خبر هدية للجندي- هآرتس

الساعة 10:35 ص|14 ديسمبر 2015

فلسطين اليوم

 

بقلم: عميره هاس

 (المضمون: الفنان الفلسطيني خالد جرار يريد أن يصل الى الجندي الذي ألقى قنبلة الغاز في بيته ويقدم له هدية - المصدر).

أيها الجندي الذي شاركت في يوم الثلاثاء، 8 كانون الاول، في الساعة الثانية والنصف فجرا في اقتحام أحد أحياء بير زيت. فلتعلم أن الفنان خالد جرار يقوم بتحضير شيء لك مقابل قنبلة الغاز التي ألقيتها في بيت الدرج في البناية التي يسكن فيها. تلك القنبلة التي وجدها بعد أن استيقظ من كثافة الغاز في منطقة مغلقة في الطابق الثاني حيث يسكن، واختنق لدرجة جعلته يعتقد أنه سيفارق الحياة.

 

          حينما كان طفلا في الانتفاضة الاولى، تعرف خالد على الغاز المسيل للدموع، عندما كان مثل الآخرين يرشق الحجارة على سلطات الاحتلال. كشاب فقير في العشرينيات انضم الى الشرطة كي يوفر رسوم تعلم الفنون. وبعد ذلك انضم للحرس الرئاسي لياسر عرفات. كان من بين القوات التي حوصرت مع الرئيس في المقاطعة في سنة 2002. في آذار من نفس السنة أصيب برصاصتين في قدمه على أيدي الجنود الاسرائيليين. وقد انفجرت الرصاصتان في قدمه وما زالت الشظايا في قدمه الى الآن: في الشتاء عندما تبرد الشظايا يشعر بالألم الشديد، وايضا عندما يبذل الجهد الجسدي. من هنا يمكن القول إن خالد جرار، الرسام والنحات وصانع الأفلام، يدرك طبيعة الاحتلال وجنوده.

 

          مع ذلك « خفت من فتح الباب والخروج لملاقاتك أيها الجندي كي لا تطلق النار علي وتقول إنني حاولت قتلك »، كتب جرار في رسالة وأرسلها عن طريقي. « لم تطرق الباب ولم تطلب أن أفتح لك، بل حاولت التسلل مثل اللص. خفت من الـ »إم 12« الطويلة التي معك، لذلك أرجو أن تقول لي من أنت لكي أقدم لك هدية ».

 

          بعد بضع ساعات من الاقتحام اتصل معي جرار وقال « الجندي نسي عندي شيء ». تحدث عن تسلسل الاحداث بجُمل سريعة، هذه الساعة التي استمرت الى الأبد كما شعر بها. بعد ذلك وصف ما حدث في رسالة.

 

          « استيقظت من النوم على وقع اصوات أقدامهم وهم يطرقون الباب في الطابق الارضي. صوت الزجاج المتحطم كسر الصمت وسكون الليل، حيث كانت العائلات والطلاب ينامون في أسرتهم ويحلمون بأشياء أفضل مما سيحدث فيما بعد ».

 

          اتصل جرار فورا بالشرطة الفلسطينية ليسأل اذا كانت تقدر على التدخل وتقديم المساعدة. « لكن يبدو أنني أهدرت المكالمة الهاتفية ». « قال لي الشرطي أنت تسكن في المنطقة ب، ونحن لا نستطيع عمل شيء ». جرار قام بتسجيل المكالمة.

 

          « تصاعدت الاصوات وأضيفت اليها اصوات قنابل الصوت التي انفجرت على الشارع. ازداد خوفي حينما رأيت شيئا صغيرا يلقى على الدرج وبعدها أدركت أنها قنبلة غاز مسيل للدموع. وقعت وزحفت باتجاه الحمام حيث كان النقطة الابعد عن الغاز، ووضعت المناشف المبلولة فوق المساحات المفتوحة من اجل منع دخول الغاز. لكن ذلك لم يُفد.

 

          »بدأ حلقي يجف، لم أستطع رؤية شيء بسبب الدموع التي ملأت عيوني. لقد اعتقد الجنود أنهم سيُجبروني على الخروج. ولكن لا يوجد عاقل يخرج أمام هذا الحشد من الجنود. بقيت ملتصقا بالنافذة الصغيرة واستنشقت القليل من الهواء. ويبدو أن الجنود قد يئسوا بعد فترة من اقتحام البيت. فذهبوا الى هدف بريء آخر.

 

          « كنت ما أزال اسمعهم يتجولون في الحي. جلست في الحمام وانتظرت انتهاء الامر. بعد ساعة سمعتهم يغادرون، أو على الأقل يغادرون الحي. فتحت الباب بحذر فهاجمني الغاز مرة اخرى. ركضت باتجاه النوافذ والبشكير على وجهي. فتحت النوافذ ليدخل الهواء ويطرد الغاز الخانق.

 

          »نزلت الى أسفل كي أطمئن على جاري، وخرجت لرؤية ما حدث للجيران. يبدو أن الجنود أرادوا اعتقال طلاب من جامعة بير زيت. اعتقلوا من وجدوهم في هذه الليلة الباردة، ومن لم يجدوهم تركوا لهم استدعاءات لـ « الشباك » في اليوم التالي في الساعة التاسعة صباحا« .

 

          ينوي جرار ملء انبوبة الغاز المسيل للدموع بزيت الزيتون المأخوذ من اشجار الزيتون في بير زيت. »أريد أن أعطي الجندي الزيت كهدية. نعم الجندي الذي حطم الزجاج وأخاف الناس ولم يفكر بمن يعيشون داخل البيت. ماذا كان سيحدث لو كان هناك اطفال صغار، أولاد أو شيوخ؟ والرعب الذي ستسببه لهم، ذلك الرعب الذي أثر علي؟ نعم أريد أن أرسل لك الزيت الذي قد يضيء طريقك المظلمة كخادم للاحتلال".