خبر هرتسوغ في المقاطعة- يديعوت

الساعة 09:50 ص|24 أغسطس 2015

فلسطين اليوم

هرتسوغ في المقاطعة- يديعوت

متلازمة الولد المضروب 

بقلم: الياكيم هعتسني

 

          (المضمون: هرتسوغ مصاب بعقدة الولد المضروب التي في اطارها يرفضون عندنا التسليم بواقع أن الرفض العربي، ومعه الحصار، هو حقيقة معطاة وثابتة، طالما أردنا ان نقيم لنا دولة هنا - المصدر).

 

          زار هرتسوغ المقاطعة وعاد من هناك مفعما بالثناء على ابو مازن، الذي يحزم حقائبه قبيل الزيارة الى طهران وفتح ممثلية ايرانية في رام الله. بتفاؤل آسر يعد ايضا بان الفلسطينيين مستعدون لـ « خطوات اصيلة في المواضيع الجوهرية ». فهل بانتظارنا تنازل تاريخي عن « حق العودة »؟ أم لعل محمود عباس سيغدق على اسرائيل حدودا أمنية في الغور، منعا لوصول داعش او الحرس الثوري الى طريق رقم 6؟

 

          لقد عثر بوجي على « فرصة اقليمية نادرة »، « تاريخية »، في استعداد السعودية ودول سنية مهددة اخرى للاستناد الى قوة اسرائيل العسكرية لانقاذها من داعش وايران. وفي مثال عن ر. يهوشع، يسمح الاسد للقلق بان يدخل منقاره الى حلقه كي يخرج من هناك عظمة خانقة. خروجه منه بسلام هو ثوابه. وها هو، بدلا من أن يدفعوا لنا في لحظة ضيقهم – مثلا، بالتنازل عن المبادرة السعودية (تقسيم القدس، حدود 1967، اللاجئين) – لدى هرتسوغ اللقلق هو الذي يدفع مقابل اخراج العظمة.

 

يذكرنا بتفاؤل هرتسوغ ببطل كتاب فولتير الكلاسيكي « كنديد أم تفاؤل » (1759، الذي يجتاز تجارب رهيبة من الكوارث والشر الانساني: هزة أرضية في ليشبونا تقتل عشرات الالاف، اختطاف زوجة احلامه واغتصابها المرة تلو الاخرى، مرض السفلس، فظائع محاكم التفتيش، النجاة من اغراق يغرقه فيه منقذه – وفي كل هذه يرى « الخير الذي في كل العوالم المحتملة ».

 

بروح تفاؤل عبثي كهذا، فان هرتسوغ « يؤمن بان الزعيمين سيدخلان الى الغرفة وينظر الواحد الى الاخر في العينين ويتوصلان الى اتفاق ». وهما لا يحتاجان الا الى « السعي بشجاعة »، القيام بـ « خطوات شجاعة »، « الا يخافا، الا يخشيا، ان يتجرآ ». فكيف يستوي هذا مع تسمية نتنياهو « مجرم » فقط لان جنديا قتل من هاجمه بسكين؟ مع الاعجاب بالمخربين وتوزيع الجوائز على الارهابيين القتلة؟ مع نافي الكارثة عباس نفسه، الذي يستخدم ضدنا آلة التحريض والمقاطعة الاكبر منذ ايام غوبلز؟ وما هو التفسير في أنه لا يوجد توقيع واحد، تعهد واحد، لم ينتهكه الفلسطينيون بوقاحة. فقط تفاؤل « كنديدي »  مغمض العينين، ومقابل توقيع آخر كهذا مستعد لان يسلمهم جبال السامرة التي تشرف على غور بيسان وحتى غوش دان.

 

سذاجة؟ كنديد ليس ساذجا، وكذا هرتسوغ بعيد عن ذلك. كنديد سقط في الاسر ونومته مغناطيسيا فلسفة شوهت رؤيته وشوشت تفكيره. جمود ايديولوجي كهذا لا يتأثر بالواقع. امام مفهوم السلام لا اهمية للحقائق.

 

تفسير علمي لهذا الشيطان الآسر يعطيه البروفيسور كينت لفين، مؤرخ وعالم نفس، في كتابه « متلازمة اوسلو ». وحسب لفين، تعمل هنا « عقدة الولد المضروب » الذي يتهم نفسه عبثا في أن سلوكه الشرير هو سبب معاناته ويقع في الوهم في أن السلوك الخير من جهته سيغير شيئا ما. وهو ملزم بان يؤمن في أنه فقط اذا ما فعل هذا وذاك، فان وضعه سيتحسن. وهو لا يمكنه أن يسلم بواقع ان معاناته اعتباطية تماما.

 

وفيما يشبه ذلك يرفضون عندنا التسليم بواقع أن الرفض العربي، ومع الحصار، هو حقيقة معطاة وثابتة، طالما أردنا ان نقيم لنا دولة هنا. وضد حقيقة الحياة هذه يصرخ شعار اليأس غير العقلاني « هل الى الابد سيأكل السيف؟ » من أجل صحته النفسية الضرورية له، لذاك الذي يخضع للحصار، الوهم في أنه اذا انسحب من هنا ومن هناك سيتوقف العداء وسيرفع الحصار. هل يمكن فتح عيني الولد المضروب؟