خبر طبيب في الظلام -هآرتس

الساعة 10:08 ص|13 أغسطس 2015

فلسطين اليوم

بقلم: جدعون ليفي

          (المضمون: في كل مجالات الحياة المتعلقة بالاحتلال تقوم اسرائيل بممارسات لااخلاقية. ومثلما اتخذ رئيس هستدروت الاطباء ادلمان موقفا اخلاقيا من التغذية القسرية، فاننا بحاجة الى المزيد من الادلمانيين - المصدر).

          عندها هبط مثل شعاع ضوئي في الظلام، الشخص الاقل توقعا. في المكان الذي لم يكن فيه اشخاص، كان الشخص: رئيس هستدروت الاطباء الدكتور ليونيد ادلمان، الذي يبدو مثل بيروقراطي سوفييتي، طبيب تخدير، هو بالذات أيقظ الجزء الاكثر تخديرا في اسرائيل، الضمير، والجدل حول أنه يمكن بشكل آخر.

          يصعب تذكر متى تصرف زعيما للعمال في اسرائيل بهذا الشكل، ومتى تجاوز من ليس عضوا في اللجنة الاخلاقية مجال الرواتب والخدمات الطبية الخاصة، ومتى تجرأ أحد للخروج على القانون. لقد تحولت هستدروت الاطباء للحظة الى « اطباء من اجل حقوق الانسان ». الرفض الضميري تحول فجأة الى سلاح مشروع. وبدون تردد أعلن الطبيب الشجاع والاخلاقي أنه هو نفسه قد أضرب عن الطعام ذات مرة وأن هستدروت الاطباء لن تشارك في تعذيب البشر، وأن اطباءه لن يستخدموا التغذية القسرية للمضربين عن الطعام ولن يطبقوا القانون الذي أقرته الكنيست. القانون؟ قال ادلمان إنه في الصين يقوم الاطباء بتعذيب الناس حسب القانون. برافو ادلمان.

          أمام خطوته هذه برز الظلام. وفجأة تبين كم من المتعاونين يوجد للاحتلال، وكم من الوكلاء الذين يقومون بدورهم دون أن يوقفهم ادلمان ما، وكم من منظمات العمال كانت قادرة وبحاجة الى الاحتجاج، وكم هستدروت كانت بحاجة الى الطلب من اعضائها عدم التعاون والرفض. ليس فقط « الشباك » والجيش الاسرائيلي، المستوطنين، المهندسين، المقاولين الذين يبنون على الاراضي المسروقة، أصحاب البنوك الذين يتاجرون بأموال الغير، الحطابين في المناطق المحتلة – مجالات لانهائية من الحياة المتعلقة بالاحتلال التي يتصرفون فيها كأنهم أبرياء. وبالطبع رجال القانون: لنتخيل فقط ادلمان على رأس نقابة المحامين وهو يطلب من الاعضاء عدم التعاون مع المحاكم العسكرية. هذه أحلام يقظة، تقريبا نهاية الاحتلال.

          لكن مع مزيد من الادلمانيين يتغير الواقع. ادلمان أثبت أن هذا ممكن، وأثبت الباقون الى أي درجة هم مصابون ووحيدو القرن. وأثبتوا ايضا لماذا من حق معارضي الاحتلال في العالم مقاطعة كل أطياف المجتمع وليس فقط المستوطنات.

          الاطباء ايضا مصابون. قال لي هذا الاسبوع المضرب عن الطعام خضر عدنان من نابلس، كيف أن الحراس جلسوا في غرفته في مستشفى آساف هروفيه وأكلوا أمامه الشاورما والبيتزا، في الوقت الذي كانت فيه حالته تتدهور وهو مكبل الى سريره. هناك اطباء سمحوا بذلك، وهناك اطباء لم يضعوا حدا للاانسانية داخل المستشفى الذي هم مسؤولون عنه. لقد قصروا في واجبهم.

          هناك اطباء في « الشباك » سمحوا ويسمحون بالتعذيب، وهناك اطباء في مصلحة السجون مستعدون الآن لاقامة « غرف طواريء » في السجون تكون اماكن للتغذية القسرية، ايضا مشهد تعذيب المضرب عن الطعام محمد علان بواسطة نقله من مستشفى الى آخر، من اجل تغيير الاجواء أو تغذيته قسرا في مستشفى يديره عقيد في الاحتياط، ولا يحتج. الاطباء الذين سيُدخلون أنبوب الى معدة علان بالقوة، اذا حدث هذا، يجب مقاطعتهم ومقاطعة مدرائهم في البلاد وفي الخارج. بدون ابحاث وبدون استطلاعات وبدون عضوية في هستدروت الاطباء.

          في الاشهر الاخيرة جذب مُضربين فلسطينيين عن الطعام اهتمام العالم. هناك من أدى التحية لمقاتلي الحرية الذين أضربوا من اجل التحرر من الاعتقال دون محاكمة. وفي اسرائيل تم طرح موضوعهم فقط في اطار الخطر على صورة الدولة في حال موتهم. لم يسأل أحد « لماذا يضربون »؟ أربما يجب تقديرهم على تضحيتهم وتصميمهم؟ اذا كانت الدولة مستعدة لتقليل الضرر: إدخال أنبوب التغذية، والاعتناء بصورة الدولة. لكن ادلمان جاء وزعزع هذه الاخلاق المشوهة.