الحرب الاهلية الاسرائيلية -هآرتس
بقلم: تسفي برئيل
(المضمون: في الوقت الذي تحاول فيه القيادة العسكرية اعطاء اسم « انتفاضة » أو « هبة » وقياس الدرجة التي صعدها الفلسطينيون، تختفي عن الانظار الحرب الحقيقية وهي الحرب الاهلية الاسرائيلية - المصدر).
اربعة اطياف اسرائيلية أصبحت ثابتة في الحرب الجديدة التي تدور في الشوارع: مستوطنون، عرب اسرائيليين، يهود اسرائيليين وعمال اجانب. الفلسطينيون سكان المناطق غير مشمولين في هذه التصنيفات بالطبع. فهم « مخربون ». السكين القاتلة الوحيدة أو رصاص المسدس لا تميز بين هذا أو ذاك، لكن التصنيف الاسرائيلي يضع درجات من الاهمية ويفرض مستوى الأسف والغضب المناسب لكل واحد منهم ويثبت الخارطة الطبقية القومية.
« زبالة، فلتمُت » صرخ الجموع باتجاه الاجنبي (طالب اللجوء، عامل اجنبي، مهاجر عمل، اسود، غامق) في المحطة المركزية في بئر السبع. « الزبالة » زرهوم هفطوم من اريتيريا استجاب لطلب الجمهور الذي ضربه ومات. هذا يحدث بالخطأ، خطأ انساني. لم يطلب منه أحد المجيء الى اسرائيل. وقد أثار قتله غضب كبير، ليس بسبب موته بل بسبب الفشل. هذا موت من النوع الاكثر دونية، ليس فيه مجد ولا يضيف شعور الضحية لاسرائيل. ولا يلزم رد صهيوني مناسب، وبالتأكيد لا يعني بناء مستوطنة جديدة ومشكوك أن تقوم حكومة اسرائيل بنشر بيان عزاء.
فوق هفطوم بقليل ولكن ليس زيادة عن اللزوم، يوجد العرب الاسرائيليون. المشكلة معهم هي أنهم مقارنة مع هفطوم هم مواطنون وهذا أكثر تعقيدا. لأن بنية العلاقات التي تكشفت في الاسابيع الاخيرة بين اليهود والعرب في اسرائيل توضح أن المواطنة الرسمية لا تدافع عن العرب أمام التردي لطبقة متدنية أكثر من مستوى اولئك الذين يطلبون اللجوء. اذا كان « الاجانب » هم فقط « سرطان في داخل الأمة » حيث يمكن طردهم من الدولة بعملية جراحية، فان عرب اسرائيل هم سكين في الظهر. سكين الى الأبد. « من أرادت الطعن في العفولة » و« المخرب البدوي » من الحورة هما فقط الامثلة الاخيرة لهذا الموقف.
انتهت فترة « العرب الجيدين » مقابل « العرب السيئين ». محظور القول « إن بعض اصدقائي الجيدين هم من العرب ». لعرب اسرائيل يوجد دور جديد، إنهم يشكلون القومية الاسرائيلية المتطرفة. « بفضلهم » يتم سن القوانين العنصرية، والابرتهايد يزدهر، يقدمون لليمين الاسرائيلي اسباب وجوده، وللجمهور اليهودي هم أعداء داخليين يشكلون الوطنية ويحافظون على « وحدة الشعب ». حتى اذا تمت اعادة المناطق في وقت ما فسيبقى عرب اسرائيل من اجل الحفاظ على العنصرية. هم مطلوبون للحالة اليهودية أكثر من المستوطنين قياسا بالحالة الفلسطينية التي تستمد قوتها من الاحتلال بالذات.
عندما يضع المهاجرون الاجانب والعرب الاسرائيليين حدود الواحدة اليهودية في دولة اسرائيل، فان الحدود تتشوش بين يهود الدولة ويهود المناطق. ومع ذلك، فان هناك فوارق جوهرية ما زالت قائمة. فعندما يُقتل مستوطن قد يحظى بنصب تذكاري على شكل بؤرة استيطانية أو سكن. عائلة اليهودي الاسرائيلي العادي تضطر الى الاكتفاء بمخصصات التأمين الوطني. وهاتان بنيتان للتخليد تختلفان وتستندات الى توزيع طبقي خاص. المستوطنون حسب رأيهم يحملون على أكتافهم مسؤولية شرعنة الحدود الجديدة للدولة، لذلك فانهم المترجمون المعتمدون لمفهوم « رد صهيوني ملائم ». رئيس مجلس السامرة، يوسي دغان، أعلن أنه سيستمر في الاضراب أمام منزل رئيس الحكومة « الى أن يعترف بحقوق سكان يهودا والسامرة في العيش والتطور ويأخذ على مسؤوليته اعطاء رد صهيوني ملائم لهذا القتل الفظيع: بناء وأمن ». موت مستوطن يتحول الى رسالة قومية، مقارنة مع يهودي « بسيط » حيث يحظى بلقب منفى أو شتات الذي هو « ضحية ».
في الوقت الذي يتردد فيه العسكريون بين اسم « انتفاضة » أو « هبة »، ويحاولون قياس ارتفاع الدرجة التي قفز اليها الفلسطينيون، تختفي عن الانظار الحرب الحقيقية، الحرب الاهلية الاسرائيلية التي تحدد فيها السكين ترتيب طبقي جديد.