خبر نقطة توازن- يديعوت

الساعة 10:09 ص|12 أغسطس 2015

فلسطين اليوم

بقلم: بن – درور يميني

(المضمون: نقطة التوازن بين الحاجة للحفاظ على حقوق الانسان وبين الضغط الجماهيري لوقف الهجرة. نقطتا التوازن السابقتان، اللتان قررتهما الكنيست، رفضتهما المحكمة العليا. اما المحاولة الثالثة فنالت أمس النجاح - المصدر).

 

ساعة الرمل نحو أزمة اخرى بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية من جهة وبين محكمة العدل العليا من جهة اخرى تنزف منذ زمن بعيد. فمحاولة التأثير على قرارات المحكمة العليا هي أمر بات دارجا، أما صباح امس فقد سجل فيها ارتفاع درجة.

 

فقد نشرت وزيرة العدل آييلت شكيد على صفحتها في الفيسبوك عبارات قبيل ساعة الصفر. يمكن ومسموح انتقاد قرارات محكمة العدل العليا، ولكن شكيد ليست مجرد سياسية اخرى. فهي وزيرة العدل. قلقها على سكان جنوب تل أبيب محق، ولكن رد فعلها كان مبكرا وبالتالي زائدا ايضا. احيانا تكون حاجة الى الانتظار، إذ قبيل المساء تبين أن محكمة العدل العليا بالذات نزلت عن الشجرة ومنعت أزمة اخرى بين السلطات: من جهة لم تنجر الى رفض شامل، ثالث في عدده، لقانون المتسللين، ولكنها من جهة اخرى اقترحت – وعمليا أملت – تعديلا اضافيا للقانون كي تقلص المس بحقوق الانسان.

 

في الخلفية يوجد بشر. فالمتسللون ولدوا على صورة الرب. « إذ كنتم ساكنين »، تذكرنا التوراة المرة تلو الاخرى، كي لا نترك لمصيرهم الغرباء بين ظهرانينا. فهم جديرون بحقوق الانسان، حتى لو كانوا مهاجري عمل وليسوا لاجئين. هم ليسوا وحده. سكان جنوب تل ابيب هم ايضا ولدوا في صورة الرب. وهم ايضا جديرون بالحماية. في العقد الاخير اصبحت حياتهم جحيما حين اصبحوا عمليا سكانا ثانويين في مخيم للاجئين. اولئك الذين حرصوا على طالبي اللجوء استهتروا بسكان جنوب تل أبيب، واولئك الذين حرصوا على سكان جنوب تل أبيب استهتروا بطالبي اللجوء.

 

في القرارين السابقين مال قضاة محكمة العدل العليا الى جانب واحد. في القرار الثالث، أمس، غيروا نقطة التوازن. فالتعديل لقانون المتسللين حظي بشهادة تسويغ، حتى لو كان لا يزال يحتاج الى بعض التحسينات.

 

مشكلة المهاجرين ليست مشكلة اسرائيلية، فهي مشكلة عالمية. ملايين الشبان يريدون ترك العالم الفقير والدول المنهارة. الالاف غرقوا في البحر الذي يفصل بين شمال افريقيا واوروبا، في الوقت الذي تسد فيه اوروبا الحدود بينها وبين العالم الثالث وفي داخلها على حد سواء: اليونان وبلغاريا لا تريدان المهاجرين من تركيا وتقيمان جدارا، فرنسا تحاول منع التسلل من ايطاليا، وبريطانيا تمنع التسلل من فرنسا. اوروبا تتردد. لا توجد ترتيبات ولا توجد اتفاقات. والتصدي لموجات الهجرة يرفع من قوة احزاب اليمين ويؤدي الى قرارات تحظى بانتقاد لاذع.

 

منشآت المكوث، في العالم وفي اسرائيل تتسبب بضرر لكرامة الانسان وحقوق الانسان. وتبحث الدول الغربية عن نقطة التوازن بين الحاجة للحفاظ على حقوق الانسان وبين الضغط الجماهيري لوقف الهجرة. نقطتا التوازن السابقتان، اللتان قررتهما الكنيست، رفضتهما المحكمة العليا. اما المحاولة الثالثة فنالت أمس النجاح.

 

لقد قررت الكنيست 20 شهر مكوث في منشأة المكوث – رئيسة العليا مريم ناؤور خفضت فترة المكوث القصوى الى 12 شهرا. هذا يبدو قليلا مثل البنغ بونغ بين الكنيست والمحكمة. القضاة يدعون بانهم لا يحلون تفكرهم محل تفكر المشرعين، ولكن هذا بالضبط ما يفعلون.

 

نقطة التوازن التي تقررت امس لم تكن فقط بين حقوق الانسان واحتياجات الدولة، بل كانت ايضا بين محكمة العدل العليا وبين الدولة. أمس خرجت من قصر القضاء صافرة تهدئة. فليس هذا دور محكمة العدل العليا، ولكن على خلفية التوترات والصدوع في المجتمع الاسرائيلي فان النتيجة جديرة بالترحاب.