حقّق حزب العدالة والتنمية الحاكم انتصارا سيمكّنه من تشكيل حكومة بمفرده، في الانتخابات البرلمانية العامة التي أجريت يوم الأحد، مقابل تراجع واضح لباقي أحزب المعارضة، خاصة حزب الحركة القومية اليميني المتطرف. وبعد أن كان الجدل حول إن كان العدالة والتنمية سيعود للتفرّد بالحكومة أم لا، كادت الانتخابات أن تطيح بحزب الشعوب الديمقراطي خارج البرلمان.
ونجح العدالة والتنمية في رفع أصواته بشكل كبير في مختلف أنحاء البلاد بما في ذلك المناطق التي كان يسيطر عليها في ما سبق وذات الثقل السكاني الأكبر، كالعاصمة أنقرة وأيضا مدينة إسطنبول، وهي الزيادة التي جاءت بشكل أساسي على حساب حزب الحركة القومية (يميني متطرف) وبنسبة أقل على حساب كل من حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، وحزب الشعوب الديمقراطي ذي الغالبية الكردية.
ووفقا للنتائج المبدئية وبعد فرز أكثر من 96 بالمائة من الأصوات، فقد حقق العدالة والتنمية 49.5% منها، ما يرشحه للحصول على 316 مقعدا برلمانيا من أصل 550، بينما حافظ الشعب الجمهوري على نتائجه المعهودة وحصل على 25.2 بالمائة، وتراجع الحركة القومية بأكثر من 4 نقاط ليحصل على 12 بالمائة، بينما تراجع حزب الشعوب الديمقراطي (ذي الغالبية الكردية) وحصل على 10.3%، بانخفاض 3 نقاط عمّا حققه في الانتخابات السابقة.
وتعتبر نتائج هذه الانتخابات رسالة واضحة من الناخبين الأتراك بأنهم لا يريدون العودة إلى فترة الحكومات الائتلافية الضعيفة، بل يفضّلون حكومة الحزب الوحيد، كما أنها تعتبر عقابا واضحا من قبل الناخبين لكل من قيادات المعارضة ممثلة بكل من الشعب الجمهوري والحركة القومية والشعوب الديمقراطي، الأول بعد تقاربه مع حزب الشعوب الديمقراطي رغم تجنب الأخير توجيه انتقادات واضحة للعمال الكردستاني الذي استمر في هجماته.
أما الثاني، فلمواقفه الحادة في رفض التحالف مع العدالة والتنمية رغم « الوضع الحرج الذي كانت تمر به البلاد » بعد عودة الاشتباكات مع الكردستاني، وأيضا تفرّده في إدارة شؤون الحزب ورفض المشاركة في الحكومة المؤقتة وحتى فصل توغرول توركيش، ابن مؤسس الحزب ألب أرسلان توركيش، لمشاركته في الحكومة المؤقتة، ليترشح توركيش على قائمة العدالة والتنمية. وشهدت الولايات الواقعة على سواحل البحر الأسود التي تعتبر قلاعا للحركة القومية، انخفاضا واضحا في نسبة أصواته التي أخذها العدالة والتنمية.
واستطاع العدالة والتنمية زيادة نسبة أصواته في جنوب وشرق الأناضول أيضا. وشهدت كل من ولاية ديار بكر ووان وماردين واغدر وآغر وموش انخفاضا بما يتجاوز العشرة بالمائة في الأصوات التي كان الشعوب الديمقراطي قد حصل عليها في الانتخابات السابقة، بينما بقيت المدن التي شهدت اشتباكات بين الكردستاني وقوات الأمن التركية قلاعا للشعوب الديمقراطي، مثل مدينة جيزرة (جزيرة بوطان) في ولاية شرناق وولاية هكاري.
بينما شهد الشعوب الديمقراطي انخفاضا واضحا في أصواته في كل من أنقرة وإسطنبول والولايات الساحلية في المتوسط، كإزمير وأنطاليا وأضنة وهاتاي، ما يمثل إعادة لما أطلق عليه الشعوب الديمقراطي أصوات الأمانة التي جاءته من اليسار التركي، بما يمكن اعتباره عقابا من قبل الناخبين لتبني الشعوب الديمقراطي لخطاب العمال الكردستاني أخيرا واتهامه الدولة بمسؤولية الهجوم الانتحاري الذي نفذته « داعش » في أنقرة، وتحميل الدولة مسؤولية عودة الاشتباكات والعنف، مع المواربة في انتقاد الكردستاني.