خبر ضياء التلاحمة..شهيد رحل على عجل وترك خلفة تفاصيل حياة من نور

الساعة 09:09 ص|20 أكتوبر 2015

فلسطين اليوم

21 عاما تراها أم ضياء أمامها ...وتتذكر كل تفاصيل حياته القصيرة « ضياء كان مرحا دائم المزح لا تخلو جلسة يكون فيها ضياء من المرح و الفكاهة » قالت... وراء هذه الشخصية المرحة كانت شخصية أخرى صلبه ومختلفة عن باقي أبنائها، كان ضياء المجد المتقن لعمله القريب إلى الله والوطن وأبن فصيله « الجهاد الإسلامي » الذي طالما أفتخر بالإنتساب إليه.

ضياء أبن بلدة خرسا الواقعة إلى الجنوب من مدينة الخليل ولد 1994 وتربى ضمن أسرة متدينة ووطنية، أثرت في حياته وشخصيته، فبالرغم من حبه للحياة كما تقول والدته، إلا أنه كان يتأثر بكل ما يجري حوله منذ كان في المدرسة وبعد أن ألتحق بجامعة القدس أبو ديس.

ضياء كان في جامعته وفقا لوصف والدته التي تحدث لوكالة « فلسطين اليوم »من الطلبة المميزين والفاعلين في الساحة الطلابية والرابطة الإسلامية الذراع الطلابي حركة الجهاد الإسلامي، وظهر مرارا خطيبا باسمها في المناسبات الوطنية، ولعل أبرازها ضمن المهرجان الذي نظمته الأطر الطلابية نصره لمخيم اليرموك في حصاره في العام 2014.

كلمات ضياء في هذا المهرجان لم تكن إنشاء يرددها بل طريق سلكها حتى يوم شهادته حين قال:« وإنا بإذن الله على خطاكم لمجاهدون »، وكان الجهاد الذي أعد له العدة جيدا حينما تدرب على الكارتيه و أتقنها، وفنون القتال الشوارع حمل الأثقال والجمباز« ، في النادي القريب من بلدته كما تقول والدته إكرام شديد لفلسطين اليوم.

وبعيدا عما تعرفه والدته، كان ضياء في سكنه البعيد عن بلدته خرسا، في بلدة أبو ديس يقوم بتدريباته بما تيسر له، فقد أنتشرت فيديوهات من قبل زملائه له وهو يمارس رياضة القفز عن السواتر » الوسائد« في محاكة للتدريبات العسكرية التي يقوم بها المقاومين في غزة.

وبالعودة إلى ضياء الأبن، تقول الوالدة أن ضياء كان مميزا في حياته كما موته، تستذكره حولها دائما الأبن البار الحنون بشوش الوجه الكتوم بما يتعلق بكل توجهاته السياسية والعامة: » كان الأحن علي من بين أبنائي، في عيد الأم كان لا ينساني أبدا رغم عدم وجوده في البلد ودوامه في الجامعه، إلا أنه كان يترك جامعته ليقدم لي هديته، ومنذ الصباح يبعث لي أغنية « ست الحبايب ».

وتتابع والدته:« كان محرك البيت حين عودته من الجامعة في نهاية الأسبوع يكون للمنزل طعم مختلف، دائم الضحك و المزح وله أسلوب خاص في كل شئ ».

ضياء الخامس بين أخوته الثمانية، كان قد أنهى دراسته الثانوية و حصل على معدل 88% الفرع العلمي، وقرر دراسة هندسة الحاسوب كما شقيقه الأكبر عمر، إلا أنه رفض الدراسة في مدينة الخليل وطلب من والده أن يدرس في جامعة أبو ديس ليعيش مع زملائه في سكن بعيدا عن البيت.

وعن يوم استشهاده تقول الوالدة، عاد ضياء من الجامعة ليقضي العيد بيننا، وحين وصوله إلى البيت طلب منه والده أن يرافقه في عمله، في ورشة البناء التي يعمل بها، وبعد عودته دخل المنزل وهي تعصر العنب لطبخ الدبس، فسلم عليها بإبتسامته المعتادة، وبدل ثيابه وخرج من البيت إلى النادي الرياضي في بلدة دورا القريبة.

 

بعدها بساعتين تقريبا سمعت أم ضياء صوت الانفجار، وكانت لم تنتهي بعد من إعداد الدبس، ثم توالت الأنباء أن هناك شهيدا على مفرق خرسا، المقابل لبيتها تماما، فتركت ما تقوم به وخرجت إلى سطح المنزل لتراقب ما يجري.

تقول:« من أول دقيقه شعرت بغصة بقلبي ولكني لم أتوقع أن يكون ضياء هو الشهيد، وخاصة أنهم أعلنوا أسم مختلف تماما، ولكني بقيت على غير عادتي أشعر أن شيئا سيحدث ».

مرت ساعات حتى منتصف الليل وهي تراقب من السطح ما يجري، خرج والد ضياء مع أبناء القرية إلى مكان الحادث، وحينها عاد شقيق ضياء للمنزل وأخبر والدته أنه من المحتمل أن يكون ضياء هو الشهيد، وطلب منها أن تُصبر والده الذي لم يكن يعرف بعد.

وبعدها بنصف ساعة فقط، اقتحمت قوة كبيرة من الإحتلال منزل العائلة، في ذلك الحين تأكدت تماما أنه ضياء، حيث طلب أحد الجنود من والده التعرف عليه من صورة ألتقطها أحد الجنود على هاتفه، الوالده في الغرفة الثانية رغم الصدمة أطلقت « زغرودة » لتغيظ الجنود كما قالت.

ضياء أستشهد وهو يحاول إلقاء عبوة ناسفة على الدورية التي كانت تمر على مفرق قريته يوميا، وحسب شهود عيان أغلق الطريق بالحجارة، وحينما ترجل الجنود من الدورية  لإزالة الحجارة قام بضرب العبوه بإتجاههم.

والده ضياء حفظت له كرامه الشهداء، كما تقول:« الحمد لله الذي ألهمني الصبر على شهادته ورحيله على عجل ساعات وكان ضياء شهيدا »، وتتابع:« أتذكر ضياء بكل تصرفاته فأشعر أنه لا يزال بيننا، أضحك على مواقفه المرحة في سري وكأنها حدثت للتو ».

« ضياء بيشبهك؟ » سألناها، فردت الوالدة بإبتسامه:« الجميع يقول أنه يشبهني ولكنه أجمل مني وأكثر مرحا وبشوش أكثر مني لا يراه أحد إلا وهو مبتسم لا يوجد في ضياء أي خصله سيئة كلما فيه يجذبك إليه ».

وتستذكر الوالدة ضياء وهو يساعدها في المطبخ، تقول أنه كان يحب المقلوبة ويتقن طبخها، وكلما كانت لديه إجازه يقوم بطبخها لأشقائه، وتتابع:« كان يتقن كل عمل يقوم به بكافة التفاصيل ».