خبر للمرة الأولى منذ 70 عاما .. اليابان تتخلى عن دستورها السلمي

الساعة 08:31 م|18 سبتمبر 2015

فلسطين اليوم

تخلت اليابان عن وضع ما بعد الحرب السلمي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية بعد ان وافق البرلمان في وقت مبكر من اليوم السبت (بالتوقيت المحلي) على تشريع خلافي، دفعته الحكومة تحت قيادة رئيس الوزراء شينزو آبي، يسمح للبلاد بإرسال قواتها إلى الخارج للمشاركة فى صراعات مسلحة للمرة الأولى منذ 70 عاما.

بيد ان دستور البلاد السلمي يحظر على قوات الدفاع الذاتي القيام بذلك أو ممارسة حق الدفاع الذاتي الجماعي.

وبموجب التشريع الجديد، ستضع اليابان قانونا دائما للسماح لقوات الدفاع الذاتي بالقيام بمهام دعم لوجيستية للجيوش الاجنبية في عمليات حفظ السلام الدولية، كما سيتم مراجعة 10 قوانين أخرى قائمة متعلقة بالأمن.

وكان مجلس المستشارين في اليابان (البرلمان) وافق على مشروعات قوانين تمهد الطريق امام تحول في السياسة، ما قد يسمح للقوات بالقتال في الخارج، وذلك للمرة الاولى منذ عام 1945.

وتمثل هذه الخطوة ركيزة أساسية في برنامج رئيس الوزراء شينزو آبي لتخفيف القيود على الجيش في دستور البلاد.

وقال آبي ان هذا التحول وهو الاكبر من نوعه في السياسة الدفاعية لليابان منذ انشاء جيش ما بعد الحرب في عام 1954 أمر حيوي لمواجهة التحديات الجديدة مثل تلك التي تظهر نتيجة لصعود الصين.

لكن مشروعات القوانين أثارت احتجاجات حاشدة من مواطنين يقولون انها تنتهك دستور ما بعد الحرب العالمية الثانية وتهدد بجر اليابان إلى صراعات تقودها الولايات المتحدة بعد 70 عاما من السلام.

وصوت اعضاء مجلس الشيوخ في جلسة عامة على هذه القوانين التي تضفي تفسيرا جديدا للدستور السلمي في هذا البلد، وذلك بعد مناقشات شاقة واكبتها تظاهرة امام البرلمان.

واعلن رئيس مجلس الشيوخ ماساكي يامازاكي تبني القوانين باكثرية 148 صوتا مقابل رفض تسعين.

ويرى المعارضون ان هذه القوانين التي يفترض ان تسمح لليابان بالتدخل دفاعا عن حليف، تتعارض مع التخلي عن الحرب المدرج في المادة التاسعة من الميثاق الاساسي الذي فرضته الولايات المتحدة في 1947.

لكن رئيس الوزراء اليميني شينزو ابي يؤكد ان التطور القانوني ضروري في مواجهة التهديدات المتنامية التي مصدرها الصين وكوريا الشمالية، معتبرا ان هذه القوانين تشكل تطبيعا للوضع العسكري في اليابان التي اكتفت منذ نهاية الحرب الثانية بالدفاع عن نفسها وببعثات المساعدة الانسانية او اللوجستية.

ودفع التفسير الجديد للدستور الياباني السلمي عشرات الآلاف من اليابانيين الى النزول الى الشوارع في تظاهرات شبه يومية ونادرة في الارخبيل.

وتجمع مئات المتظاهرين اليوم الجمعة امام البرلمان في طوكيو بينهم جونيشيا ايشيدا وهو ممثل ياباني في مسلسلات تلفزيونية انضم الى الحشود بعدما التحق بها فجأة الخميس.

وتعهد ماتوسيا اوكادا زعيم حزب اليابان الديموقراطي اكبر احزاب المعارضة « بفعل كل ما هو ممكن لعرقلة » القوانين. لكن هذه المحاولات فشلت بسبب الاغلبية الواسعة التي يتمتع بها الحزب الحاكم.

ودعا الناطق باسم الحكومة، يوشيهيدي سوغا، الى وقف المشاجرات واتهم المعارضة بتسمية مشاريع النصوص « بقوانين حرب » بدون وجه حق. ووعد اليابانيين بتفسيرها « بشكل صحيح »، مؤكدا « امضينا وقتا كافيا في دراستها ».

وستدرج القوانين الدفاعية الجديدة مفهوم « الدفاع الجماعي » الذي استبعدته الحكومات السابقة من قبل ويسمح للجنود اليابانيين بالقتال لدعم بلد حليف.

والموقف الثابت الذي يتبناه آبي يؤثر على شعبيته، حيث اظهرت استطلاعات الرأي ان غالبية المواطنين يعارضون هذه التغييرات ومتمسكون بالطابع السلمي للدستور.

وفي الاسابيع الاخيرة تظاهر آلاف اليابانيين في الشوارع بشكل شبه يومي. ويشبه البعض الموقف الحازم الذي يتبناه رئيس الحكومة الحالي وموقف جده نوبوسوكي كيشي الذي اضطر لمغادرة منصبه على رأس الحكومة لدعمه ابرام اتفاقية امنية مع الولايات المتحدة قبل 55 عاما، خلافا لارادة الرأي العام.

ويشارك في التجمعات المعارضة طلاب وربات عائلات ومحتجون يساريون سابقون من ستينات القرن الماضي الى جانب الاوساط الفنية والثقافية.

وقالت ريوكو ايكيدا وهي ام في السادسة والثلاثين من العمر ان « التحرك الآن من مسؤوليتنا كراشدين ». واضافت ان « اطفالنا والاجيال القادمة هي التي ستدفع الثمن ».

اما كيكو ناغاو فرأى ان « الصورة السلمية لليابان هي كنزها والتخلي عنها خسارة كبرى للبلاد ».