خبر اطلاق النار بهدف القتل- هآرتس

الساعة 09:20 ص|12 أكتوبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: عودة بشارات

 (المضمون: كيف أن الشعب اليهودي الذي أنجب كبار المفكرين لا يستطيع الآن أن يُنجب أحدا يُحدثه عن معنى احتلال شعب آخر، ومعنى قتل آلاف الفلسطينيين - المصدر).

الشرطي الذي أطلق النار على اسراء عابد يستحق عقوبة كبيرة ليس لأنه أطلق النار عليها بل لأنه لم يقتلها. فالأمر الذي أعطاه الوزراء في الحكومة واضح – أُقتل، الجميع يطالبون بالقتل، ويئير لبيد ايضا المعارض يطالب باطلاق النار من اجل القتل. في الدول المتنورة حتى لو تمت إدانة الشخص لا يتم اعدامه، لكن لبيد الذي يدعي تمثيل الجانب الجميل لليهود الاسرائيليين، يطالب بالاعدام بدون محاكمة.

أكتب هنا بشكل انتقادي دون التعلق بتغطية الاحداث اليومية، والآن أستغل هذا الامتياز من اجل قياس الامور في سياقها الاوسع. تعمقت في ثنايا « السياق » الى أن وصلت الى ثيودور هرتسل نفسه. ولدي بشرى له، هذا اذا كان بالامكان زف بشرى لمن لم يعد بيننا: لقد حول حلمه اليهود من شعب يعاني الى شعب يعاني ويُعانون منه. هذا هو تلخيص لتاريخ يمتد مئة عام، اولئك الذين عانى منهم الشعب اليهودي ليسوا هم من يعانون منه الآن.

عدت الى هرتسل من اجل السعي وراء التسلسل الزمني للاحداث التي حولت شعبا كاملا الى شعب يؤيد الاحتلال. ولفهم الامور يجب عمل مقارنة بين الاحتلال الاسرائيلي وبين الاحتلال البريطاني في الهند.

هناك اختلافان اساسيان: الاول – الاحتلال الاسرائيلي حدث في نهاية موسم الاحتلالات، أي بعد أن زالت موضة الاحتلالات من العالم. الثاني، في حالة الهنود فان عدوهم كان الجيش البريطاني فقط. سكان لندن البعيدة لم يشعرون نحوهم بالكراهية. في اسرائيل تم تبني الاحتلال في كل بيت تقريبا، الجيش هو الشعب والشعب هو الجيش. واذا رفعوا في رام الله شعار التمرد على الاحتلال، فسيشعر ولد من بروكلين بأن هذا التمرد موجه ضده شخصيا. التضامن مع الاحتلال يوجد في نفس كل يهودي تقريبا.

هذه هي « عظمة » الصهيونية التي حولت طموح شعب الى الاستقلال الى خطر وجودي على هذا الشعب. على هذه الخلفية فان « عظمة » الصهيونية الثانية جعلت الحوار سطحيا لدرجة الازدراء. سألني شخص ما، حيث بدت على وجهه علامات المعاناة، وبناء على ما قلته ضد القتل في غزة في عملية الجرف الصامد، « ما الذي يمكن فعله أمام اطلاق الصواريخ؟ ». قلت إنه لا يجب قتل 2400 انسان من غزة. ومن سؤاله يتبين أن الاجابة الوحيدة على الصواريخ هي قتل آلاف الغزيين.

ما الذي حدث لهذا الشعب؟ كيف لشعب قام بتخريج كبار الفلاسفة – ماركس، فرويد وسبينوزا – غير قادر على تحليل الوضع الكارثي في غزة. ألا يوجد من يقول له لماذا يتنازل الناس عن مستقبلهم وحريتهم وحياتهم ويستلون سكين ويطعنون؟

هناك اليوم مفكرون لا يقلون أهمية: القاضي اليكيم روبنشتاين الذي تستند قراراته على المبدأ البدائي « يقومون علينا لتدميرنا »، وسياسي يطالب باطلاق النار من اجل القتل، وصحفي رفيع المستوى في صحيفة مهمة يقول لنا إن العالم منقسم بين اليهود وبين من يكرههم.

بعد ذلك يزعمون أن الصهيونية أفادت الشعب اليهودي. كيف؟ هاكم: دولة الناجين من الكارثة واحفادهم تحولهم الى سجانين لشعب آخر؛ دولة الناجين من الكارثة وأحفادهم، مصدرة السلاح السادسة في العالم، هذا أمر مخجل.

اذا جئت الى هنا يا هرتسل مع الافكار الكونية التي وضعتها للدولة التي أردتها، فسيقولون إنك شخص غير مرغوب فيه وستُطرد من المدينة. أهلا بك الى نادي اللاسامية الجديد.