خبر يتنكرون لها- هآرتس

الساعة 11:27 ص|18 نوفمبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: تسفي برئيل

 (المضمون: مصر كلها متجندة لاظهار المؤامرة الدولية ضدها، حيث تم تحويل خلل فني في الطائرة الروسية الى عمل ارهابي لضرب السياحة والاقتصاد المصريين حسب ما تقول - المصدر).

 

          « عندما أراك امتليء بالتفاؤل »، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لداليا اشرف، مراسلة تلفزيون « النهار » التي بدأت بالبكاء. أشرف هي صحفية في العشرينات من عمرها، شقت طريقها الى الرئيس عندما وصل لزيارة في مطار شرم الشيخ بعد تحطم طائرة المسافرين الروسية في سيناء. وقد وضعت الميكروفون أمام الرئيس وسألت: « ماذا يجب على مصر أن تفعل؟ وكيف سننقذ السياحة؟ ». في مقابلة مع قناة العربية قالت اشرف إنها بكت بسبب الصدمة التي اصابتها عندما وجدت نفسها أمام الرئيس المحبوب الذي وافق على التحدث معها رغم أنها صحفية شابة وليست « رفيعة المستوى ».

 

          اشرف ترافق السيسي كمندوبة لمحطتها الى كل مكان تقريبا، بما في ذلك زيارته الاخيرة الى المانيا. لكن المسألة لا تتعلق بأشرف بقدر ما تتعلق بتفاؤل السيسي. الرئيس المصري الذي تلقى صفعة حينما قررت بريطانيا اثناء زيارته لها أن توقف جميع الرحلات الى شرم الشيخ واعادة رعاياها من هناك. السيسي حاول من جهته التصرف برسمية حيث قال « لا يجب التسرع في الاستنتاج قبل نشر نتائج التحقيق ».

 

          لا يُقر ولا ينفي وجود عملية تخريبية، لكن يبدو أن الاعلام المصري تلقى أوامر اخرى. الجميع بدون استثناء يتحدث عن المؤامرة. وفي صحيفة « الاهرام » نشر كاريكاتور ظهر فيه شخص مُسن يتحدث مع شاب يلبس قميص كتب عليه « أنا أحب مصر ». المُسن يتحدث عن الهجوم على مصر (ليس العملية بل الادعاء بوجود عملية) ويُذكره بالعدوان الثلاثي حينما اتحدت بريطانيا وفرنسا واسرائيل ضد مصر. « مرت 60 سنة، كما قال الشاب، وما زال اعداؤنا كما هم ».

 

          الصحفي البارز عبد الحليم قنديل قال إن النظريات حول التخريب بالطائرة هي سياسية واقتصادية وهدفها الانتقام من مصر وروسيا. المتهكم اشرف عشماوي يقتنع أن الحديث هو عن « مؤامرة قذرة قامت القوى العظمى وقوى محلية بحياكتها مع الولايات المتحدة وبريطانيا من اجل توريط السيسي بسبب تعاونه مع روسيا ».

 

          في الوقت الذي تملأ فيه التوقعات حول من يريد الحاق الضرر بمصر. ففي الصحف والعناوين لا توجد خلافات حول مسألة واحدة. أن قضية الطائرة ألحق ضررا شديدا بالسياحة في مصر. وحسب التقديرات المصرية الرسمية فان خسارة القطاع السياحي تبلغ 280 مليون دولار شهريا، آلاف الموظفين سيُقالون وستتدهور العملة الاجنبية الاحتياطية.

 

          الملك السعودي تجند لمساعدة مصر حيث أمر شركة الطيران الوطنية بأن تستمر في السفر الى شرم الشيخ. ايضا شركة الطيران المصرية تقدم سفريات من القاهرة الى شرم الشيخ بأسعار خاسرة. ووكالات السفر المصرية تقدم تخفيضات وعروض مغرية للمصريين. لكن السياح المصريين أو العرب لا يحضرون معهم العملة الاجنبية ولا يشترون المنتجات مثل الاجانب. وطموح مصر بأن يكون الدخل من السياحة 20 مليون دولار في سنة 2020 أصبح أمرا من الصعب حدوثه ولا أحد يعرف متى سيستقر هذا الامر وتخرج مصر من الضائقة.

 

          مصر جربت الهجمات الارهابية على الاهداف السياحية. طابا وشرم الشيخ والقاهرة تعرضت في الماضي للارهاب الامر الذي أثر على عدد السياح، لكن استهداف الطائرة له تأثير مختلف: حين يدرك السائح أنه سيصل الى مكان سياحي مثل شرم الشيخ أو الى الفندق المحمي جيدا من رجال الامن، فانه يستمر في السفر، لكن عندما يكون الطيران غير آمن يكون الخوف والارتداع أكبر كثيرا.

 

          المشكلة ليست فقط الشعور بالأمن الذي تلاشى والضرر الاقتصادي، بل إن سمعة مصر كمحاربة للارهاب توضع على كفة الميزان. فقد كان الارهاب خلال العامين الماضيين بشكل يومي، إلا أنه كان محليا، ومثل باقي الدول التي تحارب الارهاب في داخلها. إلا أن عملية الطائرة من شأنها أن تفصل مصر عن العالم بسبب الخوف من الطيران اليها ومنها.

 

          من هنا يأتي موضوع المؤامرة الاجنبية، بسبب تآمر دولي يصور مصر كمن تواجه قوى أكبر منها، وليس منظمة ارهابية محلية. لم تأت مصر بجديد. فالرئيس التركي يتحدث دائما عن مؤامرات دولية لاسقاط نظامه، واسرائيل ايضا تقتنع أنها ضحية لمؤامرات دولية.