خبر باريس والقدس- يديعوت

الساعة 11:22 ص|18 نوفمبر 2015

فلسطين اليوم

مقدمو النصائح

بقلم: أمنون أبرموفيتش

(المضمون: يبدو أن الضم ليس عملا بل ميزة، ميزة طابع. نحن نضم المناطق والارهاب على حد سواء، منفذي العمليات والضحايا على حد سواء، البلاد والعالم على حد سواء - المصدر).

 

بطرف لسان يدعون عندنا يهود فرنسا للهجرة الى البلاد، تعالوا الى الديار، مكانكم معنا. وفي ذات النفس تماما، من الطرف الاخر للسان، يقولون: الان ستفهمون ما كنا نجتازه كل الوقت. بمعنى، نحن نطالبهم بأن يأتوا هنا كي يجتازوا هنا كل الوقت، كل السنين، ما يجتازونه هناك في باريس مرتين في السنة. يبدو أن الضم ليس عملا بل ميزة، ميزة طابع. نحن نضم المناطق والارهاب على حد سواء، منفذي العمليات والضحايا على حد سواء، البلاد والعالم على حد سواء.

 

ارهاب داعش يلقي برعبه على الكفار دون فرق في الدين، العرق والجنس. وحاليا قتلوا مسلمين اكثر بكثير مما قتلوا من الكفار الآخرين. وعليه فان محاولة خلق توأمة بين باريس والقدس مصطنعة جدا. ينبغي للمرء أن يكون وزيرة خارجية السويد، يميني متطرف أو يساري موغل في يساريته كي يخلق صلة او يعقد وجه مساواة.

 

الارهاب هو ممارسة نكراء وشنيعة دون صلة بالدوافع والاسباب، ومع ذلك لا يزال ينبغي ملاحظة مزاياه. صحيح أن في القدس الشرقية، في أرجاء الضفة وفي غزة يوجد مخربون من حماس، عز الدين القسام، الجهاد الاسلامي وغيرهم، ممن هم حلم حياتهم – أي، حلم مماتهم – هو تنفيذ عملية مشابهة في تل أبيب، في جانيه يهوشع، في قصر الثقافة او في استاد بلومفيلد. صحيح أن في المناطق يمجدون طاعني النساء العجائز وداهسي الرجال العجائز ويمنحونهم الاوسمة. ولا يزال، فان مصادرة الحدث الفرنسي من قبل السياسة الاسرائيلية، ولا سيما من اليمين، ساخرة. ناهيك عن « قلنا لكم » وعن « تستحقون ». اوروبا تسم البضائع من المستوطنات لان دول القارة، مثل دول المعمورة، تعارض مشروع الاستيطان. الى جانب ذلك، فان قادة الدول الاوروبية جاءوا الى القدس ووقفوا الى جانب اسرائيل في نهاية حملة « الرصاص المصبوب »، لانهم اعتقدوا بان اسرائيل لا تنوي العودة للاستيطان في غزة ووجهتها نحو التسوية السياسية.

 

تعلق اسرائيل بنفسها منذ سنوات عديدة في الجانب غير الصحيح من المعادلة، في الجانب المغلوط من الواقع. فالحياة السياسية تستدعي بدائل سيئة. ها هو: من جهة ايران، الاسد ونصرالله، ومن جهة اخرى داعش، القاعدة وأمثالهم. وبالضبط من أجل هذه البضائع وجدت الشتيمة القديمة، هذه فاسدة وتلك جيفة. ما العمل، هذا هو المطروح في هذه اللحظة على رف السوبرماركت في المنطقة. الويل للشرير والويل لجاره، والجار هو، لاختياركم، بشار الاسد، او زعيم داعش، ابو بكر البغدادي.

 

منذ 22 سنة وهم ينفخون لنا رأسنا في أن ها هي ايران، للتو، وبعد قليل ستكون دولة نووية، وأن بين ايران نووية وابادة اسرائيل يمر فقط خط مباشر واحد، قصير وسريع. هذا لا يعني أن السيناريو مثالي، ولكن حسب الشائعة فان اسرائيل ليست عديمة الوسيلة. وكأن ليس لديها، حسب منشورات أجنبية، قدرة على ابادة ايران، وعلى الطريق، بخطوة صغيرة، عدة دول معادية اخرى. المشكلة الفلسطينية، بالمقابل، ليس لاسرائيل قدرة على ابادتها.

 

الديمقراطية لا يمكنها أن تتخلى عن حق الدفاع عن النفس، وفي مثل هذه الظروف الدفاع الايجابي. فبعد العملية في البرجين التوأمين نفذ الامريكيون تغييرات تشريعية دراماتيكية. نثروا ملاحقات وتنصتات خفية بكميات، أوامر تفتيش بلا حدود، مشبوهون بالارهاب أو مشبوهون بالصلة بالمشبوهين بالارهاب خضعوا للتحقيق وهزوا مع ضغط جسدي غير معتدل. كل ذلك بالتوازي مع القاء النار والقوة في افغانستان وفي العراق.

 

في روسيا جربت صيغة ما، سبقت داعش، لاقامة خلافة اسلامية في جبال القوقاز. وقال بوتين لهم شيئا كهذا تقريبا: عليّ لا يمكنكم ان تمارسوا الخداع، اقيموا الخلافة الاسلامية في مكان آخر، لا في نطاقي ولا في حارتي. بعد مذبحة اطفال المدرسة، انزل عليهم ضربة قتلت الالاف وخلقت مخيمات لاجئين لمليون نسمة فأكثر.

 

للاوروبيين قواعد خاصة بهم. وابل التعليمات وخطوط العمل التي نزلت عليهم في نهاية الاسبوع من اسرائيل كالقنابل الانشطارية لا يفترض ان يؤثر على الرمز الاوروبي. فضبط النفس، الانكماش، واضح ايضا في التغطية الاعلامية. فمن شاهد القنوات الفرنسية والبريطانية لم يرَ هناك في الاستديوهات جولات على جولات من ضباط الجيش المتقاعدين، ضباط الشرطة السابقين، الخبراء ومقدمي النصائح.