خبر مسألة قيادة- هآرتس

الساعة 10:47 ص|22 سبتمبر 2015

فلسطين اليوم

مسألة قيادة- هآرتس

بقلم: أمير أورن

 (المضمون: إن اهتمام الجيش الاسرائيلي بالمخاطر الفورية والآنية يمنعه من التركيز على الحروب والمخاطر المستقبلية التي من الصعب التنبؤ بشكلها أو حصرها في سيناريو معين - المصدر).

وصل غادي آيزنكوت مثل طفل في عربة بعد حرب 1956 الى ايلات. ألقى هناك التحية على الصف الاول في حرب الايام الستة، وكان على أبواب المرحلة الاعدادية في حرب يوم الغفران. في السنوات الاولى بعد احتلال أم الرشراش في 1949 كان جنوب النقب وايلات بعيدين عن الانظار وعن الاهتمام. وفقط بعد عملية سيناء بدأ البحر الاسود بالازدهار، ايضا لنقل النفط من ايران، الذي كان في حينه حيويا مثلما هو الغاز اليوم. السفن دخلت الى الميناء الذي أخذ يتطور، وانبعثت الحياة في المدينة الجنوبية.

في الحرب مع مصر كانت أهمية كبيرة للطريق البحرية الى ايلات، واعلان الرئيس المصري عبد الناصر عن اغلاق مضائق تيارن في 1967 كان سببا كافيا للحرب. وبعد الصدمة المصرية أبدى الرئيس جمال عبد الناصر ووريثه أنور السادات استعدادهما للتسليم بوجود اسرائيل، لكن كان هناك شرطا اساسيا لغولدامئير هو السيطرة الاسرائيلية على شرم الشيخ وتواصل بري حتى القطاع الشمالي بين رفح والعريش. أو بلغة صيف 1973، منطقة يميت. وقد تم دفع ثمن الرفض الاسرائيلي في حرب يوم الغفران وحرب الاستنزاف.

الدبلوماسيون الامريكيون الذين تحدثوا مع غولدامئير في تلك السنوات اكتشفوا أن لديها أمر ثابت، أساسه في الحرب السابقة. غولدامئير ليس أقل من موشيه ديان، فضلت شرم الشيخ على السلام. الوثائق التي تم الكشف عنها في السنوات الاخيرة أثبتت أنه من خلال الدبلوماسية الابداعية كان يمكن في حينه ايجاد صيغة متفق عليها تمنع الجسور المصرية على قناة السويس في 6 تشرين الاول.

آيزنكوت هو رئيس الاركان الثاني، بعد بني غانتس، الذي لم يكن جنديا بعد في حرب 1973. حروبه تختلف عن باقي الجنرالات الذين عاصروا تهديد الجيش المصري، حيث كانت سوريا ولم تكن بعد روسيا، أي فترة الحرب الباردة بين الاقطاب، واستناد نظام حافظ الاسد على السوفييت. المشكلة هي أن الاستعداد للحرب المستقبلية لا يمنح الجيش فرصة الاستعداد للحرب الآنية، والحروب السابقة ايضا، التي تُغير شكلها باستمرار.

عام 1996 فاز رئيس الحكومة حديث العهد بنيامين نتنياهو، ووضع في لحم الجيش الاسرائيلي « الحديد الساخن »، السخافة القاتلة لنفق الحشمونئيم والصدام مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة. ومن اجل الاستعداد بشكل مختلف للحرب القادمة اهتم ضباط الجيش بتطوير معرفة جديدة في مجال مختلف جدا عن الحروب التقليدية، وقد برز قائد المنطقة الوسطى، الجنرال عوزي ديان، وموشيه يعلون واسحق ايتان، وضابط شاب حاذق وحكيم هو غال هيرش، وباستثناء يعلون، الذي أهمل كرئيس اركان الاستعداد للحرب السابقة ضد حزب الله في لبنان، فانهم غير مسؤولين عن التركيز على الاحتياجات الملحة لمواجهة الارهاب الفلسطيني.

الجذور المشتركة لـ « جنري » و « جنرال » ليست صدفة. فعلى القائد العسكري أن يكون مستعدا لجميع السيناريوهات، لكن أزمة الميزانيات تفرض عليه تفضيل سيناريو معين من بين عدد لا يحصى من السيناريوهات، وعند تحقق سيناريو آخر غير متوقع، يعاني من الواقع ومن لجان التحقيق. آيزنكوت يهتم في الآونة الاخيرة بـ « ادارة المخاطر أمام سيناريوهات ليست في مركز الاهتمام » – تهديد قوة عظمى قوتها أكبر من حزب الله وحماس ومن شأنها تبني نوايا وتحضيرات حقيقية، لكن فرص حدوث ذلك تبدو الآن ضعيفة.

هذه ليست مسألة استخبارات بل قدرة قيادية سياسية وأمنية – العمل السياسي الاسرائيلي هو امر مفقود، واحتمال أن تندلع مرة اخرى حرب على شرم الشيخ، لا يقلل من أهمية السعي الى السلام، بل العكس.