بالصور الشهيد سعيد الدعادلة: اسم لامع في سماء الإعلام المقاوم

الساعة 01:02 م|06 ديسمبر 2015

فلسطين اليوم

سعيد أيها السالك درب المخلصين ... أيها الحامل لشعار القبضتين المشرعتين...أيها المسكون بالألم والوجع .. أيها الراحل عن دنيانا إلى دنيا الجمال التي كنت تعشق... لك المجد والإباء ومنا الوفاء...

هي روح جسدك التي كانت تحثك على المضي والعزم رغم الألم والجراح... هي الحقيقة التي عرفتها يوم أن تعرفت على نهج الأحرار... هو العشق لفلسطين التي سكنت روحك وقلبك.. هو الإيمان بسورة الإسراء التي تحمل لنا كل البشيرات بتحرير الأقصى وعودته إلى أحضاننا لنقبل ترابه وثراه ونخلد فيه مطمئنين...

أيها الساكن في وجداننا... أيها الراحل عن دنيا الخداع والزيف... ندرك أنك كنت تريد حياة أفضل لشعبك وأمتك ولنفسك ... ندرك أن قلبك المليء بالوجع والاضطراب كان يصرخ في وجوه القاعدين والمتقاعسين المتخاذلين... أن كفوا عن بيع هذا الوطن والتجارة فيه... وانظروا إلى آلامنا ووجعنا... أن كفوا عن مهاتراتكم ومصالحكم الذاتية ... وانظروا إلى فلسطين كل فلسطين ... انظروا إلى تاريخنا إلى حاضرنا إلى مستقبلنا... انظروا إلى أملنا وطموحاتنا ...

بزوغ الفجر

تقول والدة الشهيد المجاهد سعيد فايز الدعادلة « رزقني الله بنجلي سعيد -رحمه الله- بتاريخ 16 / 8 /1992 م، كان هادئاً وطفلاً رقيقاً يحبه جميع أفراد العائلة، درس في مدارس الوكالة القريبة من سكنه في منطقة الكرامة شمال القطاع ، ولكن مرضه وهو في الثانوية العامة حال بينه وبين إكمال حلمه في الثانوية العامة.

وأضافت الأم الصابرة »بعد أن أجرينا له عملية زراعة جهاز صاعق لتنشيط القلب تقدم لامتحان الثانوية العامة ونجح والتحق بعدها في كلية العلوم التطبيقية قسم نظم المعلومات الجغرافية ولكن اشتد عليه المرض والألم، وحال رحيله دون أن يكمل دراسته الجامعية.

وأكملت حديثها « سعيد كان يتمتع بصحة جيدة وكان يعمل في مكتبة في قسم التصميم ولكن في تاريخ 3 / 5/ 2012 أصيب بانفلونزا ونقلناه إلى المستشفى، وأعطيت له الأدوية وعاد بعدها طبيعيا وذهب لعمله في المكتبة ولكنه عاد في المساء وأخبرني بأنه يشعر بضيق في التنفس ولا يستطيع التنفس إلا بصعوبة فعدنا به إلى المستشفى ثانية، وأخبرونا بأنه يعاني من تضخم في القلب.

وتابعت »منذ هذا اليوم بدأت معاناة سعيد واستطعنا بعدها السفر إلى مصر، وهناك أجريت له عملية جراحية زرع فيها جهاز صاعق لتنشيط القلب عند توقفه أو عند زيادة سرعة نبضات القلب« . مضيفة بأن شهيدنا في البداية لم يكن يقبل بداية الأمر بأنه إنسان مريض القلب، ولكن مع الوقت استطاع بأن يتعايش مع هذا الابتلاء، واستطاع بأن يتغلب عليه أيضاً.

وأوضحت الأم المحتسبة بأنها لم تشاهد شهيدنا مبتهجاً وسعيداً أكثر من فرحه بيوم زفافه. مشيرة إلى أن الله رزقه بزوجة صالحة تقاسمت معه أمور الحياة واستطاعت بأن تقلب حياته إلى فرح وأمل.

واستذكرت الأم المجاهدة موقفًا في حياتها مع شهيدنا سعيد، قائلةً »لقد أكرمني الله بنجلي سعيد وتربى وحيداً، ولكن بعد عشرون عاماً رزقني الله بابني الثاني مصطفى وفي يوم ولادته جاء سعيد إلى المستشفى وحمل أخيه مصطفى وقال متسائلاً « شو أعمل معك جاي بعد عشرين عاماً بدك العب معك كرة القدم أو أحدثك عن همومي، الآن جاى بعد عشرين عام » وقد أبكى الجميع من حوله بهذا الحديث الذي خرج من قلبه.

وزادت بالقول « سعيد كان يميل إلى الجلوس وحيداً، وكل هذا يعود إلى أنه تربى وحيداً وليس له أي أخ ولكن بعد أن عمل في الإعلام الحربي بدأت ألاحظ سعيد يشارك أصحابه ويخرج معهم، ويأتوا إليه وأصبح إنسان اجتماعي وكان يمازح الجيران والأصحاب ولا يترك أي شخص إلا ويمزح معه ».

الابن البار بوالديه

والد الشهيد الاعلامي المجاهد سعيد الدعادلة تحدث لـ« الإعلام الحربي » قائلاً :« كان سعيد هادئاً ومحبوباً من الجميع وكان محافظاً على صلاته في المسجد منذ نعومة أظفاره وقد تربى في أحضان مسجد طارق بن زياد، وبعد أن كبر أصبحت اعتمد عليه في كثير من أمور عملي، وكان يساعدني في عملي وكان يوصل الطلاب بالباص ولا يقصر في تلبية طلب أمه والجميع وكان عطوفاً على أخواته وعماته وكان يحب جدته ويمازحها ».

وقال والده الصابر المحتسب بأنه كان يتوقع وفاة نجله سعيد في أي وقت لأن الأطباء قد أبلغوه بأن عنده ضعف عضلة القلب قد تؤدي إلى عدم توصيل الدم إلى جميع خلايا وأعضاء الجسم مما يؤدي إلى تلف وموت الخلايا تدريجياً، ولكن في يوم رحيله جاءني الخبر كالصاعقة، ولكن والحمد لله أنزل الله –عز وجل- علينا الصبر والسكينة واستطعت أن أتمالك نفسي بألم وأسال الله أن يعوضني خير وأن يجمعني به في عليين مع الأنبياء والصديقين والشهداء.

أما زوجته أم محمود فقالت « أتساءل من أين أبدأ..! من حُبه لزوجته وأهل بيته، أم من شغفه الكبير وسعيه الحثيث لطلب الشهادة في سبيل الله، أم عن وقته الثمين الذي كان يقضيه بجانبي فترة زواجنا، أم عن أيام مضت وهو يتألم ويصرخ ويناجي رب العالمين، لا أعلم من أين أبدأ..! ماذا أقول عنك يا زوجي ؟؟ كل كلمات الدنيا لا تسعني ولا تعطيك حقك، فأنت تحمل كل معاني الطيبة والعطاء والعطف والمحبة والحنان، كل كلمات الدنيا لن تكفيني كي أصفك بها ».

الزوج الحنون المعطاء

وأكملت الزوجة المحتسبة حديثها لـ« الإعلام الحربي » قائلةً « عشت أحلى أيام حياتي بجانب زوجي سعيد وكان حنوناً علينا ولم يقصر معي بشيء. موضحةً بأن سعيد لم يكن يبخل عليها بشيء، وكان يقدم لها كل ما يستطيع.

وقالت »تمنيت أن يبقى معي وبجانبي مدة أطول لأني كنت اشعر بالأمان معه، ولم يمضي على زواجنا إلا بضعة أشهر، وبدأ سعيد يتألم ويذهب إلى المستشفى ليقضي فيها الأيام والليالي وقد كنت حزينة عليه وكنت أدعو الله –عز وجل- بأن يرفع عنه ويشفيه« .

لحظات لا تنسى

واستذكرت الزوجة الصابرة موقفاً لا يمكن لها أن تنساه قائلةً »عندما جهّز نفسه لإلقاء وتصوير وصيته الخاصة بعمله بسرايا القدس وكلني بكتابتها بخط يدي وعندما انتهيت من كتابة الوصية تألمت وبكيت بدموع منهمرة فقال لي « لا تحزني يا زوجتي إن استشهدت يوما ما، فالشهادة علينا حق » وعندما أتى من مهمته ذهب لغرفته وكتب على المرآة بخط يده « أنتِ خير الزوجات » ولا زال خط يده موجود حتى هذه اللحظة« .

رحلة العلاج

وتابعت قائلةً »بعد وصولنا إلى القاهرة قضينا يوماً ممتعاً بعيداً عن الآلام والمعاناة إلا أنه في مساء ذلك اليوم أي قبل استشهاده بيومين أغمى عليه، ودخل العناية المركزة لمدة يومين وفي مساء ثاني يوم طلب زوجي من الدكتور المصري بأن أبقى بجانبه في هذه الليلة فقط، وكانت هذه آخر ليلة له في حياته، وعندما جلست بجانبه كان قد تحسن بدرجة عالية لأنه تم الكشف عليه وكان وضعه الصحي مستقر، ولم نرى النوم في هذه الليلة لأننا كنا سعداء حتى أتى صباح ثالث يوم، وقد قدمت له الفطور وكان في حالة طبيعية جداً ولم يؤثر شيء عليه« .

وتابعت »كنت أراه وقد تحسن وضعه الصحي ولم أكن أعلم أن هذه آخر اللحظات بيني وبينه، وعندما شعر بقرب الأجل أمسك يدي فنظرت إلى وجهه الشاحب، وعيناه التي تحكي عن آلاماً مؤلمة ومرضاً أنهكه، وقال لي سامحيني يا زوجتي كنت أحاول أن أسعدك في هذه الدنيا لكن أمر الله أتى فالمرض غلبني وهذا قدر الله والحمد لله، وكنت أنظر إليه بدهشة فقلت له ماذا تقول وأبكي فقال لي كنت أتمنى أن يرزقنا الله بطفل حتى يكون سنداً لكِ من بعدي؛ فقلت له ما حاجتي له وأنت كل احتياجي« .

وقالت »طلب مني أن أبقى بجانبه ولا أتركه/ فكنت أنظر إليه والدموع في عيني، عندها قال لي أتذكرين الرؤيا التي رأيتها في المنام قبل السفر أتى موعدها وتحققت، ومسك يدي وقال الله يرضى عنك دنيا وآخرة وتوفى وهو ماسك يدي، وهنا توقفت الحياة كاملة وجاءت الصدمة الكبرى لي لفقدي أغلى البشر« .

رؤيا صادقة

أما عن الرؤيا الصادقة فقالت »رأيت في المنام قبل السفر بأسبوعين أنا وزوجي في أرض خضراء خالية وكنا نتحدث عن أوضاعنا ومستقبلنا وفجأة جلس زوجي بجانبي وبكى بكاءً شديداً وكان يقول لي لن أتركك لكن أتى موعد رحيلي وهذا ليس بيدي فوضعت يدي على رأسه وقرأت عليه الآية« 20 » من سورة الحشر، وفجأة تبسم لي وأغمض عينيه، وكنت أستنجد في الجميع لينقذوه لكن لا جدوى لأنها أرض خالية كانت من البشر، وعندما استيقظت من المنام أخبرت زوجي بهذا الحلم وأنا أبكي فقال لي لعله خير قد كتب الله لي عمراً جديداً« .

درب الجهاد

أبو هادي أحد رفاق درب الشهيد المجاهد سعيد الدعادلة يقول لـ »الاعلام الحربي« : » كان شهيدنا سعيد شديد الالتزام في الصلاة بالمسجد وكان دائماً يحث إخوانه على الصلاة في المسجد، وخاصة صلاة الفجر والعشاء حيث التزم في صفوف حركة الجهاد الإسلامي منذ صغره وكان يشارك في جميع فعاليات حركة الجهاد في المنطقة، وأيضاً في الفعاليات المركزية التي كانت تدعو لها الحركة وفي بداية عام 2007 طلب من إخوانه في سرايا القدس بأن يكون جندياً فيها، وكان له ما طلب فالتحق في وحدة المرابطين بعد أن خضع لدورة عسكرية « إعداد مقاتل » وشارك شهيدنا المجاهد سعيد الدعادلة في الرباط على الثغور، والتصدي للتوغلات الصهيونية للمناطق الشمالية للقطاع سابقاً، ومشاركته الفاعلة في إبراز العمل الجهادي لسرايا القدس عبر التصاميم الجهادية وخاصة خلال معركتي السماء الزرقاء والبنيان المرصوص كونه كان أحد المجاهدين البارزين في جهاز الإعلام الحربي لسرايا القدس.

وأكد أبو هادي بأن شهيدنا كان مجاهداً يحب الرباط في سبيل الله تعالى، وله دوراً مهما في عمليات التصدي للاجتياحات التي كان ينفذها جيش العدو في المناطق الغربية لشمال القطاع، مشيراً بأن شهيدنا قد التحق في الإعلام الحربي في عام 2012 م وقد أبدع في مجال التصميم وأنجز أعمالاً كثيرة في هذا المجال، وكانت تصاميمه الجهادية تزين مداخل الأزقة والشوارع في شمال القطاع، وعبر مواقع الانترنت والتواصل الاجتماعي.

الرحيل للجنان

بعد ان أنهكه المرض أصبح لا يحتمل الألم قرر شهيدنا سعيد الدعادلة التوجه إلى مصر للعلاج ويتابع حالته الصحية، فكان قدر الله نافذاً فبعد أن وصل إلى مصر بيوم ازداد عليه شدة الألم والمرض ودخل العناية المركزة وقد فارق الحياة فيها بتاريخ 24 / 8 / 2015 م، فانتقل إلى جنان الرحمن، فنسأل الله أن يسكنه فسيح جنان رحمته، ويرزقه الفردوس الأعلى ويلهم أهله وذويه جميل الصبر والسلوان.



6

3

2

1

4

5

7

8