خبر هل يجدر بنا ان نرد؟.. اسرائيل اليوم

الساعة 09:15 ص|28 أغسطس 2015

هل يجدر بنا ان نرد؟
 
بقلم: يعقوب عميدرور
 
لواء احتياط
 
          (المضمون: يبدو أن اسرائيل لن تكسب شيئا اذا ما سرعت سقوط الاسد وساعدت على فتح الباب لسيطرة منظمات سنية متطرفة على ما يتبقى من سوريا. وعليه يبدو أن عدم تدخل اسرائيل هو السياسة العاقلة - المصدر).
 
       في الاسبوع الماضي ضجت مدافع الجيش الاسرائيلي في هضبة الجولان ردا على نار الصواريخ نحو اسرائيل. وبعد ذلك صفيت – حسب بيان الجيش الاسرائيلي – الخلية التي نفذت العملية قبل بضعة ايام من ذلك. في البلاد يوجد خلاف حول الرد الاسرائيلي المناسب. ثمة من يدعي بان اسرائيل ملزمة بان ترد بشكل قاطع والا تكتفي بنار جانبية في منطقة الحدث او بعملية موضعية فقط ضد المنفذين. فضلا عن ذلك، في نظرة أوسع، ثمة من يدعي بان اسرائيل منشغلة جدا في التهديد الايراني، حتى وان كان خطيرا بحد ذاته، لدرجة انها تتجاهل القوة الجهادية السنية الصاعدة في ارجاء سوريا في شكل حركات ثوار متطرفة، مثل الدولة الاسلامية (داعش) او كتلك القريبة من القادمة. وعليه، كما يدعون، فانه عندما يتحقق هذا التهديد، لن تكون اسرائيل جاهزة كما ينبغي لمواجهته.
 
          يجدر قبل كل شيء ان نوضح عما يدور الحديث. تعمل في هضبة الجولان اليوم قوات للثوار، من المتطرفين الى هذا الحد او ذاك، في القسم الجنوبي فقط. وفي هذه اللحظة لا يوجد هؤلاء الثوار يعملون ضد اسرائيل، بل يركزون على اسقاط الاسد ونظامه. أي منهم لا يعتبر عاطفا كبيرا على اسرائيل – بل العكس هو الصحيح اغلب الظن – ولكن يوجد لهم هدف وطالما لم يتحقق هذا، فانهم لن يتوجهوا الى اعداء آخرين. وبالمقابل، في وسط الهضة وفي شمالها تعمل قوات تؤيد الحكم العلوي وتخدمه. وهي توجد على اتصال مباشر مع ايران او مع حزب الله، الذي هو مثابة الذراع الطويلة للحكم الايراني في المنطقة. السلاح، المال، التوجيه بل واحيانا القيادة في الميدان هي للايرانيين، احيانا بالتعاون مع حزب الله واحيانا بدونه. ومع أن هناك امريكيين يدعون بانهم تلقوا وعودا بانه في اعقاب الاتفاق النووي سيتوقف قسم من اعمال الارهاب والعداء من الايرانيين – ولكن الايرانيين الكبار في لبنان وفي سوريا لم يسمعوا بعد عن ذلك، بل انهم يوسعون اعمالهم. الجهاد الاسلامي، الذي ذكر اسمه في الحدث، هو تنظيم اقيم ومول ويعمل بتوجيه ايراني مباشر. وبقدر ما فانه يتبع النزوات الايرانية حتى اكثر من حزب الله الذي يحافظ على مظهر خارجي « بالاستقلال اللبناني ».
 
          سهم مرتد للاتفاق
 
          امام اسرائيل مسألتان مختلفتان. الاولى تتعلق بعموم السياسة الاسرائيلية بالنسبة للحرب في سوريا: حرب العلويين والشيعة ضد السوريين، حرب المنظمات الجهادية مثل جبهة النصرة وداعش ضد الحكم السوري، المسنود بايران وبروسيا ويعمل الى جانب حزب الله وميليشيات شيعية اجنبية. هل ينبغي لاسرائيل أن تتخذ موقفا وتعمل ضد أحد الطرفين او لصالح أي منهما؟ هل من الاضل النظام المعروف على كل مشاكله، ام ان الافضل هي المنظمات المتطرفة جدا، التي امتنعت حتى الان عن العمل ضد اسرائيل، ولكن واضح ان يوم دولة اليهود سيأتي الى قلب جدول اعمالها؟
 
          المسألة الثانية مختلفة جوهريا، ولكن يمكنها أن تؤثر ايضا على الجواب الاول: كيف ينبغي لاسرائيل أن ترد عندما تنفذ عملية ضدها في هضبة الجولان؟ هي تكتفي فقط بالحد الادنى اللازم وبتركيز ردها على القاطع الذي وقع فيه الحدث؟ أم عليها أن توسع ردها كي تردع من يقف خلف العملية؟
 
          مبدئيا، يبدو أن على اسرائيل أن تحذر جدا من أن تصبح جزءا من النزاع الذي لا ينتهي في سوريا إذ من ناحيتها لا يوجد طرف واحد افضل من خصمه. امام التطرف الذي لا يمكن فهمه والوحشية غير الانسانية لداعش، تقف قدرة حزب الله على تفعيل مئة الف صاروخ تحت عصا القيادة الايرانية، في الوقت الذي تكون هذه هي مصلحتها. وكلما ضعف الاسد، وان كان يصبح اكثر تعلقا بايران وحزب الله، ولكن تقل ايضا قدرته على مساعدتهم، وربما اهم من ذلك – يجتذب حزب الله الى العمل في سوريا، على حساب قدرات المنظمة في الجبهة امام اسرائيل. فلماذا ينبغي لاسرائيل أن تتدخل في صالح أي من الطرفين؟ أوليس من الافضل ان يستنزف الطرفان دم الوحد الاخر؟ لماذا ينبغي لاسرائيل أن تعرض للخطر أي من جنودها في صالح من سيكون عدوها غدا أو بعد غد؟ هذا المنطق ليس مفهوما لي. كقاعدة، يبدو أنه سيكون اصعب على اسرائيل التصدي لعدو تقف خلفه دولة تساعده على التعاظم من أن يتصدى لمنظمة قد تكون اكثر وحشية، ولكن لا توجد دولة ملتزمة بمساعدتها على بناء قدراتها. وبأخذ هذه القاعدة بالحسبان، ليس لاسرائيل مصلحة للتسهيل على حزب الله وعلى الاسد حليفة، رغم ان البديل هو تنظيم رهيب مثل داعش. ولكن في نفس الوقت يبدو أن اسرائيل لن تكسب شيئا اذا ما سرعت سقوط الاسد وساعدت على فتح الباب لسيطرة منظمات سنية متطرفة على ما يتبقى من سوريا. وعليه يبدو أن عدم تدخل اسرائيل هو السياسة العاقلة.
 
          بالمقابل، هناك نوعان من الاحداث يكون فيهما على اسرائيل أن تعمل دون مراعاة مسألة مَن مِن الطرفين في سوريا يخدم عملها. الحالة الاولى هي عندما تنقل ايران أو سوريا لحزب الله سلاحا محطا للتوازن، سلاحا يعطيه قدرة من شأنها ان تعرقل اسرائيل في كل مواجهة مستقبلية. في مثل هذه الحالة على اسرائيل أن تمنع نقل السلاح بالقوة، في عملية دقيقة قدر الامكان، ولكن دون مراعاة عمق العملية وقربها من ذخائر اولئك الذين يساعدون الحكم – سواء كان هؤلاء رجال الاسد، الايرانيون وحتى الروس.
 
          الحدث الثاني هو عندما تنفذ عملية مباشرة ضد اسرائيل من هضبة الجولان او من مجال آخر. بعد حدث كهذا على اسرائيل ان تجتهد كي تعثر على منفذي العمليات، واذ كان ممكنا مرسليهم المباشرين – والمس بهم. وعندما لا تكون امكانية كهذه (وهذا هو الوضع بشكل عام)، ينبغي ضرب اهداف توضح لمرسلي الارهاب بانهم غير محصنين. والتلميحات التي يبثها الرد يجب أن تكون شديدة الوضح بما يكفي من اجل ايضاح موقف اسرائيل، ولكن دون الزام الطرف الاخر بالرد بشدة. في الوضع الحالي ليس لاسرائيل مصلحة في ان تبدأ عملية « ذهب كرسي – جاءت طاولة »، والتي يعرف المرء كي تبدأ ولكن لا يعرف المرء أن تنتهي. ان ايجاد التوازن الحساس في الرد الحاد بما يكفي من أجل تأكيد الجدية، ولكن ليس ردا يدهور الوضع، هو التحدي الصعب في اوضاع من هذا القبيل.
 
          بالنسبة للمستقبل: "لا تظهر بعد علائم على الارض، ولكن لا ينبغي أن اتفاجأ اذا كانت ستكون للاتفاق بين الولايات المتحدة وايران تأثيرات سلبية في سوريا. فمن جهة، هناك تخوف من أن سير الولايات المتحدة مع ايران يمكنه أن يحقق وقوف سُنة اكثر الى جانب تنظيم داعش المتطرف. ومن جهة اخرى، معقول ان يشعر الايرانيون (وربما ليسوا هم وحدهم) بانهم اقوى في اعقاب الاتفاق، فيكون التعبير عن ذلك تدخل اعمق في سوريا في صالح الاسد، جهود اكبر لتعزيز حزب الله بسلاح حديث والعمل على عمليات في هضبة الجولان. يجب ان نكون مستعدين لمواجهة التأثيرات السلبية للاتفاق في مكان غير متوقع في سوريا.