خبر نتنياهو يستغل تفجيرات باريس ويراهن على فيتو للهروب من استحقاقات التسوية

الساعة 07:43 ص|20 نوفمبر 2015

فلسطين اليوم

يحاول رئيس الحكومة « الإسرائيلية » بنيامين نتنياهو ركوب موجة التنديد العالمي بالإرهاب إثر هجمات باريس، ليتهرّب من الاستحقاقات الدولية بشأن التسوية مع الفلسطينيين. وكانت صدمته الأكبر، قيام وزيرة خارجية السويد بالربط بين هجمات باريس وانعدام التسوية العادلة في الشرق الأوسط.

واستغل نتنياهو انشغال العالم بعواقب عمليات «داعش» ليقرّر توسيع الاستيطان من دون أن يعلم أنَّ هذا الانشغال لن يحول دون مواجهة المبادرات الدولية في الأمم المتحدة، وبعضها يجري بموافقة أميركيّة.

ولم يغيّر من واقع الحال شيئاً إعلان نتنياهو، في ختام زيارته للعاصمة الأميركية ولقائه بالرئيس باراك أوباما، أنَّ المحادثات كانت «بين أفضل ما أجريناها»، مبيّناً الإنجازات التي حقّقها على صعيد المساعدات الأمنيّة.

لكن نتنياهو تجنّب الردّ على أسئلة تتعلّق بتعهدات طالبت « إسرائيل » بموجبها الإدارة الأميركية باستخدام حقّ النقض (الفيتو) ضدّ مشاريع قرارات في مجلس الأمن الدولي لا تروق لإسرائيل.

وقد تكاثرت المطالب « الإسرائيلية » في هذا الشأن في أعقاب تزايد المبادرات الغربية في الأمم المتحدة جرّاء الجمود في عملية المفاوضات بين « إسرائيل » والسلطة الفلسطينية، وإثر تكرار تهديدات أميركية بعدم استخدام الفيتو ضدّها.

والأمر يتعلّق أساساً بمبادرتين مدرجتين حالياً على جدول الأعمال، وهما المبادرة النيوزلندية لتحريك المفاوضات التي تقوم على معادلة وقف الاستيطان مقابل وقف الملاحقة في المحكمة الجنائية الدولية، والمبادرة الفرنسية الرامية إلى تحديد إطار حلّ الدولتين وممارسة الضغط لتفكيك مستوطنات.

وهناك تأكيدات بأنَّه لو نال نتنياهو أيّ ضمانة في هذا الشأن من أوباما، لعمَد إلى نشرها والتفاخر بها. هذا لم يحدث، ولكن جهات مقرّبة من نتنياهو تحاول الاستناد إلى ما تعتبره غموضاً بنّاءً يقوم على ماضي العلاقات « الإسرائيلية » ـ الأميركية، الذي يرفض ترك « إسرائيل » وحيدة.

لكن هذا الماضي لم تكن فيه « إسرائيل » تتحدّى أميركا ومصالحها ومواقفها الدولية بالشكل الذي اعتمده نتنياهو في صراعه الشخصي من أوباما، وصراعه السياسي ضدّ إدارته.

وتذهب جهات « إسرائيلية » أخرى للقول إنَّ أوباما لا يرغب في أن تصل الأمور بين « إسرائيل » وإدارته إلى هذه النقطة لأسباب سياسيّة أميركية داخلية، خصوصاً في عام انتخابات الرئاسة. وهم يقصدون بذلك أنَّ أوباما لن يدخل في صراع مع أنصار « إسرائيل » يمكن أن يضرّ بفرص انتخاب هيلاري كلينتون.

ومن الجائز أنَّ « إسرائيل » تتعاطى مع المبادرة الفرنسية على أنَّها لا تشكّل حالياً خطراً مباشراً في الأمم المتحدة لاعتبارات بعضها يتعلّق بالوضع الراهن في فرنسا، وأخرى تتعلّق بالموقف الفلسطيني السلبي منها. ولكن هذا لا يسري على المبادرة النيوزلندية التي لا ترمي إلى إيجاد حلّ نهائي للصراع العربي ـ الإسرائيلي، وإنَّما تريد تحريك المفاوضات بإعادة الطرفين إلى طاولتها.

ونظراً لأنَّ تحريك المفاوضات يشكّل هدفاً أميركياً مُعلَناً، فإنَّ الإدارة الأميركية تواجه معضلة واضحة إذا ما قرّرت الاعتراض عليها باستخدام الفيتو.

وقد أشار المراسل السياسي لموقع «والا» الإخباري، أمير تيفون، إلى أنَّ المسؤولين « الإسرائيليين »، خصوصاً السفير « الإسرائيلي » في الأمم المتحدة، يعملون بجدّ مع المسؤولين الأميركيين من أجل بلورة موقف معارض للمبادرة النيوزلندية.

وكتب أنَّ « إسرائيل » بحاجة إلى الولايات المتحدة في هذا الشأن، لكن الجميع يعلم أنَّ قرار استخدام الفيتو من عدمه لا يُتّخذ على مستوى المسؤولين الأميركيين في الأمم المتحدة، ولا حتى في وزارة الخارجية الأميركية، وإنَّما في البيت الأبيض نفسه. وأوباما حتى اليوم، يرفض الإفصاح عن موقفه في هذا الشأن، برغم أنَّه ليس معلوماً متى سيتقدّم النيوزلنديون عملياً بمشروعهم، وكذا الحال مع المشروع الفرنسي.

ويذهب تيفون إلى حدّ القول إنَّ ما يزعج « إسرائيل » أكثر من أيّ شيء آخر، هو سيناريو يؤجل بموجبه أوباما استخدام الفيتو إلى ما بعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية، وقبل تسليم الرئاسة فعلياً. ونتنياهو يتحسّب جداً من هكذا سيناريو.

في كل حال، وبرغم الانشغال العالمي بالحرب الدولية على «داعش»، إلَّا أنَّ وزير الخارجية الأميركي جون كيري سيصل إلى المنطقة يوم الاثنين المقبل، ليجتمع إلى كل من نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وهذه هي الزيارة الأولى لكيري منذ أكثر من عام عندما أفشل نتنياهو مساعيه لاستئناف العملية السياسية. والهدف المعلن لزيارة كيري هو «البحث في سُبُل وقف العنف وتنفيذ خطوات تعزيز للثقة».

وكان كيري قد أجرى اتصالات ولقاءات في العاصمة الأردنية قبل أسابيع مع كل من الملك الأردني عبد الله الثاني، والرئيس عباس، بعدما كان قد التقى مع نتنياهو في واشنطن. وقد سبق كيري في القدوم إلى المنطقة، المبعوث الأميركي الخاص لشؤون عملية السلام فرانك ليفنشتاين، بهدف التمهيد لزيارة وزير الخارجية بالتفاهم حول بعض خطوات تعزيز الثقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وفي كل حال، فإنَّ زيارة كيري وليفنشتاين تعتبر استكمالاً للمحادثات التي كانت قد بدأت في واشنطن أثناء زيارة نتنياهو. ومعروف أنَّ نتنياهو عرض في واشنطن استعداده لتنفيذ جملة مبادرات حسن نيّة تجاه الفلسطينيين، خصوصاً في الجانب الاقتصادي. ولكن عندما عاد نتنياهو ووجد اتّساع حالة الاعتراض اليميني على خطواته، عمد إلى اتخاذ قرار بتوسيع الاستيطان في محيط القدس.

وتطالب الإدارة الأميركية نتنياهو بتقديم تسهيلات أوسع للفلسطينيين، خصوصاً في المنطقة «ج» التي من دونها يصعب الحديث عن إمكانيات إخراج الاقتصاد الفلسطيني من تدهوره.

كما تطالب أميركا حليفتها بالعمل على تعزيز مكانة السلطة الفلسطينية عن طريق مواصلة الالتزام بحل الدولتين.

تجدر الإشارة إلى أنَّ رئيس الحكومة « الإسرائيلية » سيشارك في قمة المناخ التي ستعقد في العاصمة الفرنسية بعد تسعة أيام، ورغم رغبة نتنياهو في الاجتماع إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، إلَّا أنَّ الفرنسيين لم يحددوا له موعداً بعد. وهناك اعتقاد بأنَّ هولاند لن يلتقي نتنياهو لأن الفرنسيين لم يسمحوا بعد لرئيس الحكومة الإسرائيلية بإجراء مكالمة هاتفية مع الرئيس الفرنسي للتعزية بضحايا هجمات باريس.