شرّحت نخب إسرائيلية أسباب ريادة محافظة الخليل، أقصى جنوب الضفة الغربية، للهبّة الفلسطينية وعمليات المقاومة، والتي تراوحت بين الطعن أو الدهس، وهو ما أسفر عن سقوط 18 شهيداً في المحافظة وحدها، من ضمن 61 شهيداً سقطوا في مجمل الأراضي الفلسطينية.
وقال معلق الشؤون العربية في موقع « والا »، آفي سيخاروف، إن الاحتكاك المباشر مع اليهود المتطرفين الذين يقيمون في الجيوب الاستيطانية المقامة في قلب المدينة يعدّ أهم أحد أهم الأسباب التي تدفع الشباب الفلسطيني في الخليل لتنفيذ عمليات.
وفي مقال نشره الموقع السبت الماضي، نوّه سيخاروف إلى أنّ وجود المستوطنين في قلب الخليل، قلّص من تأثير الإجراءات الأمنية التي اتخذها الاحتلال لمواجهة عمليات الطعن والدهس. وأشار إلى أن الفلسطيني الذي يقرّر طعن مستوطن في الخليل لا يحتاج لتجاوز حاجز عسكري أو أن يخضع لتفتيشات مفاجئة، إذ إنه يرى المستوطنين في كل مكان في البلدة القديمة من المدينة.
ورأت قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية أن أحد أهم الأسباب التي تدفع الفلسطينيين في الخليل لتنفيذ العمليات يتمثل في السلوك العدائي والممارسات الاستفزازية التي يقوم بها المستوطنون ضدّهم. وعرضت القناة في برنامج « أولبان شيشي »، الذي بثته الجمعة الماضي مقاطع فيديو يظهر فيها المستوطنون وهم يعربدون ويعتدون على الفلسطينيين أمام مرأى جنود وشرطة الاحتلال، الذين يتدخلون فقد عندما يحاول الفلسطينيون الدفاع عن أنفسهم.
وعرضت القناة مقطعاً لمستوطنة وهي توجه سيلاً من الشتائم البذيئة لسيدة فلسطينية تقطن بالقرب منها، ومقطعاً آخر يظهر فيه مستوطن مسلّح يقوم بقلب بسطات الباعة المتجولين من الفلسطينيين بالقرب من المسجد الإبراهيمي، ثم يمضي برفقة أصدقائه الذين كانوا ينظرون إليه بإعجاب.
وتنقل القناة عن المتحدث باسم المستوطنين في الخليل، نوعم أرنون، إقراره أنّ المستوطنين اليهود في المدينة يتسمون باستعداد لارتكاب أعمال عنفية ضدّ الفلسطينيين. ويستدرك أرنون أن هذا السلوك ناجم بشكل أساسي عن « الضغوط التي يتعرضون لها بسبب استفزازات الفلسطينيين ».
وفي السياق، يشير كبير المعلقين في القناة، أمنون أبراموفيتش، إلى أن المرجعيات الدينية اليهودية التي تقطن في منطقة الخليل تعد الأكثر تحريضاً على ممارسة الإرهاب ضد الفلسطينيين. ويضيف أن الحاخام الأكبر لمستوطنة « كريات أربع »، دوف ليئور، دافع بحماسة عن باروخ غولدشتاين، الإرهابي اليهودي الذي نفذ المجزرة في المسجد الإبراهيمي في فبراير/شباط عام 1994، والتي قُتل فيها 29 فلسطينيا وجرح العشرات، عندما أطلق عليهم النار من الخلف وهم يؤدون صلاة الفجر.
وكانت صحيفة « هآرتس » قد نقلت أخيراً عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو امتداحه للحاخام ليئور ووصفه إياه بـ « السرية التي تقود شعب إسرائيل ».
ويؤكد القائد السابق لقوات جيش الاحتلال في الضفة الغربية، الجنرال نيتسان ألون، أن العنف الذي يمارسه المستوطنون ضدّ الفلسطينيين، خصوصاً في المناطق المختلطة، ولا سيما الخليل، يساهم في تعاظم الدافعية لدى الشباب الفلسطيني لتنفيذ العمليات. ونقلت « هآرتس » في عددها الصادر الأحد عن نيتسان قوله إن الإجراءات الأمنية لا يمكنها وحدها استئصال ظاهرة عمليات الطعن بالسكاكين وغيرها بدون معالجة العنف الذي يمارسه المستوطنون ضدّ الفلسطينيين.
غير أن المعلق العسكري رون بن يشاي أشار إلى أن أهالي الخليل يعدّون الأكثر تديناً من بين الفلسطينيين في الضفة الغربية، وهو ما أسهم، بحسب اعتقاده، في توفير البيئة لجعل الخليل المدينة التي تتبوأ مكان الصدارة، من حيث العمليات.
وفي مقال نشرته صحيفة « يديعوت أحرنوت » الأحد، زعم بن يشاي أن حركة « حماس » تستغل التوجهات الدينية للفلسطينيين في الخليل وتحرضهم على تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية. وبحسب بن يشاي، فإن حركة « حماس » ترى أن من مصلحتها تعاظم عمليات المقاومة في الضفة الغربية، مدّعياً أنه على الرغم من أن عمليات الطعن والدهس تمت بمبادرة فردية وبدون تدخل التنظيمات الفلسطينية، فإن جميع منفذي العمليات في الخليل ينتمون لعائلات مؤيدة لحركة « حماس ».
وفي السياق، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي السبت الماضي عن مصدر كبير في الشرطة قوله إن خطوة انطلاق العمليات من الخليل تكمن في حقيقة قرب المدينة لمدينة « بئر السبع »، مما يقلص من قدرة الأجهزة الأمنية على منع تسلل الشباب الذين يخططون لتنفيذ عمليات.