خبر اكتشاف بقايا قلعة من أيام الحشمونئيين -هآرتس

الساعة 11:35 ص|04 نوفمبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: نير حسون

 (المضمون: بعد محاولات كثيرة تم اكتشاف قلعة الحشمونئيين في سلوان، تلك القلعة التي لم ينجح في احتلالها حتى يهودا همكابي - المصدر).

خلال المئة سنة الاخيرة نجح علماء الآثار في حل الكثير من الالغاز المتعلقة بماضي القدس. وهم يعرفون بالضبط رسم حدود مختلفة والشوارع الرئيسة، لكن أحد الاسئلة الأهم الذي لم يجدوا له أي اجابة كان موقع قلعة الحكرا – قلعة عسكرية في قلب المدينة في عصر الحشمونئيين.

وجدت في المصادر التاريخية رموز لموقع القلعة التي تم تدميرها من قبل شمعون الحشمونئي في القرن الثاني قبل الميلاد، لكن بقاياها لم تكتشف حتى اليوم. في الاشهر الاخيرة تم اكتشاف بقايا وأدوات حربية وقطع فخارية من تلك الفترة الهيلينية اثناء الحفر في موقف سيارات جفعاتي في سلوان في مدينة داود – وبناء على ذلك فهم يقترحون في سلطة الآثار حلا للغز القلعة الضائعة.

أقيمت الحكرا على يد الملك انتيوخس الرابع في عام 167 ق.م كجزء من حملة احتلال وتدمير قام بها في القدس. انتصار الحشمونئيين وتطهير الهيكل الذي يتم تذكره كل سنة في عيد الانوار، كان عمليا انتصارا جزئيا حيث أن القلعة اليونانية لم يتم احتلالها وبقيت مثل الشوكة في حلق القدس الحشمونئية. وقد حاول يهودا همكابي احتلالها وفشل، ايضا ورثته يوحنان ويونتان فشلوا في ذلك حسب المصادر. سكن في القلعة الجنود والى جانبهم اليهود الذين أيدوا السلطة اليونانية. ووصف مؤرخو تلك الفترة العلاقات السيئة والعدائية بين القلعة وبين المدينة الحشمونئية.

المؤرخ يوسفوس فلبيوس وصف القلعة في كتاب « تاريخ اليهود »: « اجزاء المدينة الفاخرة. وبعد أن دمر انتيوخس الجدران، بنى الحكرا في المدينة السفلى. لأنها كانت مرتفعة وتطل على الهيكل. وقام بتعزيزها بجدران عالية وأبراج ووضع حرس مقدوني في داخلها. اضافة الى ذلك بقي داخل الحكرا المجرمون وأبناء بليعال الذين تسببوا بالمعاناة للمواطنين ».

في نهاية المطاف نجح شمعون الحشمونئي في احتلال الحكرا في عام 141 ق.م.

في الارث اليهودي يعتبر هذا يوم الانتصار الكبير. وحسب المصادر دمر شمعون القلعة من أساسها. ويمكن اضافة حقيقة أنه أقيمت فوق المدينة الصغيرة مدينة القدس الكبيرة في عهد الهيكل الثاني لهورودوس، الامر الذي لم يُبق أي أثر من فترة الحشمونئيين.

يعطي فلبيوس رمزين في اقواله لموقع الحكرا. الاول، أنها مبنية في المدينة السفلى والثاني، أنها مرتفعة وتطل على الهيكل. وبناءً على هذين الامرين خرج باحثو القدس للبحث عن الحكرا، وقد وجدوها تقريبا في كل زاوية حول الحرم. كان هناك باحثون اقترحوا أن تكون داخل حدود الحرم في أيامنا وهناك من اقترح وجودها شمال الحرم، وهناك من اقترح البحث عنها في حارة اليهود في منطقة برج داود بجانب باب الخليل وبالقرب من كنيسة القيامة أو في جنوب الحرم.

كل الباحثين الكبار في القدس من القرن التاسع عشر وحتى الآن اهتموا بهذا الموضوع. أحد الباحثين، مؤرخ وليس عالم آثار، ويسمى بتسلئيل باركوخبا، اقترح في الثمانينيات بناء على المقاطع التاريخية المكتوبة، البحث عن الحكرا في مدينة داود وفي المكان الذي وجدت فيه في النهاية.

موظفو سلطة الآثار عرضوا أمس مجموعة أدوات وجدت اثناء الحفر في منطقة موقف سيارات جفعاتي مقابل مدخل الحديقة الوطنية « مدينة داود »، وحسب رأيهم هذه الأدوات تشير الى موقع الحكرا. باحثون آخرون أكدوا على أن هذه المكتشفات تعطي احتمالا عاليا أن اللغز قد تم حله. الاكتشافات الاهم هي اجزاء من جدار القلعة ومقطع من برج عرضه 4 أمتار وطوله 20 متر، واكتشف ايضا ممر متلوي واصطناعي يهدف الى تصعيب المهمة على القوة المهاجمة.

اضافة الى ذلك تم اكتشاف مجموعة من القضايا الصغيرة مثل عشرات العملات التي حسب اسماء الملوك فانها تشير الى تلك الفترة التي كانت فيها الحكرا موجودة، واكتشفت ايضا رؤوس سهام من البرونز ومقاليع من الرصاص – هذه من مميزات الجيش اليوناني من تلك الفترة. ايضا عثر على 200 يد لجرار كبيرة استخدمت لتخزين النبيذ ووجدت على الايدي أختام تؤكد أن النبيذ تم استيراده من رودوس، الامر الذي يلائم وصف السكان الذين سكنوا في قلب القدس الحشمونئية. مثل العملات فان أيدي الجرار ايضا مؤرخة بالضبط لفترة نشاط الحكرا.

إن وجود الحكرا في مدينة داود ينافي وصف فيلبيوس حول وجودها في مكان مطل على الحرم. والتفسير هو أن فيلبيوس الذي عرف القدس الهورودوسية بعد تدمير الحكرا بـ 200 سنة، اخطأ في هذه النقطة.

 

الحفر في موقف سيارات جفعاتي هو الاكبر في القدس وقد استمر نحو عشر سنوات بادارة علماء الآثار د. دورون بن عامي، يانا تشحنزيفتش وشلومو كوهين ومديري الحفر من قبل سلطة الآثار. وخلال السنوات اكتشفت في المكان أشياء من فترات مختلفة من ايام الهيكل الثاني وفيلا كبيرة من الفترة الرومانية وجرة ذهب من الفترة البيزنطية وفرن من الفترة الاسلامية. ويتم تمويل الحفريات من جمعية العاد، وفي نهاية المطاف سيقام فوق الموقع مبنى كبير يمثل مدخل الى الحديقة الوطنية « مدينة داود » التي تديرها الجمعية. وفي الطابق الارضي سيقام طابق أثري حيث ستحفظ الاكتشافات من الفترات المختلفة فيه.

مهندسون وعلماء آثار ومنظمات يسارية يعارضون اقامة المبنى لأنه سيلحق الضرر بمشهد المدينة القديم وبالاكتشافات الأثرية وبسكان سلوان.

« فكك شمعون الحشمونئي الحكرا حتى آخرها، وكان واضحا مسبقا أنه لا يمكن ايجاد شيء منها. لكن لحسن حظنا لدينا أساس قوي للادعاء أننا نرى الحكرا »، قال بن عامي، « تأثرت كثيرا بهذه الحفريات. لكن لهذه الاكتشافات توجد قيمة اخرى ». في اعقاب الاكتشافات يقترح الآن الكشف عن جدار آخر تم حفره قبل سنوات كثيرة في الطرف الثاني لمدينة داود كجزء من جدران الحكرا. وبناء على هذين الجدارين يمكن رسم حدود القلعة. اذا كانت هذه الفرضية صحيحة فان سلطة المكابيين في القدس، حتى تدمير الحكرا على الأقل، كانت محدودة جدا حيث وجدت قلعة معادية بين المدينة وبين الهيكل.