خبر من الضحية هنا- معاريف

الساعة 09:47 ص|01 أكتوبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: ليلاخ سيغان

(المضمون: أبو مازن يتصرف في العالم كأمير على حساب ملايين الفلسطينيين. فقد مُنح القوة لكنه اختار التردد - المصدر).

 قد أُخطيء لعدد من المثقفين المزيفين، ومع ذلك: لا يوجد لأحد الحق المكتسب أو الموروث في تشويش دماغنا أنه مسموح مهاجمة اليهود الذين يذهبون الى الحرم (أو أي مكان آخر). ومع ذلك فان اليهود الذين هوجموا في طريقهم الى الحرم في الايام الاخيرة ليسوا مطاردين، ولا يمكن اعتبارهم ضحايا. صرخات « هكذا يعاملون اليهود في ارض اسرائيل » فارغة. الوضع معقد ولا يجب الاستخفاف به، وبيقين يجب تشديد عقوبة راشقي الحجارة والزجاجات الحارقة. لكن اليهود في اسرائيل يمكن تعريفهم فقط أنهم مواطنين أقوياء يعيشون في بلدهم الديمقراطي الذي تحدث فيه احيانا أحداث عنف.

 

          بهذه المناسبة، يجب أن يقوم أحد ما بتبشير عضو الكنيست جمال زحالقة الذي قرر منافسة الزعبي على لقب فم العام، والذي هو ايضا ليس ضحية. فهو عضو كنيست اسرائيلي وهذه الحقيقة تمنحه كثير من القوة والقدرة على التغيير. ومن الآن فصاعدا فان سلوكه البدائي مسألة اختيار. ومن المريح له أن يقدم نفسه على أنه مغتصب من « مقتحمين لبيته ». لهذا فانه يتخيل أنه من الاجدر التصرف كمجنون. لكن من يعرف، لو كان يفهم أنه ليس ضحية لكان أول من يبارك عضو الكنيست ستاف شبير دون انتظار مبادرتها أولا.

 

          أبو مازن ايضا الذي يعد دائما بـ « القنبلة » ويحضر في النهاية مفرقعة (هذا المقال كتب قبل الخطاب في الامم المتحدة)، ليس ضحية بل هو بعيد عن ذلك. وهو يتصرف في العالم مثل الأمير. صحيح أن هذا على حساب ملايين الفلسطينيين الفقراء والبسطاء، لكن من هذه الناحية فان الثمن عادل. أبو مازن مُنح القوة لكنه اختار التردد والكذب وتبني صورة « المعتدل والمتنور »، وهو يرعى ايضا هواياته – انكار الكارثة والغمز للارهاب. لقد تنازل عن خطوة شجاعة باتجاه انهاء الصراع عندما كانت له فرصة، وهذا ليس من اجل مستقبل الشعب الفلسطيني بل للحفاظ على مكانته. هناك حدود لتصرفات كهذه، وفي نهاية المطاف فان قوة أبو مازن تراجعت. لكن لا يمكن القول إنه ضحية. فمصيره يوجد في يديه.

 

          نتنياهو ايضا ليس ضحية، لذلك اذا حاول تصويرنا هكذا في الامم المتحدة فهو لن ينجح. صحيح أن اسرائيل صغيرة أقامها شعب مطارد، لكنها الآن قوية ولديها الجيش الأقوى في الشرق الاوسط. وبمناسبة خطابه اليوم تم نشر فيلم قصير من أفلام حملات نتنياهو الانتخابية في الشبكات الاجتماعية، يتحدث فيه بدراماتيكية عن جده الذي هوجم بوحشية من قبل زعران لاساميين في اوروبا، وبعد ذلك جاء الى اسرائيل. « لا أحد يستطيع هزيمتنا »، لخّص نتنياهو. واذا كان يؤمن بذلك فلماذا يختار مرة تلو اخرى تصوير الشعب الاسرائيلي على أنه ضحية؟ كان هذا ذات مرة لكنه لم يعد كذلك منذ زمن.

 

          تحولت سياستنا الى تنافس ضحايا ليس له منطق ولا هدف، لأن الركوع على الركبتين يحقق الملاطفة التي يحصل عليها الضحايا اليهود من اليمين، والعرب يحصلون عليها من اليسار. الملاطفة تمنع الطرفين من النهوض. لكن بغض النظر عن الدموع التي سيبتزها كل طرف، فلا أحد من الزعيمين يعتبر ضحية، بل العكس، الضحايا في هذه القصة هم اليهود والعرب المتعطشين للتغيير الذين يقودهم اشخاص كهؤلاء.