منذ الثمانينات أنتقلت السيدة جميلة الشلالدة 55 عاما و عائلتها للعيش في منزلها الواقع في البلدة القديمة من مدينة الخليل، وتحديدا في قلب شارع الشهداء، في حينه لم يكن الشارع يسكنه سوى ثلاث عائلات للمستوطنين الذي أستولوا على منازل فلسطينيين في القوة، في حين كانت أكثر من 80 عائلة فلسطينية في الشارع.
ومنذ ذلك الحين و حتى الآن، تغير المشهد تماما حتى بات الفلسطينيون أقلية في الشارع الذي تركزت فيه العائلات المستوطنين وتضاعف عددهم لأكثر من 400 مستوطن يعيثون فيه وبحياة الفلسطينيين فسادا كل يوم.
تقول الشلالدة لفلسطين اليوم:« لا أزال أعيش في هذا المنزل وهومقابل لمستوطنة بيت هداسا بالضبط، و يعود بنائه للإحتلال التركي لفلسطين قبل 500 عام، وكانت عائلة زوجي أشترته، رغم كل محاولات المستوطنين الإستيلاء عليه و تهجيرنا من المنطقة ».
شلالدة، تسكن في البيت هي وأبنائها الثلاثة و حفيدها بعد موت زوجها، وتعاني معهم كما العائلات الأخرى، من إعتداءات لا تنتهي من المستوطنين الذين تقوم بحراستهم قوات كبيرة من جيش الإحتلال:« تحيط بنا أكثر من أربع بؤر أستيطانية يسكنها غلاه المستوطنين المسلحين ».
وتتابع: « نحن كمن يقبض على الجمر، لم يبق من العائلات الفلسطينية سوى عشرة عائلات مقابل 42 عائلة مستوطنة صهيونية، المعظم خرج من الشارع وتحديدا بعد أغلاقه في العام 2001 خوفا على أولاده ونفسه من هذه الأعتداءات ».
وتتحكم في حياة عائلة الشلالدة و غيرها من سكان المنطقة بوابه إلكترونية دائمة أقيمت منذ خمسة سنوات، على كل من يدخل أو يخرج من الشارع المرور خلالها و تفتيشه بالكامل.
تعيش الشلالدة رعب دائم على أبنائها و حفيدها، تضطر كل يوم إلى الخروج لإصطحابة إلى البيت وتأمين دخول أمن له خاصة مع أندلاع المواجهات القريبة من من محيط منزلها:« منذ الأحداث الحالية تندلع كل يوم مواجهات يقوم الجنود بإطلاق النار بشكل عشوائي ».
وخلال الحديث مع الشلالدة كانت حجارة المستوطنين تنهال على منزلها:« ها هي الحجارة على منزلنا من المستوطنين لا يوفرون أيه فرصة لضرب الحجارة، حتى قمنا بتركيب شبك معدني على جميع نوافذ المنزل ».
وخلال الأنتفاضة كان المستوطنين لا يكتفون بالحجارة، بل أنهم خرجوا يحملون الأسلحة وقاموا بإطلاق النار على المنازل، وتتابع:« الكبير والصغير منهم مسلح بأسلحة حديثه دائما متأهبين لإطلاق النار على أي أحد يمشي في الشارع ».
وبالمقابل، لا تملك هذه العائلات أي سلاح للدفاع عن أنفسهم ضد هذه الهجمات، تقول :« في كل أعتداء » نرد بالتكبير ... نردد الله أكبر الله أكبر، والله فقط يحرسنا« .
وقد تضاعفت هذه الإعتداءات كما تقول الشلالدة خلال إنتفاضة القدس الحالية، قالت أنها كانت شاهدة على إعدام ثلاثة من الشهداء الذين تم إطلاق النار عليهم في الشارع: » رأيتهم يطلقون النار على الشهيدة هديل الهشلمون الجنود أفرغوا كل رصاصتهم في جسدها وبقت على الأرض تنزف لأكثر من ساعتين دون أن يستطيع أحد من الإقتراب منها« .
وتستذكر يوم إعداد الشهيد فاروق السدر أمامها في الشارع في 29 من أكتوبر الفائت، قالت أنه كان يهبط درج المقابل لمستوطنة بيت هداسا القريب منزلها، عندما تم إطلاق النار وبقي ينزف على الأرض لساعات، تقول أنها أصيبت بإنهيار عصبي لهول المنظر، فالشاب أعدم بدم بارد، وكان بإمكان أنقاذه إلا أنهم لم يسمحوا لأحد الأقتراب منه.
رغم كل هذه المضايقات، لا تزال الشلالدة تتمسك بالسكن في منزلها، تقول: » هذا منزلنا بيت العائلة الذي عشنا فيه وسنبقى رغم كل شئ نحن معنا الله ونؤمن أننا منتصرين لو بعد حين".