خبر من خلف ظهر جلالته- يديعوت

الساعة 11:48 ص|23 نوفمبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: مريح للاسرائيليين ان يمجدوا الملوك الموتى، ولكنهم يجدون صعوبة في أن يتحملوا على مدى الزمن ملوكا أحياء. كلما جمع حكامهم مزيدا من القوة، مزيدا من الوزن، هكذا يزداد الاحتمال في أن ينفضهم الناس عن ظهورهم - المصدر).

 

لا مناص من فرك العينين كي نتأكد باننا نشاهد الامر الحقيقي وليس خيالا. ففي غضون اشهر غيرت اسرائيل مكانتها من جمهورية الى ملكية. يوجد ملك، توجد سلالة، يوجد بلاط وتوجد ارستقراطية. موقع السي.أي.ايه لم يطلع بعد على آخر تطورات المكانة، اما الاسرائيليون فيعرفون الحقيقة.

 

مئات الاف الكلمات سكبت على مدى السنين، بما فيها كلماتي أنا، ولكنها لم تتمكن من التنبؤ بالتغيير، ولا حتى بالتلميح. فقد وصف نتنياهو كسياسي يتميز بثقافة عالية وكفاءة استثنائية في مجالات عدة. كما وصف ايضا بالسياسي الذي يصعب عليه اتخاذ القرارات، ذو طابع ضعيف ومشكلة مصداقية. وقد اعتمدت هذه الاوصاف ليس على خصومه بل بالذات على اولئك الذين يعرفوه معرفة حميمية، بدء باصدقاء الطفولة وحتى مساعديه المقربين. وأحد لم يتوقع أن في النصف الثاني من ستينياته سيحدث له وفي محيطه تغيير دراماتيكي بهذا القدر.

 

تروي التوراة عن واحد، شاؤول بن كيش اسمه، فتى من قبيلة بنيامين، ذهب ليفتش عن الفحشاء فوجد المُلك. ثمة كثير من السحر في هذه القصة، ولكن ليس فيها ما يشرح مسيحانية نتنياهو للملكية. نحو 40 سنة وهو معنا، في الحكومة وفي المعارضة. 3 مرات انتخب لرئاسة الوزراء بالطريقة التي ينتخب فيها رؤساء الوزراء في الدول الديمقراطية: في صندوق الاقتراع. ومثلما قال عنه ارئيل شارون ذات مرة، فقد كان « بيبي ايضا ».

 

ولكن في موعد ما تغير فيه شيء ما: فقد سما وتعالى وتعاظم. جعل نفسه ملكا. متى حصل هذا؟ من المريح ان نحدد الموعد في محيط 17 اذار 2015، يوم الانتخابات الاخيرة للكنيست. هذا الحدث التأسيسي في ذاك اليوم كان الخطاب عن جموع العرب الذين تسفرهم جمعيات اليسار في الباصات الى صناديق الاقتراع. عندما بث هذا الخطاب، كنت بالصدفة في كفر قسم لغرض تغطية يوم الانتخابات. وقفت في ساحة صندوق مقفر تماما، لا باصات ولا جمعيات، وأجريت حديثا فارغا مع اثنين تكبدا عناء التصويت. اعتقدت ان خطاب نتنياهو هستيري. لم أفهم بان هذا خطاب ملك يدافع عن تاجه الخالد. شكسبير ما كان سيكتبه على نحو أفضل.

 

ولكن الحقيقة هي ان هذا حصل قبل ذلك، ربما في اثناء الحكومة السابقة، عندما اقتنع نتنياهو، مثل غوليبر في بلدان الاقزام بانه عملاق ربطه الاقزام بالارض. او ربما عشية الانتخابات، حين رفض بصفته القائم باعمال وزير التعليم حكاما في لجنة جائزة اسرائيل للاداب. رؤساء الوزراء لا يفعلون امورا كهذه. هذا صغير جدا، شخصي جدا. أما لدى الملوك فلا يوجد صغير وكبير.

 

لقد أصر على أن يكون ليس فقط رئيس وزراء، بل وايضا وزير خارجية، وزير اتصالات، وزير التعاون الاقليمي والان ايضا وزير الاقتصاد. في مجال الاتصالات هو غير مستعد لان يعتمد على أحد – ولا حتى على اوفير اكونيس. فهو يتحكم او يولي النبرة في صحيفتين، اثنين او ثلاثة مواقع انترنت مع ادعاءات اخبارية وقناتي تلفزيون (ومن الان فصاعدا ايضا في نشرة اخبار ليل السبت في قناة اخرى)؛ كل هذا ليس كافيا له بعد. فهو يسعى الى تصميم منظومة اتصالات يكون اصحاب القنوات فيها متعلقين شخصيا برحمته، يوم يوم، ساعة ساعة.

 

لعلني اكون اعيش في الاوهام، ولكن يخيل لي ان الاسرائيليين هم مع ذلك شعب جمهوري. مريح لهم ان يمجدوا الملوك الموتى، ولكنهم يجدون صعوبة في أن يتحملوا على مدى الزمن ملوكا أحياء. كلما جمع حكامهم مزيدا من القوة، مزيدا من الوزن، هكذا يزداد الاحتمال في أن ينفضهم الناس عن ظهورهم.

 

وان لم يكن الناس، فالسياسيون. في الاشهر الاولى من ولاية الحكومة سمح له الوزراء ان يلعب بمظاهر الملك كما يشاء. حتى قصر وطائرة ملكية اقروا له. ولكن ليس الى الابد. مؤخرا، بالتوازي مع جلبة الميزانية، وقع تمرد صغير. فقد سعى نتنياهو لمنع الحسم في ميزانية الدفاع. وزير الدفاع ووزير المالية خصمه سيقزمان الواحد الاخر، فيأتي هو ليحسم. فرق تسد. هكذا أهان لبيد في الولايات المتحدة. كحلون ويعلون فهما المناورة وتوصلا الى اتفاق من خلف ظهره. نتنياهو خرج عن طوره. والاتفاق لم يضعه أمام الحكومة لتقره حتى اليوم.

 

عندما قرر نابليون بونابرت ان يصبح قيصرا، دعي الرسام الرسمي، جاك لوي دافيد، ليخلد التتويج. واختار نابليون ان يتوج نفسه فكان هذا محرجا. وعندما ضاق به الامر، قرر دافيد ان يرسم ليس تتويج القيصر بل تتويج زوجته: نابليون يركع ويتوج جوزفين. وقد دام الرسم طويلا. اما الملكية فكانت قصيرة.