خبر أرض مجنونة... معاريف

الساعة 06:57 ص|03 سبتمبر 2015

بقلم

(المضمون: شجع انصراف الولايات المتحدة عن قيادة العالم جدا انحلال الشرق الاوسط وهو يفسر جزءا من الظاهرة. ولكن هذا ليس كل التفسير. فمن مكان ما ولد من جديد وحش قديم اسلامي، لن يكون مفر من الوقوف ضده، بكل قوة العالم الحر - المصدر).

المعطيات الجافة تنشر والصور تملأ الشاشات. ونحن نبلغ عن حجوم الظاهرة والمأساة، نرى اللاجئين الذين ينحشرون في قوارب متهالكة وينطلقون الى البحر، ويندفعون نحو مراكز المدن في اوروبا. والى جانب ذلك نشاهد حرج السياسيين الاوروبيين الذين لا يعرفون حقا كيف يواجهون الاعصار. شيء في صورة الواقع الذي بلوره لنفسه العالم الغربي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لم يعده لهذه المواجهة. ولكن عليهم أن يجتازوا عدة مراحل اخرى من الصحوة الى ان يتبنوا خطوات مختلفة تماما. فالواقع الهاديء، الشبع والمنقطع لاوروبا الغربية لن يتكرر مرة اخرى.

في كتاب آلدوس هاكسلي « عالم جديد رائع » يوصف واقع مرتب يسيطر فيه شعار « الاستقرار ». فقد حرم المواطنون من الاحساس والتعليم، واليومي اصبح رحلة تخدير مستمرة بهدف واحد – منع كل هزة. وتفسير ذلك بسيط: الارهاب والحروب كانت توشك ان تخرب الكرة الارضية، حتى لم يعد للكبار المسؤولين خيار غير التدخل وبناء عالم كاذب، يقتلع على الاقل نزعة الابادة الذاتية لدى الجنس البشري.

شيء ما في الظروف التي تدفع الملايين لان يدقوا باب العالم سوي العقل يذكر بخطر الاخرة لدى آلدوس هاكسلي. صوت الجنون والبربرية الاسلامية يسيطر من جديد، وهو يهدد بان يجذبنا جميعا الى الحافة. والى جانب ذلك عالم التعليم والفهم، ذاك الذي بني على مدى مئات السنين وتبلور في مجتمع ديمقراطي، هزم نفسه. فقد فشل في مواجهة المتوحشين الذين يرفضون الالتزام بقواعد اللعب.

وهكذا تقف اوروبا امام نحو 750 الف لاجيء من المتوقع أن يدخلوا ابوابها في العام 2015 فقط. الاف في كل يوم، 107.500 شخص فقط في تموز الماضي، اربعة ملايين لاجيء سوري يوجدون في تركيا والاردن، وهم يتحركون غربا. وملايين آخرون يهربون من ليبيا، من العراق، من ارتيريا ومن افغانستان، دون الحديث عن الباحثين عن العمل من كل ارجاء افريقيا. كلهم يحاولون يائسين الفرار من الشر الذي عاد الى العالم، ومن الفقر والهزال اللذين لم يتركاه ابدا.

المآسي تفطر القلب، ولكن العالم الغربي لا يعرف حقا كيف يواجه كل هذا. هنغاريا تقيم من جديد سياجا. اليونان تستنجد وسيدة اوروبا – انجيلا ميركل تحذر من انه اذا لم تتبع سياسة موحدة، فستنهار المسلمات الاوروبية الاساس، وعلى رأسها ميثاق شينغن من العام 1985، الذي تبنى الحدود المفتوحة بين الدول الاوروبية. وبالفعل توجد اوروبا على شفا خطوة الى الوراء في الزمن، على الاقل لاغلاق الحدود الداخلية وان لم تفعل ذلك – فانها ستدمر من الداخل. لن تبقى أي دولة اقتصاديا امام الملايين العديدة الذين على الطريق. لن يبقى أي نسيج اجتماعي على حاله. ناهيك عن معنى تعزيز القطب الاسلامي لاوروبا.

لقد شجع انصراف الولايات المتحدة عن قيادة العالم جدا انحلال الشرق الاوسط وهو يفسر جزءا من الظاهرة. ولكن هذا ليس كل التفسير. فمن مكان ما ولد من جديد وحش قديم اسلامي، لن يكون مفر من الوقوف ضده، بكل قوة العالم الحر. ولهذا الغرض ملزمون بهجر الادوات الفكرية والاخلاقية القديمة. وضمن امور اخرى، حل المنظمة السخيفة والقاتمة التي تسمى الامم المتحدة.

اذا لم نرغب في الوصول الى الديكتاتورية المرتبة لـ آلدوس هاكسلي، ستكون حاجة لتحطيم قوى السواد، وابقاء اللاجئين على أرضهم وحمايتهم هناك حتى قبل ان يصبحوا نازحين وباحثين عن عمل. ولكن اوروبا لا تزال بعيدة عن أن تكون مستعدة لهذا.