خبر لمـاذا يضحـك الأطفـال الرضّـع؟

الساعة 08:53 م|18 أغسطس 2015

فلسطين اليوم

ما الذي يجعل الأطفال يضحكون؟ قد يبدو هذا وكأنه أحد الأسئلة الأكثر متعة التي يمكن البحث فيها، ولكن هناك سبب علمي جاد جعل (كاسبار أدديمان) يريد معرفة ذلك.

(أدديمان) ليس أول من طرح هذا السؤال، فقد سبقه إلى ذلك (داروين) عندما قام بدراسة الضحك على ابنه الرضيع، وقام (فرويد) بتشكيل نظرية مفادها بأن ميلنا إلى الضحك ينشأ من الشعور بالتفوق، لذلك نحن نضحك أحياناً عند رؤية معاناة الآخرين، ويمكن لحوادث التعثر أن تكون أمثلة جيدة على ذلك.

يعتقد عالم النفس الكبير المختص في تطور البشرية، (جان بياجيه)، بأنه يمكن استخدام ضحكات الرضع لمعرفة ما يدور في عقولهم، فإذا ضحكت على نكتة مثلاً، فهذا دليل على أنك فهمتها إلى حد ما، لذلك فإن دراسة ضحك الرضع قد تكون وسيلة رائعة لأخذ نظرة معمقة أكثر عن مدى فهمه للعالم، ولكن على الرغم من أن اقتراحه هذا كان قد جاء في أربعينيات القرن الماضي، إلّا أن صحة ما جاء فيه ما تزال تحتاج إلى المزيد من الفحص، وعلى الرغم من أن بعض الباحثين المشهورين كانوا قد قاموا بدراسة هذا الموضوع، لكن هذا الموضوع تم تجاهله تماماً من قبل علم النفس الحديث.

جاءت دراسة (أدديمان) من بيركبيك من جامعة لندن، كمحاولة لتغيير هذا الواقع، حيث أشار إلى أنه يعتقد بأنه يمكن استخدام ضحكات الرضع لمعرفة مدى فهمهم للعالم من حولهم بالضبط، ولذلك عمل (أدديمان) على أكمل وأكبر وأشمل مسح في العالم للسبب الذي يجعل الأطفال يضحكون، وقام بعرض نتائجه الأولية في المؤتمر الدولي لدراسات الرضع، في برلين، في العام الماضي، حيث أنه قام عبر موقعه على الانترنت باستطلاع شمل أكثر من 1000 ولي أمر من جميع أنحاء العالم، وسألهم من خلاله عن الوقت والمكان والسبب الذي يضحك أطفالهم فيه.

أتت النتائج لتكون مثلجة للصدر، حيث تبين بأن الابتسامة الأولى للأطفال تأتي عند بلوغهم حوالي الستة أسابيع من العمر، في حين تأتي ضحكتهم الأولى عند بلوغهم حوالي ثلاثة أشهر ونصف – وذلك على الرغم من أن هناك بعض الأطفال يستغرقون ثلاثة أضعاف هذا الوقت حتى يضحكوا أول ضحكة، لذلك لا داعي للقلق إذا ما تأخر طفلكم عن الضحك-  كما أنه من المؤكد بأن لعبة إخفاء الأعين (Peekaboo) هي اللعبة المفضلة التي يمكن أن تطلق العنان لضحكات الأطفال، ولكن ومن جهة أخرى، فإن الدغدغة هي السبب الوحيد الأكثر انتشاراً لضحكات الأطفال.

الأهم من ذلك، أظهر المسح بأن ضحكات الأطفال الأولى متعلقة بوجود أشخاص آخرين يتفاعلون معهم، بمعنى إن الإحساس الجسدي بأن شيئاً ما يدغدغ الطفل ليس كافياً، كما أن رؤية شيء يختفي أو يظهر أمامه فجأة ليس كافٍ أيضاً، ولكن هذه الأمور تصبح مضحكة فقط عندما يقوم بها شخص بالغ أمام طفل، وهذا يدل على أن الأطفال وقبل أن يكونوا قادرين على السير أو الحديث، يكونون – هم وضحكهم – قادرين على ممارسة التواصل الاجتماعي، فإذا كنت تدغدغ طفلاً وبدأ يضحك، فهذا لأنك أنت من يقوم بدغدغته، وليس لأن هناك شيء ما يؤدي إلى دغدغته.

ما هو أكثر من ذلك، يبدو بأن الأطفال لا يميلون إلى الضحك على الأشخاص الذين يتعثرون ويقعون أمامهم، ولكنهم من جهة ثانية يكونون أكثر ميلاً بكثير لأن يضحكوا عندما يتعثرون هم ويقعون، بدلاً من الأشخاص الآخرين، أو عندما يكون الآخرين سعداء، وليس عندما يكونوا حزينين أو متفاجئين بشكل غير سار، ومن خلال هذه النتائج، تبدو نظرية (فرويد) بأنها خاطئة للغاية.

على الرغم من أن الآباء أشاروا بأن الأطفال الصبيان يضحكون بقوة أكبر من الأطفال الفتيات، إلّا أن كلا الجنسين كانا يجدان بأن آباؤهم وأمهاتهم مضحكين بذات القدر.

ما يزال (أدديمان) يحاول المواصلة على جمع البيانات، ويأمل بأن تصبح نتائجه أوضح لكي يكون قادراً على استخدام تحليلاته لإظهار الكيفية التي يمكن من خلالها للضحكات تتبع تطور فهم الرضيع للعالم من حوله.

على الرغم من جميع الإمكانات العلمية، لا تزال ضحكات الرضيع من الموضوعات البحثية المهملة بشكل غريب، ولكن جزء من السبب يعود إلى  صعوبة جعل الأطفال يضحكون بالشكل الصحيح في المختبر، وذلك على الرغم من أن (أدديمان) خطط لمعالجة هذا الأمر في المرحلة التالية من مشروعه، ويضيف بأن جزءاً من سبب تجاهل هذا الموضوع ينبع من النظرة الموجهة إليه باعتباره موضوع غير جاد بما فيه الكفاية كي يبحث العلم فيه، وهذا ما يأمل (أدديمان) بأن يغيره، فبالنسبة له، دراسة الضحك هو موضوع جاد تماماً وليس عبارة عن مزحة أو تسلية.