خبر كل شيء مشمول وبأرخص ثمن- هآرتس

الساعة 10:35 ص|16 نوفمبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: عودة بشارات

(المضمون: يتحدث نتنياهو وكأنه رئيس دولة عظمى في الوقت الذي تعيش فيه اسرائيل الى درجة كبيرة على مساعدة ودعم الولايات المتحدة - المصدر).

 

          يتفاخر رئيس الحكومة بـ « اليوم الولايات المتحدة تدعمنا بثلاثة مليارات دولار سنويا. في الحرب في افغانستان استثمر تريليون دولار ونصف وهذا يساوي 500 سنة دعم لاسرائيل ». هذا ما قاله خلال زيارته للولايات المتحدة لاستلام جائزة ارفينغ كريستول. لكن ما الصلة بين دعم اسرائيل وبين الحرب في افغانستان؟ حسب بنيامين نتنياهو هناك صلة كبيرة: « امريكا بحاجة الى مواقع رأسمالية ديمقراطية، واسرائيل هي أمة أخت لامريكا في الصراع من اجل عالم أفضل. نحن حلفاء ».

 

          في هذه المناسبة الاحتفالية يمكن ذكر السعودية وقطر ايضا وبعض الجمهوريات في امريكا الجنوبية. ففي السعودية تُمنع النساء من قيادات السيارات وقطر تُشغل العمال الاجانب في ظروف استعباد. لكن خلافا لاماكن ديمقراطية اخرى فان اسرائيل حسب نتنياهو لا تريد قوات امريكية للتواجد هنا وتحارب الى جانبها، بل أدوات لتدافع عن نفسها لأنها تقف في الجبهة المتقدمة ضد الارهاب. هل يريد الامريكيون الناكرون للجميل أكثر من هذا؟ اسرائيل تعمل على أساس « كل شيء مشمول » وبأرخص الاسعار. ليس فقط الضحايا، بل المصابين ايضا، على حساب البيت، ايضا الذين أصيبوا بصدمة المعركة والوالدين اللذين فقدا طعم الحياة. هل جُن جنون صاحب البيت. بدون المليارات الثلاثة استمروا أيها الامريكيون الغالين في الاستثمار في افغانستان بمبلغ تريليون ونصف دولار مع المزيد من العائلات الثكلى.

 

          السؤال الرئيس هو كيف ناورت اسرائيل وأصبحت « مكان رأسمالي ديمقراطي ». مؤلفا كتاب « نظرية الالعاب »، افينش ديكسيت وباري نايلباف يكتبان « قد تعتقدون أنكم تلعبون لعبة معينة، لكن فعليا تكون هذه جزء من لعبة أكبر. دائما هناك لعبة أكبر ».

 

          إذا، هل اللعبة الاسرائيلية الفلسطينية هي جزء من لعبة أكبر؟ يمكن الافتراض أن نعم، ويمكن ايضا المراهنة على أن ما يحدث هنا من سكاكين وحجارة واطلاق نار هو بسيط أمام اللعبة العالمية الحقيقية. هل يستطيع أحد أن يقول مثلا ماذا يشمل « التحالف الاستراتيجي » مع الولايات المتحدة؟ هل الحديث فقط عن تدريب على اقتحامات هوليوودية لمستشفيات في رام الله أم عن شيء مخيف أكثر؟.

 

          وأكثر من هذا، اذا حفروا جيدا سيتبين أن ظروف الاقالة الفظة لموشيه شريت عشية حرب سيناء جاءت على نفس الخلفية. شريت الذي طلب « دولة قانون وليس دولة سرقة » تمت اقالته من رئاسة وزارة الخارجية واستُبدل ببن غوريون نفسه. من يقرأ مذكرات شريت سيفهم أنه خلال عامين، فترة وجوده، كان مثل السد أمام المغامرات الخطيرة حيث أن بن غوريون كان يسعى الى اقامة امبراطورية وليس دولة صغيرة حيث أن أمنها ورفاه مواطنيها كان يفترض أن يكونا على رأس سلم الأولويات.

 

          الذروة هي حينما يقول نتنياهو « لا أحد يتحالف مع الضعفاء. لا أحد يصنع السلام مع الضعفاء. نحن بحاجة الى جيش قوي، وهذا يعني تكاليف باهظة. لكن بسبب ذلك تغيرت قدرتنا على اجراء التحالفات الدولية. أقمنا علاقات قوية مع دول مثل الصين، اليابان والهند. ونحن نوجد في موقع القيادة وليس في موقع الضعفاء ». المشكلة هي أن نتنياهو يتبنى حوار الكبار، لكن الكبار سيبقون كبار والصغار هم ايضا حتى اذا شبهوا الكبار سيعودون في مرحلة من المراحل ليكونوا صغار.

 

          وبالذات حينما يكونون اقوياء عليهم تهيئة انفسهم لليوم الصعب. العالم في اغلبيته الحاسمة مركب من شعوب صغيرة تعيش في استقرار ومعفية من وجع رأس الكبار.