خبر معركة خاسرة مسبقا -هآرتس

الساعة 09:30 ص|10 أغسطس 2015

فلسطين اليوم

بقلم: عوزي برعام

          (المضمون: أعلن نتنياهو الحرب على رئيس الولايات المتحدة اوباما، وبغض النظر عن نتيجتها فان اسرائيل ستدفع الثمن على المدى البعيد - المصدر).

          قبل سنوات كنت ضيفا على اللوبي اليهودي الكبير « ايباك ». وقد أراني رؤساءه سجل التصويت لاعضاء مجلس الشيوخ والنواب حول موضوع اسرائيل. كان واضحا أن مؤيدي اسرائيل تتم مكافأتهم سياسيا ويحصلون على التبرعات خلال الانتخابات. وشدد المستضيفون على تعاونهم مع الحزبين الكبيرين. وأشار أحدهم الى أن ايباك يسير على خيط دقيق، بين المصلحة الاسرائيلية وبين الحاق الضرر الممكن بالادارة. وحسب قوله فان على المنظمة الحذر لأن أعين كثيرة بانتظار أي زلة أو خطأ لها.

          لكن بنيامين نتنياهو يضرب كل هذا بالحائط؛ يتوجه ليهود الولايات المتحدة للعمل ضد رئيسهم ويكسر بذلك طابو متفقا عليه، حيث لم يتجرأ أحد على كسره من واضعي السياسة.

          كان باستطاعة نتنياهو أن يسجل الاتفاق مع ايران كانجاز شخصي، اشتغل عليه في السنوات الاخيرة. حيث أنه طلب من فوق كل منصة التجند الدولي في موضوع ايران وعلاج طويل المدى لبرنامجها النووي.  وظاهرا، ساهم موقفه في التجند النادر للقوى العظمى من اجل تحقيق الاتفاق.

          لكن مواقف نتنياهو وتصريحاته العلنية انشأت الصراع مع الادارة الامريكية. وقد كان مثل هذا وسيكون، وهذه مسألة طبيعية في العلاقات الدولية، إلا أن نتنياهو قرر تحويل الصراع الى معركة. لا مزيد من الملاحظات، الطلبات والتحسينات، هدفه واضح وحاسم: التسبب بالفشل السياسي لاوباما في ملعبه البيتي وفي مواجهة خصومه.

          الارضية السياسية والايديولوجية لا تُصعب على نتنياهو، المقرب من معارضي اوباما، رجال حفل الشاي وشلدون ادلسون. الذين يحاربون الرئيس الحالي. الحرب التي يشنها الحزب الجمهوري على اوباما غير مسبوقة. والتحريض ضده يتسع، وكلما زادت اصوات الدفوف كلما حلق التطرف.

          نتنياهو يجند نفسه لخدمة الحزب الجمهوري عن معرفة. فهذه تربة خصبة لأي ادعاء يناهض سياسة اوباما. من هنا فان تمسكه بالرأي العام الفنغلستي واليميني قوي جدا – إنه يحارب ضد عدو مشترك، أخذ من امريكا البيضاء والطاهرة رئاسة الولايات المتحدة.

          رئيس الحكومة ومؤيديه يزعمون أنهم لا يريدون التدخل في الشؤون الداخلية للولايات المتحدة، وأن الواقع السياسي يفرض شروط المعركة، لكن الحقيقة ليست كذلك. فالحرب التي يشرف عليها نتنياهو من اجل نقل منتخبين ديمقراطيين الى صفوف معارضي الاتفاق خطيرة جدا. وهذا تدخل أكثر فظاظة من تدخله لصالح ميت رومني في المنافسة على الرئاسة.

          والأخطر من كل ذلك هو تدخل نتنياهو لتجنيد يهود الولايات المتحدة ضد الرئيس. هذه التجربة المباشرة والخطيرة تضر بالمصلحة الاسرائيلية واليهودية على المدى البعيد – لاثبات أن يهود الولايات المتحدة يتصرفون كمواطنين مخلصين، وليس كرعايا لدولة اخرى تربطهم بها علاقة عرقية.

          يصعب الاشتباه أن نتنياهو لا يدرك الاشكالية في الولاء المزدوج، لكن يمكن الافتراض أنه قرر استخدام سلاح يوم القيامة من اجل تحجيم رئيس الولايات المتحدة وافشال الاتفاق الذي تم توقيعه. ومن هذه الرؤية ايضا فقد دخل نتنياهو وأدخل حكومته الى حقل ألغام لا يمكن اجتيازه. وليس هناك فرصة أن تكون اسرائيل في نهاية المعركة في وضع أفضل. فالانتصار في المعركة سيُنسى على ضوء الفشل الذريع في الحرب بعامة: ليس الحرب ضد رئيس الولايات المتحدة فقط بل ضد التوافق الدولي الواسع الذي كان نتنياهو من اول المبادرين اليه.