خبر مقال: « خليل خالية من الاستيطان ».. المرحلة الأولى للانتفاضة..

الساعة 09:03 ص|03 ديسمبر 2015

 بقلم/ د. جميل يوسف

ظن العدو الصهيوني في العشر سنوات الأخيرة أن الضفة الغربية قد غادرت ساحة المقاومة، لذلك بدأ يلتهم أرضها بشكل غير مسبوق وفي المقابل كان القادة الصهاينة يعتقدون أن قطاع غزة هو ما تبقى من مشروع المقاومة الفلسطيني، وقد تعرض قطاع غزة في بضعة سنوات لعملية تدمير غير مسبوقة في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني، ثلاثة حروب في أقل من  سنوات دمرت كل البنى التحتية تقريبا ومقومات الحياة وقتلت وأصابت عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين إضافة إلى حصار ظالم شارك فيه العرب والصهاينة وربما بعض الفلسطينيين الرسميين. كان الهدف من كل هذا العدوان على قطاع غزة هي كي الوعي الفلسطيني الغزاوي بشكل خاص والفلسطيني بشكل عام وكذلك تدمير ما تبقى من مشروع المقاومة والجهاد وتجفيف منابع الدعم والتسليح وكانت المفاجأة أنه لم يتم كي الوعي الفلسطيني كما أرادوا بل العكس أنه تم كي الوعي الصهيوني بحيث بات الرعب والهروب من المواجهة هي التي تميز الرأي العام الإسرائيلي خاصة في مناطق غلاف غزة وفرض قطاع غزة معادلات جديدة للدم والجغرافيا والرعب.

لم تيأس إسرائيل وحلفاؤها بل زادت من ضغوطها على غزة بعد حرب البنيان المرصوص مستغلة في ذلك نتائج حرب 2014 على قطاع غزة من الاعمار وفك الحصار وكذلك مستغلة أيضا الوضع العربي والإقليمي الغائب عن فلسطين تماما.

مشروع المقاومة الفلسطيني هو برميل بارود متفجر ويعجز كل الساسة والخبراء الصهاينة أن يدركوا مكان وزمان الانفجار القادم وكذلك يجهلون حقيقة أن الكل الفلسطيني وحده مقاومة موحدة ولا يمكن تحييد أو شطب أي بقعة من المواجهة طال الزمن أو قصر هذا الجهل الصهيوني قاده قادة العدو بالاعتقاد أنه بالإمكان الآن بعد حرب البنيان المرصوص ونتائجها المادية على الشعب الفلسطيني وضعف السلطة في رام الله إلى أقصى حد أنه بالإمكان التقدم خطوة أخرى باتجاه القدس والأقصى وفرض معادلة جديدة طال انتظارها وهي التقسيم الزماني والمكاني للأقصى. كل المؤشرات السياسية والاجتماعية توحي أن الضفة الغربية هي ساحة المواجهة القادمة وفي كل مرة الصهاينة يصبون الزيت على النار في الضفة من حرق للعائلات والاطفال خضير ودوابشة والاعتداء على الأقصى والقدس والمرابطين والمرابطات، كل الأمور تؤكد أن المطلوب فقط هو من يشعل عود الثقاب لتنفجر براكين الضفة كما يراها العالم الآن. وكان مهند الحلبي وضياء التلاحمة هما من تقدما وأشعلا عود الثقاب ليعلن الفلسطينيين عبر سيفهم المسلول مهند أن انتفاضة القدس قد بدأت.

أربكت الانتفاضة الجميع من صهاينة وفلسطينيين وعرب وبعدما غابت أخبار فلسطين عن الإعلام ومؤسسات « الشرعية الدولية » أصبح المشهد الفلسطيني حاضرا على مدار الساعة في اللقاءات الدولية وعلى شاشات الفضائيات وبدأ العالم يعيد حساباته من جديد حول القضية الفلسطينية، هنا لم يغير هذا الظالم قناعاته تجاه الحقوق الفلسطينية وما حل بهم من ظلم تاريخي حتى الآن، لكن المطلوب هو أن تقف الانتفاضة بأقصى سرعة حتى لا تيقظ الوعي الفلسطيني والعرب الكامن تجاه هذا العدو الصهيوني وضرورة مواجهته، والأخطر من ذلك حتى لا تساهم هذه الانتفاضة المباركة إلى توجيه أنظار المتقاتلين العرب والمسلمين، فلسطين وتركهم الاقتتال الداخلي بمعنى تخشى أمريكا وإسرائيل أن تعيد انتفاضة الأقصى توحيد العرب والمسلمين حول قضيتهم فلسطين وتعمل على تجاوز خلافاتهم وأولوياتهم الطارئة التي نراها اليوم كما تخشى أكثر من عودة مشروع المقاومة الإقليمي أكثر اتساعا.

القدس هي الرقم الذي لا يمكن للصهاينة أو عرابي التسوية أن يتجاوزوه وكانت الانتفاضة عملا واسما من القدس ولاتي تعرضت لأعنف مستويات الاستهداف والتهويد.. كانت البداية من أصغر الفئات العمرية الفلسطينية 12-18 عاما ومن أكثر أدوات الصراع بدائية وهو الحجر المقدس الذي حمل على مدار التاريخ انتصار الحق على البطل واشتعلت كتلة اللهب الفلسطيني الذي حاول الصهاينة  إخمادها في غزة حتى تحرق وجوههم في القدس والضفة، وفي الوقت الذي دأب العدو على تدريب وتسليح جيشه لمواجهة صواريخ غزة وجد نفسه أمام مواجهة جديدة في الضفة وبأدوات لا يستطيع مواجهتها.

استردت الضفة والقدس والخليل بشكل خاص عافية المشروع الوطني الفلسطيني وحاصرت العدو مرة أخرى في الزاوية ودخلت هذه المدينة بشكل واضح مرحلة متقدمة من الصراع ضد المشروع الصهيوني في فلسطين وكذلك ضد مشروع الاستيطان حيث تقف الخليل في مركز الاستهداف وتجاوزت انتفاضة الخليل كل التوقعات بحيث بات المحللين والساسة يطرحون أسئلة استراتيجية هل تصبح الخليل مقبرة المشروع الاستيطاني في الضفة.

نعم الخليل وباقي المدن الفلسطينية في الضفة والقدس تدرك دورها وقدراتها جيدا وتثق أن هذا المشروع الاستيطاني في الضفة والقدس أصبح في مرمى المقلاع الفلسطيني الذي بات أقرب من أي وقت مضى من اقتلاع كريات أربع وأخواتها في الضفة عبر مواصلة هذا الأداء الانتفاضي الرائع.

غدا سيقف شبان الانتفاضة سياجا لمحاصرة هذه المستوطنات وعزلها عن الجسد الصهيوني المجرم وبات رحيل مستوطني الضفة وإقلاق هذا الملف في متناول يد الشباب الفلسطيني في الخليل وكل أنحاء الضفة الغربية، قطع طرق المستوطنات التي التهمت معظم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وتوسيع دائرة الاشتعال لتغطي كل شبر في الضفة من جنين شمالا حتى الخليل جنوبا وأن تخلى السلطة الفلسطينية في الضفة كل ساحات المواجهة أما هؤلاء الشبان الرائعين وتواصل غزة دورها الهام في الدعم والإسناد والتعبئة. هذه المعركة في غاية الأهمية والمطلوب الآن أن تتحقق أعلى درجات وحدة العمل الوطني الفلسطيني وأن تصبح كل مؤسسات السلطة مكونا رئيسا في الانتفاضة وسنصل قريبا إن شاء الله إلى خليل خالية من الاستيطان وضفة كذلك خالة من الاستيطان بعد ذلك وأقصى كذلك خال من المستوطنين.

إن شعار « خليل خالية من الاستيطان » كمحطة أولى لانتفاضة القدس يجب أن يشكل التحدي الأول لكل الفلسطينيين في الضفة وغزة والقدس والـ 48 وأن يشكل الهم الأول لكل مؤسسات وأطر العمل السياسي والوطني الفلسطيني يجب أن تنجح في هذه الخطوة ولا مجال للتراجع وعندها ستتساقط كل قطع الدومينو واحدة تلو الأخرى.