بدأ المحققون في مصر الثلاثاء تحليل الصندوقين الاسودين لطائرة الايرباص الروسية التي تحطمت فوق سيناء في محاولة لتحديد ما اذا كانت الكارثة نتجت عن مجرد حادث ام عن اعتداء، لكن هذه العملية مرشحة لان تستغرق وقتا.
وقال مسؤول كبير في وزارة الطيران المدني المصرية، ان المحققين في كارثة الطائرة الروسية بدأوا تفريغ بيانات الصندوقين الاسودين للطائرة التي لم تعرف بعد اسباب تحطمها فجر السبت في سيناء ومقتل 224 شخصا، هم كل من كان على متنها.
واكد المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لفرانس برس ان « المحققين بدأوا تفريغ الصندوقين الاسودين » اللذين يحوي احدهما البيانات الفنية للرحلة، بينما يحتوي الآخر على تسجيل المحادثات التي تمت في قمرة القيادة خلال الرحلة القصيرة للطائرة التي كانت متجهة من شرم الشيخ الى سان بطرسبورغ، وتحطمت بعد اكثر بقليل من عشرين دقيقة على اقلاعها.
وتجري عملية التفريع في مقر وزارة الطيران المدني في القاهرة.
وقالت اوساط التحقيق ان العملية المعقدة قد تستغرق وقتا طويلا بحسب وضع اجهزة تسجيل البيانات.
في هذه الاثناء تتواصل في موقع الحادث في صحراء شمال سيناء عملية البحث عن جثامين واشلاء للضحايا.
ونقلت طائرة روسية مساء الاحد جثامين 162 من الضحايا، وفقا لرئاسة الوزراء المصرية، ثم نقلت طائرة ثانية مساء الاثنين اشلاء لعدد اخر من الضحايا.
وفي موقع الحادث في منطقة وادي الظلمات بدأ قرابة عشرة محققين فرنسيين من ايرباص ومن مكتب التحقيق والتحليل لسلامة الطيران المدني التابع للحكومة الفرنسية عملهم الى جانب عدد من المحققين الالمان، تطبيقا للاجراءات الدولية التي تقضي بمشاركة البلدين اللذين يمتلكان النصيب الاكبر في الكونسورسيوم المصنع لطائرات ايرباص، في التحقيق في اي حوادث تتعرض لها هذه الطائرات.
- « التحقيق سيأخذ وقتا »-
واعتبر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في تصريح الثلاثاء ان تبني فرع تنظيم « داعش » في مصر مسؤولية اسقاط الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء « محض دعاية تهدف الى الإضرار بسمعة مصر ».
الا انه قال ان كشف غموض هذا الحادث « سيأخذ وقتا »، مضيفا انه لا يمكن القفز الى استنتاجات سريعة.
واعلنت « ولاية سيناء »، الفرع المصري لتنظيم الدولة الاسلامية السبت مسؤوليتها عن اسقاط الطائرة، مشيرة الى انها اقدمت على ذلك ردا على الضربات الروسية الجوية ضد مواقع التنظيم في سوريا. ولم يعط التنظيم اي تفاصيل حول الطريقة التي تمت فيها العملية.
وقال السيسي ان « الموقف في سيناء والمنطقة التي وقع فيها الحادث على وجه التحديد تحت سيطرتنا الكلية ».
واكد ان « جميع الأطراف التي تبدي اهتماما بهذه القضية يمكنها المشاركة في التحقيق ».
وذكرت شركة « متروجيت » الروسية التي تملك الطائرة الاثنين ان الطائرة كانت « في حالة تقنية ممتازة ».
وقالت متروجيت ان « عملا خارجيا » فقط يمكن ان يفسر الحادث، رافضة فرضية « العطل الفني او الخطأ الملاحي ».
الا ان الوكالة الفدرالية الروسية روزافياتسيا المكلفة النقل الجوي في روسيا خففت من اهمية اعلانات متروجيت، معتبرة انها « سابقة لاوانها ».
وقال مدير الوكالة الكسندر نيرادكو « لا يوجد اي مبرر لاستخلاص النتائج من الان حول اسباب تحطم الطائرة »، معتبرا انه « لا يزال من الضروري القيام بالكثير » في مجال تحليل الحطام والصندوقين الاسودين.
واقر المسؤولون الروس بانهم ليسوا على علم بتورط محتمل لجماعات اسلامية متطرفة في الحادث.
وفي واشنطن، اعلن مدير الاستخبارات الوطنية الاميركية جيمس كلابر الاثنين ان « ليس هناك مؤشرات حتى الان » الى عمل ارهابي تسبب بسقوط الطائرة.
ورجح كلابر عدم امتلاك تنظيم « داعش » امكانات لاسقاط طائرة ركاب اثناء تحليقها، لكنه تدارك انه لا يمكن « استبعاد » هذه الفرضية بالكامل.
ويرى الخبراء ان انتشار الحطام والاشلاء على نطاق واسع يعني امرا واحدا هو ان الطائرة انشطرت بالكامل في الجو.
واستبعد الخبراء الذين تحدثت اليهم وكالة فرانس برس ان يكون لدى تنظيم « داعش » الامكانات لاسقاط طائرة ركاب تحلق على علو تسعة الاف متر، الا انهم قالوا انه من الممكن نظريا ان تكون هناك قنبلة وضعت في الطائرة قبل اقلاعها وانفجرت لاحقا، او ان يكون جسم الطائرة انشطر بسبب تهالكه.
وافادت وسائل اعلام اميركية الثلاثاء ان قمرا اصطناعيا عسكريا رصد وميضا حراريا فوق جزيرة سيناء لحظة تحطم الطائرة الروسية.
وصرح مسؤولون لشبكة « سي ان ان » وغيرها من قنوات التلفزيون الاميركية ان رصد القمر الاصطناعي العسكري وميضا حراريا لحظة الحادث، يشير الى وقوع كارثة خلال الرحلة، ربما كان نتيجة انفجار قنبلة.
- « مأساة رهيبة » -
وفي سان بطرسبورغ في شمال غرب روسيا التي اتى منها معظم الركاب الـ224 وافراد الطاقم الذين قتلوا في الحادث، بدأت العائلات بعد ظهر الاثنين التعرف على الجثامين.
وقال نائب حاكم المدينة ايغور البين لوكالة فرانس برس « بدأت اجراءات التعرف على جثث الضحايا. انه عمل طويل وشاق سيتواصل طالما لزم الامر ».
وللمرة الاولى منذ وقوع المأساة وغداة يوم حداد وطني، اطل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر شاشة التلفزيون الاثنين. وقال « انها مأساة رهيبة. في مثل هذه الاوقات من المهم الحصول على دعم كل البلاد ».
وتقاطر الالاف مساء الاحد الى سان بطرسبورغ لتكريم ذكرى الركاب الـ217 وافراد الطاقم السبعة الذين قضوا في الكارثة وجميعهم من الروس باستثناء ثلاثة اوكرانيين.
وهي اكبر كارثة جوية عرفتها روسيا حتى الان.