خبر محمد علان وفلسفة المواجهة.. بقلم د. وليد القططي

الساعة 06:03 م|20 أغسطس 2015

حتى كتابة هذا المقال من غير المعروف أن كان الأسير المجاهد محمد علان المُعتقل إدارياً في سجون الاحتلال الصهيوني قد تناول الطعام أم لم يتناوله , بعد أن قررت المحكمة الصهيونية تعليق أو تجميد اعتقاله إدارياً , وهو قرار غريب غير مسبوق كمخرج مؤقت لسلطة الاحتلال يُعفيها من النتائج السلبية المُتوقع حدوثها فيما لو استشهد محمد علان أثناء اعتقاله إدارياً , خاصة بعد تهديد سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي بإنهاء التهدئة وضرب المستوطنات الصهيونية بالصواريخ إذا استشهد علان في السجن .

ولكن المعروف يقيناً أن محمد علان قد انتصر على جلاديه وقهر سجانيه ودك مسماراً آخراً في نعش الاعتقال الاداري , ووضع الاحتلال وأساليبه القمعية في قفص الاتهام مجدداً , وسطّر صفحة جديدة ناصعة من صفحات النضال الفلسطيني , وأضاف نجمة ساطعة أخرى في سماء الحركة الوطنية الأسيرة , وقدّم نموذجاً مشرقاً لنهج المقاومة الذي يؤمن به كنهج فعّال لنيل الحرية , وأعطى مثالاً حياً لخيار الجهاد الذي ينتمي إليه كخيار ناجح لانتزاع الحقوق , واثبت مجدداً أن الجوع يقهر بطش السجّان والألم ينتصر على سوط الجلاّد .

والمعروف يقيناً  أيضاً أن محمد علان قد أدرك بإيمانه ووعيه وثوريته السر الكامن في فلسفة المواجهة ضد الاحتلال الصهيوني , والذي يُعتبر مصدر القوة فيها , هذه الفلسفة المستندة إلى نهج الجهاد والاستشهاد , وطريق المقاومة والنضال , خيار الأمة العقائدي والتاريخي في التصدي لأعدائها ومواجهة أعداء الإنسانية , وأن هذا الخيار رغم تكلفته العالية وثمنه الباهظ وصعوبته البالغة أفضل بكثير من نار الذل والهوان الذي ستلاقيه الأمة فيما لو تخلّت عن الجهاد وأدارت ظهرها للمقاومة , فما ترك قومٌ الجهاد إلاّ ذُلوا , وما ركن شعبٌ إلى ظالميه ومحتليه إلاّ مسته نار الهوان .

وعلم أيضاً أن النصر صبر ساعة يحتاج إلى صدق الرجال وعزيمة الأحرار وإصرار الثوار , وان اضرابه عن الطعام ليس إلقاء بالنفس إلى التهلكة – كما يقول بعض المرجفين – بل هو ارتقاء بالنفس إلى النجاة والعُلا , وأن جوعه وألمه نوع من المقاومة والجهاد , بل أرقى صورهما لنيل الحرية وانتزاع الحقوق , وأن من يموت أثناء ذلك يموت شهيداً , كما أفتى بذلك الشيخ محمد حسين مفتي القدس وفلسطين وغيره من العلماء , وان من يقعد عن الجهاد ويستسلم لمشيئة الاحتلال هو الذي يُلقي بنفسه إلى التهلكة ويزج بشعبه إلى مهاوي الردى .

وفهم أيضاً أن فلسفة المجاهدين الاستشهاديين هي التي صنعت انتصاراتنا وقوتنا ومجدنا , وصعدت بالأمة إلى قمة الحضارة والتقدم , وأن فلسفة المُخلّفين القاعدين هي التي صنعت هزائمنا وضعفنا وتخلفنا , وهوت بالأمة إلى قاع الحضارة والتقدم , فشتان بين فلسفة الجهاد والاستشهاد وفلسفة  القعود والخنوع .

وأخيراً لم يكن محمد علان بدعاً من الثوار الذين سطّروا بجوعهم وألمهم أروع صفحات النضال والجهاد , فقد سبقه الكثير وسيتبعه الكثير من أبطال هذا الشعب المعطاء الولاّد بالعظماء حتى يأذن الله تعالى بالنصر المبين , أما ثوار منتصف الطريق ومنظروا الهزيمة وفلاسفة الاستسلام فلا نامت اعينهم .