خبر ولاة الأمر لمن نشكو مآسينا .. بقلم.. محمد البطش

الساعة 02:16 م|16 ديسمبر 2015

بقلم

كثيرة وشائكة هي القضايا التي تعصف بالقضية الفلسطينية ويوما بعد يوم يزداد المشهد تعقيدا وتداخلا يُصعب من إمكانية التوصل الى اتفاق فلسطيني فلسطيني أي« مصالحة » بين طرفي الانقسام والمسببين الرئيسيين لمعاناة شعبنا حركتي « فتح وحماس » هذا الاتفاق ليس مستحيلا لكن الشهور والسنوات التي تمضي عليه تجعل من إمكانية تحقيقه أمرا بعيد المنال.

هذا الانقسام الذي تاجر به مسببوه لتحقيق مآربهم الخاصة ورغم أن كلاهما أخذ يصف الآخر بالانقلابي ويدعو الآخر الى طاولة الحوار إلا أنهما قد استفادا على صعيد أحزابهم الشخصية بشكل الكبير، كل يوم في ظل هذا الانقسام يزيد لشعبنا فصلا من فصول المعاناة. يكفي هذا الانقسام انه السبب الرئيس في ثلاثة حروب قاسية فرضت على شعبنا.

لم تتمكن إسرائيل على مدى عقود مضت من أن تشن حروبا بهذه القسوة على شعبنا على الرغم من أن مقاومتنا كانت تؤلم وبقوة وتثخن بعدونا الجراح بعملياتها البطولية حيث كانت تصل معدلات قتلى العدو 50 قتيلا في الأسبوع الواحد في قلب كيانه كـ « تل ابيب » وحيفا ويافا رغم ذلك لم يتمكن هذا العدو من شن حروب بهذه القسوة التي مارسها على غزة، وأبعد ما وصل إليه في عنفوانه هو تنفيذه لعملية اقتحام مخيم جنين، ورغم قسوتها تكاد لا تذكر أمام الإجرام الذي نفذه العدو في حروبه المتتالية ضد غزة.

ألم يسأل ولاة الأمر أنفسهم لماذا تجرأ العدو على غزة بعد عام واحد فقط من الانقسام الذي ضرب الوطن بسبب حب السيطرة والنفوذ، قطعا ليس هناك إجابة سوى أن الدم الذي أريق في قتالنا الداخلي وحجم العداء الذي ناصبه طرفي الانقسام لبعضهم وناصبته أنظمة عربية خلت لغزة هو من أعطى عدونا ضوءًا أخضرا لهذا الإجرام، واخذ يلعب عدونا على حبل التناقضات.

ولاة الأمر ألم تنظروا الى معاناة آلاف الطلبة الذي يبكون مستقبلهم وأصبحوا غير قادرين على أن يحققوا شيئا من الأمل بسبب إغلاق معبر رفح الذي سببه انقسامكم، لا ذنب لهؤلاء الشباب الذين أخذت أحلامهم بالتبخر سوى أنهم وقعوا ضحية لخلافاتكم كمن يدير معبر رفح ومن تكون له السيادة.

ولاة أمرنا ألم يحرك مشاعركم آلاف المرضى الذي يحتاجون لعمليات جراحية عاجلة بعضهم فارق الحياة وهو ينتظر دوره للسفر كما كانت وعودكم تطلق بقرب إنهاء أزمة المعبر .. ألم تحرك مشاعركم آلاف العائلات التي ضاعت صلاحية إقاماتها في بلاد قصدوها لتوفير سبل الحياة , كنا نتمنى أن نتمكن من ألا نلتمس العذر لتلك العائلات ونقول لهم وطنكم أحق بجهدكم وعلمكم امكثوا فيه وازرعوا في نفوس أبنائكم حب الوطن لكن ليس لدينا الحق في قول ذلك لأنكم ولاة أمرنا بانقسامكم جعلتم الوطن ليس به أماكن شاغرة لمن لم يغادروه فكيف بمن غادروه من سنيين!!

ولاة الأمر عن أي معبر تتحدثون .. وعن أي سيادة تتكلمون هل لفلسطيني أي كان يحق له أن يصف وجوده على المعبر بأنه صاحب السيادة ؟؟ قطعا لا !! السيادة على المعبر ليس للفلسطيني لأنه وباختصار ليس هو من يقرر من يغادر غزة ومن يدخلها؛ فقط صاحب هذه الصلاحية بيد الشاويش المصري أو ضابط امن الدولة أو المخابرات العامة، وما دام الأمر كذلك لماذا خلقتم هذه الأزمة التي خنقت وقتلت شعبنا وأفشلت الآلاف منه ما دام كلكم ستصبحون ختامين للجوازات فقط .. لماذا هذا التعنت؟!

لقد سبق وان صدعت حكومة ما تسمى بالتوافق رؤوسنا أن معبر رفح سيفتح باليوم التالي الذي ستتولى فيه حكومة التوافق مهامها أين هذه الوعود؟ ولماذا تبخرت؟ ومن المسؤول عن تعطليها؟؟.

هل أصبح ما يقوله أهل غزة بأن رئيس الحكومة ووزراءه غير آبهين بمعاناة غزة وأهلها؟  تخيلوا لو أن أبناء هؤلاء الوزراء وزوجاتهم لو أصبحوا عالقين بغزة ماذا يمكن أن يفعل وزراء الحكومة، وهل سيقبلون بهذا الواقع.

في المقابل غضبت قيادة حماس ومدونيها من هاشتاج أطلق عليه اسم #سلموا _ المعبر هذا الغضب الذي لم يجد له كل من شارك بهذه الحملة مبررا ، ما الذي أزعج حماس منه هل بات ممنوعا إن يطالب الطلبة والمرضى بحقهم بالسفر؟؟ يا قادة حماس لا يهم المريض من سيقود المعبر سواء كان مهربا أو لصا فهذا المريض وذاك الطالب يسافر من على معبر « ايرز » الذي يسيطر عليه عدوهم الأول والأزلي .. يا هؤلاء هم بحاجة الى السفر بأي طريقة وبأي وسيلة كانت فلا تلوموا غضبهم ولا تغضبكم أمانيهم.

أنا لا اعلم لماذا يصر البعض على ربط كل معاناة تعصف بغزة بالمقاومة وكأننا نريد أن نرسخ معادلة كل البلاوي سببها التمسك بالمقاومة والمقاومة جابت المصايب لشعبنا ؟!  كربط أزمة المعبر بالمقاومة وهذا ليس صحيحا فلقد سبق وان عمل المعبر في مراحل كانت المقاومة بعنفوانها بين عام 2005 /2007 , يجب أن يكون ولاة الأمر اكثر صراحة مع شعبهم في الكشف عن السبب الحقيقي للكثير من معاناة شعبنا , يجب أن نربط كلمة مقاومة بكل ما هو جميل، فالمقاومة التي حررت غزة وحررت الأسرى وتشعر شعبها بالفخر دائما، لا تجعلوا شعبنا ينفر منها.

عن أي توافق يتحدث ولاة الأمر وحكومة التوافق ما زالت تنفي الآخر ولا تقبله أي تناقض يحمله هؤلاء الذي يتحدثون عن الشراكة بينما يعتقلون الشريك.

لقد أصبحت فلسطين « غير المحتلة » لا تقسم إلا على اثنين هما فتح وحماس .. ولقد أصبحت غزة لا تقبل القسمة على اثنين بل واحد فقط .. والضفة هي الأخرى أصبحت أيضا لا تقبل القسمة إلا على واحد فقط، والكل يعرف هذه العناوين.

وللأسف من يحكم الضفة بمفرده غير قادر على يوفر حياة آمنة لشعبه فأبناء شعبه يحرقون وهم نيام وتهدم مساجدهم وتجرف مزارعهم ويعتقل شبابهم وتقتل نساؤهم وهو غير قادر على فعل شيء. وفي غزة يموت الناس على بوابات السفر ويفشل الطلاب بالآلاف وتشرد عائلات وتقطع أوصالها ووالي الأمر غير قادر على فعل شيء لهم بمفرده، وللأسف ما زال الجميع متمسك برأيه، ويضرب معاناة شعبه بعرض الحائط.

ولاة الأمر لم أجد طريقة اختم بها كلماتي هذه أفضل من أن أذكركم بأبيات للشاعر الكبير أحمد مطر، (لمن نشكوا مآسينا ؟ ومن يُصغي لشكوانا ويُجدينا ؟ أنشكوا موتنا ذلاً لوالينا ؟ وهل موتٌ سيحيينا ؟ قطيعٌ نحنُ .. والجزار راعينا ... ومنفيون ... نمشي في أراضينا ... ونحملُ نعشنا قسرًا ... بأيدينا ... ونُعربُ عن تعازينا ... لنا فينا ... فوالينا ... أدام الله والينا ... رآنا أمة وسطا ... فما أبقى لنا دنيا .. ولا أبقى لنا دينا... ولاة الأمر ما خنتم ولا هنتم ... ولا أبديتم اللينا.. جزاكم ربنا خيرا  ..كفيتم أرضنا بلوى أعادينا وحققتم أمانينا .. وهذي القدس تشكركم .. ولاة الأمر هذا النصر يكفيكم ويكفينا ... تهانينا)..