موظفي الدولة، حيث يتم احيانا التجاوز ضد المدنيين. لم ينشأ اتحاد يهدف الى اقتلاع التعذيب المدني. وفي « الشباك » اذا قام محققون وفتحوا أفواههم فسيُتهمون بالخيانة ويتم وقفهم على الحائط.

لكنهم في « نحطم الصمت » تجاوزوا هذا المنع الخطير حيث حطموا شيفرة الولاء للكذب وأوجدوا بذلك سابقة تاريخية لا تستطيع الأمة هضمها، هذه الأمة التي تربت على الايمان الأعمى بقداسة الجيش وطهارة سلاحه. لأن قادة الجيش لا يخطئون ويتحلون بالقيم الاخلاقية الأسمى. حتى وإن قتلوا أبرياء فلا مجال للشك بطهارتهم. إلا أن « نحطم الصمت » الذين أرادوا تطهير الزوايا المظلمة التي أخفيت في الجيش، تعرضوا أكثر بكثير مما أرادوا حدوثه.

كان التنظيم يعرف جيدا حقيقة الزيت الذي يغلي والذي سيصب عليه من اعالي الجدران المحصنة التي أراد أن يهدمها. لقد عرف أنه سيتم تصويره على أنه واشي ويسعى الى الحاق الضرر باسرائيل. وبذلك لم تكن مكانته تختلف عن مكانة منظمة حقوق الانسان التي تسعى الى توثيق الضرر الذي يلحق بالمدنيين، مثل تلك الأسيرة ضمن تعريف « جمعيات اليسار » التي تأخذ الجمهور العربي الغفير الى صناديق الاقتراع.

« نحطم الصمت » تجاوزت هذه الجمعيات حيث وصفت على أنها « منظمة مخربين » لا يجب الاتصال معها. قرار وزير الدفاع بمنع نشاط المنظمة في الميدان. أوامر وزير الدفاع هي شكل مخفف، وهي أقل بدرجة من تحويلها الى « منظمة غير قانونية » مثل الجناح الشمالي للحركة الاسلامية. لأن من يشوه صورة الجيش، سواء كان يهودي أو مسلم، فانه يلحق الضرر بأمن دولة اسرائيل. لكن أوامر وزير الدفاع يعلون هي تلخيص رسمي لقرار حكم الجمهور والذي أصدره اليمين ضد المنظمة. وليس فقط ضدها بل ضد كل من يتصل معها، أو ينقل اليها المعلومات أو يقترب منها.

هكذا تعلم رؤوبين ريفلين مغزى هذه المخالفة على جلده. « الاتصال مع تنظيم معادي »، حينما تنفس الهواء نفسه مع منظمة « نحطم الصمت » في مؤتمر « هآرتس » في نيويورك، وكل ذلك وهو يجلس تحت علم اسرائيل. هل يتخيل أحد جلوس الرئيس براك اوباما الى جانب أحد قادة داعش؟.

« تهمة » ريفلين غير قابلة للجدل. كذلك ادعاءه أنه لم يلق خطابا في منظمة « نحطم الصمت »،تم رفضه لأن مجرد وجوده المشترك مع منظمة التخريب الخطير يبرر اقالته من رئاسة الدولة. ولا يوجد في اسرائيل أصعب من المساس بالمقدسات من خلال اعطاء الشرعية للخونة.

من الخطأ اعتبار أن هذا موقف اليمين المتطرف فقط – لا توجد تيارات في اليمين – هو محيط يتم فيه ابتلاع كل التيارات. هذا هو موقف الجموع التي لا تقبل التزييف في الجوقة. اذا المشكلة لم تعد في « نحطم الصمت » بل في « من يؤيدها ويقف الى جانبها ويدعمها ». ومن حسن حظ ريفلين أن اسرائيل دولة ديمقراطية تؤمن بسلطة القانون وبمحاكمة الخونة وليس اعدامهم بدون محاكمة.

لكن لا يمكن الاعتماد على طواحين العدل في أن تقوم بعملها بشكل كامل. فهي بطيئة في العادة وتفضل عمل الصفقات. ولا يمكن الانتظار في موضوع الرئيس. من يريد القضاء على « نحطم الصمت » يجب أولا وقبل كل شيء، كما يظهر في الفيس بوك، أن « يُحيد » ريفلين.