خبر الكارثة العربية -هآرتس

الساعة 09:16 ص|10 سبتمبر 2015

فلسطين اليوم

الكارثة العربية -هآرتس

بقلم: آري شبيط

  (المضمون: يجب الاعلان عن الشرق الاوسط أنه منطقة منكوبة والبدء فورا بخطة « مارشال » جديدة لانقاذه وحل مشكلاته - المصدر).

 

الكارثة الانسانية العربية تهاجم الآن من الشرق الاوسط مركز اوروبا. ملايين اللاجئين يبحثون عن بيت، مئات الآلاف اليائسين يسيرون في أعقابهم، الآلاف يغرقون في البحر، جثة طفل سحبت الى الشاطيء تثير الضمير النائم لعالم قاسي القلب. ولكن في داخل هذه الازمة الانسانية الفظيعة – سفن مهترئة، قطارات مليئة، مخيمات لاجئين – لا يوجد من يجيب بصدق وبجدية على سؤال: ما الذي يحدث هنا، ولماذا الآن، وما سبب ذلك في أننا نشهد حدث مخيف لهجرة الملايين الذين يعانون.

 

          السبب الاول لهذه الكارثة الانسانية العربية هو الفشل السياسي العربي. ما هي الامكانيات السياسية التي يقدمها العالم العربي لشبابه؟ ملكية انفعالية، دكتاتورية عسكرية، ثيوقراطية اسلامية، أو فوضى دموية. صحيح أن تونس ما زالت تبعث الأمل، وفي بيروت الوضع يختلف شيئا ما، لكن في نهاية المطاف فان المكان الذي نعيش فيه يبعث على اليأس ولا يبث الأمل. لا توجد حقوق انسان، ولا احترام للانسان ولا يوجد فصل للسلطات. وحينما تُبين العولمة الاعلامية لفاقدي الأمل الفرق بين العالم العربي الذي يعيشون فيه وبين العالم الاوروبي المجاور – فانهم يقومون ويذهبون. الملايين يصوتون الآن بأرجلهم ضد الفشل الذريع للمشروع القومي العربي، الذي لم ينجح في صنع دولة واحدة تدمج بين النمو والحريات.

 

          السبب الثاني للكارثة العربية هو الفشل الغربي الاستراتيجي. فقد ساهمت الولايات المتحدة واوروبا في استقرار نظام ما بعد الكولونيالية في الشرق الاوسط. وهو نظام فاسد يستند الى صفقة مشبوهة مبنية على دعم الانظمة الظلامية مقابل التوفير الدائم للنفط. لكن النظام الفاسد استمر في طريقه المشوهة، وقلص الحروب في منطقتنا وعمل على تقليل المعاناة الانسانية. لكن الولايات المتحدة واوروبا هدمت النظام في الشرق الاوسط من خلال الحرب المجنونة في العراق وفي ليبيا، والتأييد غير المباشر للاخوان المسلمين. النتيجة لم تكن نظام بديل تستقر فيه الانظمة المتنورة والقيم الديمقراطية، بل غياب كامل للنظام، حروب اهلية وحروب اصولية وحروب قبلية. الطموح المثالي والغير واقعي لقوى الغرب وجد أسماء له في ارجاء الشرق الاوسط.

 

          السبب الثالث للكارثة الانسانية العربية هو المصداقية السياسية. البروفيسور ادوارد سعيد وتلاميذه تسببوا بضرر لا يوصف عن قدرة التحدث والتفكير الصحيح في كل ما يتعلق بالعالم العربي. وارثهم الثقافي لم يترك المجال للحديث عن سكان المنطقة إلا كضحايا فقط. التعامل مع الأمة العربية الغنية بتاريخها، والعميقة في ثقافتها والقوية في اقتصادها، كان مثل الطفل الذي لا يتحمل مسؤولية افعاله. لذلك فان كل امراض السياسة العربية نُسبت للآخرين – الامبرياليين، الكولونياليين والصهاينة. وبسبب هذا لم يكن انتقاد حقيقي للعالم العربي ولم يُطلب منه تقويم ذلك.

 

          غياب الأداء الذي تسبب بأن تكون سوريا مختلفة تماما عن اندونيسيا، والعراق مختلف تماما عن كوريا الجنوبية، لم يتم الاعتراف به أبدا، لم يُشخص ولم يُعالج. وفي اعقاب اللقاء الدموي بين الفشل العربي والفشل الغربي والمصداقية السياسية – تفككت دول وقُتل مئات الآلاف وفقد الملايين بيوتهم.

 

          حان الوقت لفتح العيون. لن يكون هناك حل موضعي لتراجيديا المقتلعين الذين يُغرقون الآن مركز اوروبا. الحل الوحيد هو الاعتراف بأن الشرق الاوسط هو منطقة منكوبة بحاجة الى خطة « مارشال » شاملة تواجه مشكلاته الاساسية، التي تقض مضاجع سكانه ولاجئيه.