خبر شلّة متفجرات- يديعوت

الساعة 09:17 ص|08 أغسطس 2015

فلسطين اليوم

بقلم: اليكس فيشمان

طلب رؤساء « يشع » هذا الاسبوع اموال من وزراء الحكومة مُدعين أنهم يريدون استثمار هذه الاموال في التعليم ومعالجة الثقافة الثانوية الغير قانونية لشباب البؤر الاستيطانية التي تطورت في داخلهم. لا أحد يصدق أنهم اذا حصلوا على هذه الاموال فهي ستذهب للعلاج الجذري، لأن الجذور الفاسدة نشأت عندهم في البيت. لكن هذا التوجه بحد ذاته يظهر الخوف في اوساط قيادة المستوطنين. فهم يعرفون أنهم في مشكلة، وأنهم فقدوا السيطرة على الارض، وأنهم قد يفقدون الحقوق التي حصلوا عليها من اليمين العلماني في اسرائيل.

هذه المرة يشاركهم خوفهم ايضا حاخامات ومنتخبين من الجمهور تابعين للتيار الحريدي القومي الذي يتحفظ من المجتمع الاسرائيلي، ولديه مشكلة مع المملكة الصهيونية. حتى أنهم يبحثون عن طرق لتشبيك الأيدي مع السلطات لاقتلاع الاعشاب السامة التي تم زرعها في تلال بنيامين والسامرة قبل نحو عقدين، ومرت بتناسخ ايديولوجي وتغييرات بين الاجيال، غيرت اسماء وحاخامات والآن هي اعشاب مفترسة.

 

          عند النظر الى البروفايل والخلفية للنماذج التي صدر بحقها هذا الاسبوع أمر اعتقال اداري، يمكن ملاحظة نفس التأثيرات التي تصل من ثلاثة مصادر: حركة كاخ للحاخام كهانا وبناتها، نظرية الحاخام غنزبورغ وتأثيراتها المسيحانية المتطرفة ومدرسة هار همور الدينية. هذه المدرسة مثل عطيرت كوهنيم، والعائدين الى الخليل ومدارس اخرى تسمى مدارس « الخط »، تعكس التوتر بين الحاجة الى الانغلاق أمام المجتمع الاسرائيلي – الذي يعتبر ما بعد عصري ومندثر ويستحق الاهانة – وبين الحاجة الى الانتماء للمملكة ولا سيما التأثير عليها.

 

          رئيس المعهد الحاخام اسرائيل تاو ما زال ينتمي للجيل الجديد الذي يعتبر دولة اسرائيل « بداية الانبعاث »، لكن جزءً من طلابه يفكرون بشكل مختلف. فهم يتحدثون عن مجتمع اسرائيلي مريض، ويشيرون الى نخبة قانونية يسارية ونخبة اعلامية يسارية. عندما يقترح عضو الكنيست موتي يوغف – عقيد احتياط في الجيش ومن خريجي الوحدة الخاصة – الصعود على محكمة العدل العليا بالجرافة، فان هذه ليست زلة لسان؛ هذا جزء من الحوار الداخلي في هذه المعاهد. وعندما يتقاطع هذا مع نظرية الحاخام كهانا والموقف المسيحاني للحاخام غنزبورغ الذي أيد في حينه المجزرة في الحرم الابراهيمي، فاننا نحصل على نماذج مثل مئير اتنغر، حفيد الحاخام كهانا.

 

       طفرة مخيفة

 

          في بداية طريقه حصل اتنغر على الالهام من نظرية الحاخام غنزبورغ، الى أن قرر أن هذا الاخير ليس فوضويا بما يكفي. فقام بترك المعهد وتجول في التلال (المزيد حول شخصية اتنغر – في مقال عوديد شالوم). وقد تحول مع اصدقائه الى طفرة تبعث الرعب من حولها. ومشكوك فيه أنهم قد خططوا لقتل الرضيع في قرية دوما، وهم لم يفكروا بحمل السلاح، على الأقل في المرحلة الحالية. لكن ليس لديهم مشكلة مبدئية أو ايديولوجية حول قتل العرب.

 

          وثيقة اقامة البنية التحتية الاخيرة التي يعتبر اتنغر أحد الرواد فيها وجدت في آذار من هذا العام في بيت احدى النشيطات اثناء أحد الاعتقالات « للشباك ». كان هذا العمل العلني الاول والاكبر ضد هذه المجموعة. وفي نفس الوقت اعتقل وتم التحقيق مع كثير من اصدقائها، بما في ذلك الشابة التي وجدت الوثيقة في بيتها. كان واضحا في حينه أن اتنغر هو المغناطيس الاول في التسلسل الهرمي، وهو الذي يعرف الجميع بشكل شخصي. الأدلة والمواد التي تم الكشف عنها في ذلك الوقت سمحت باصدار أمر ابعاده الى صفد. واعتقل في تلك الفترة افيتار سالونيم الذي يعيش في منطقة الخليل، وقد صدر بحقه هذا الاسبوع أمر اعتقال اداري. كانت لدى « الشباك » معلومات حول تورط سالونيم في احراق مبنى في قرية كفر الديرات في جبل الخليل. وقد استطاع رب العائلة انقاذ ابناءه في اللحظة الاخيرة. والذي ألقى الزجاجة الحارقة الى البيت في دوما قام بتحسين أدائه حيث قام بكسر النافذة لضمان أن الزجاجة الحارقة ستدخل كما يجب. لقد كان هدفه الاحراق – حرق ابناء العائلة واندلاع الانتفاضة الثالثة.

 

          سالونيم الذي يبلغ 20 سنة من عمره هو الذراع الايمن لاتنغر، وهو نشيط فاعل يمارس العنف ضد الفلسطينيين وضد رجال الامن منذ كان صغيرا. هو وشريكه شيلا بن شاي الذي اشتبه باحراق البيت في قرية الديرات، تم التحقيق معهما في حينه وأصدرت بحقهما أوامر ابعاد من يهودا والسامرة، ولكن لم تكن هناك أدلة كافية لتقديمهم للمحاكمة.

 

          عضو آخر في المجموعة أصدر هذا الاسبوع ضده أمر اعتقال اداري لنصف عام، هو مردخاي ماير من معاليه ادوميم. يبلغ 18 عاما فقط ولكن له ماض حافل في حرق الاملاك والاضرار بالفلسطينيين. هناك اشتباه بأنه عضو في المجموعة التي أحرقت كنيسة الخبز والسمك، وقد تم التحقيق معه في السابق حول احراق كنيسة دورمي تسيون في القدس. إلا ان المحكمة الاسرائيلية تنظر الى هذه الاعمال على أنها تخريب للممتلكات مع أضرار بسيطة.

 

          الوثيقة التي تم العثور عليها في بيت الفتاة النشيطة كتبها كل من اتنغر وزعيم ايديولوجي آخر في التنظيم: موشيه اورباخ (24 سنة) وقد كان في الماضي أحد نشطاء البؤر الاستيطانية وتم ابعاده مؤخرا الى بيته في بني براك. الوثيقة شملت مجموعة من الافكار الغريبة: « نقطة الارتكاز للتمرد هي أنه لا يوجد حق في الوجود لدولة اسرائيل، لهذا نحن غير ملزمين بقواعد اللعب ». وجاء فيها ايضا أن « دولة اسرائيل هي بناءاساسه ضعيف وجدرانه آيلة للسقوط، وهناك تسرب للمياه من جميع الاتجاهات، ومن الافضل وأقل تكلفة هدم هذا البيت وبناءه من جديد بدلا من محاولة اعادة ترميمه ».

 

          طريقة الهدم؟ هي ايضا تم تفصيلها في الوثيقة: « يوجد لدولة اسرائيل الكثير من نقاط الضعف. وما يجب علينا فعله هو اشعال كل براميل المتفجرات هذه. وفي نهاية المطاف فان الهدف هو ضعضعة أسس الدولة الى أن يضطر اليهود الى الحسم اذا كانوا يريدون الثورة أو قمع التمرد. لأنه لن يكون بالامكان تجاهل هذا القمع وعدم فعل أي شيء ».

 

          الوثيقة تفصل ايضا خمسة براميل للبارود التي يجب تفجيرها: « رفض تنفيذ الأوامر وعدم الاعتراف بالمحكمة »؛ « تأجيج الحرم واغلاقه وتنظيم اقتحامات الى داخله »؛ « مظاهرات ضد الكنائس والمطالبة بتدميرها، وضد السفارات الاجنبية »؛ « تفجير الموضوع العربي الاسرائيلي، الدروز والبدو » و « فرض الدين على الجمهور ». وكل ذلك سيؤدي الى تحقيق الحلم: تنصيب ملك في اسرائيل، وفرض قانون الدين، وطرد كل من هو غير يهودي، والأهم من كل شيء اقامة الهيكل الثالث.

 

          خلال التفتيش في بيت اورباخ في بني براك تم العثور على وثيقة اخرى تترجم فيها الايديولوجيا الى افعال – ويشمل ذلك كراسة تشمل احراق المساجد والمنازل. « احيانا نمل من التسبب بالضرر للممتلكات، نحن نريد توجيه ضربة تثبت أننا نقدر... نحن نريد احراق البيت نفسه بمن فيه »، كتب اورباخ، « ما الفرق بين البيت والمسجد؟ » يسأل ويجيب: « من جهة الصهاينة هذا امر أكثر تعقيدا لأن الحديث يدور عن احراق وعن محاولة للقتل. ويوجد ايضا خطر التصادم المباشر مع سكان المنزل. لذلك يجب التسلح بزجاجة حارقة ويفضل أن تكون بحجم لتر ونصف مع قداحة وقفازات وقناع وهراوة ومطرقة وحقيبة. عندها يتم الوصول الى القرية والبحث عن منزل بابه مفتوح أو نافذته مفتوحة وبدون حماية. لم تجدوا؟ إذا ابحثوا عن بيت ضعيف يمكن اختراقه بسهولة. وعند فشل الاقتحام يتم خلع نافذة ». وهذا ما حدث في دوما بالضبط.

 

       الابتسام في وجه المحققين

 

          هذه المجموعة التي تحتوي على 40 – 50 شخصا البعض منهم قاصرين، بدأت عملها في نهاية العام الماضي. وبعد أن تم كشفها كانت هناك محاولة لعلاجها حسب الطرق القديمة في علاج فتيان التلال. هذه المحاولة اصطدمت بالجدار القانوني الاسرائيلي، حيث اعتبرتهم المحاكم مجرد طائشين ويتسببون بالضرر للممتلكات.

 

          حصل « الشباك » في هذا الاسبوع على وسائل لمحاولة تفكيك التنظيم الفوضوي حول اتنغر. ولكن الاهم من ذلك أنه حصل على سلاح الردع الذي من شأنه كبح انتشار هذا الوباء: الاعتقال الاداري وتوسيع صلاحيات التحقيق. هذه هي المرة الاولى التي يبدأ فيها علاج حقيقي لهذه الظاهرة، محظور الصمت في التحقيق، واذا اقتنع القاضي أنه لدى « الشباك » مواد كافية حول خطورة المشبوه، فانه يستطيع الاستمرار بالابتسام في وجه المحققين لكنه سيقبع في السجن ايضا لنصف عام يستمرون خلاله في التحقيق معه ببطء ومن الاساس. لقد تغيرت قواعد اللعب. وعند الحاجة فانه سيكون عند « الشباك » صلاحيات أشد في التحقيق، حسب الاذن الذي يمنحه رئيس « الشباك » اذا اقتنع أن المشبوه توجد لديه معلومات تهدد سلامة الجمهور.

 

          عدد من وزراء المجلس الوزاري الامني المصغر الذين حصلوا هذا الاسبوع على توصيات لزيادة الضغط على التنظيم اليهودي غير القانوني، تحركوا في كراسيهم بطريقة تشير الى عدم الراحة. فهم يعرفون أنه وراء هؤلاء المُخلين بالنظام توجد تيارات معينة في المستوطنات تابعة لمصادر القوة السياسية الانتخابية في هذه الحكومة. ولولا الاجواء العامة التي وجدت بعد قتل الرضيع في دوما لما تغير شيء. المستشار القانوني للحكومة ايضا، يهودا فينشتاين، ونائبه راز نزري، عادا وأكدا على ضرورة استخدام هذه الوسيلة – الاعتقال بدون محاكمة. ويوجد اليوم في الاعتقال الاداري 400 فلسطيني، وفي الماضي غير البعيد كانوا أكثر من 3 آلاف. لكنه لم يتم الاقتراب من الارهاب اليهودي. والذين تم اعتقالهم مؤخرا اثناء هدم البيوت الغير قانونية في بيت ايل تم اطلاق سراحهم من السجن يوم الجمعة الماضي ولم تقدم ضدهم لائحة اتهام واحدة.

 

          وزير الدفاع – بتوصية من الجيش و« الشباك » ومنسق العمليات في المناطق – كان متشددا في موقفه حول تطبيق الاعتقالات الادارية ضد مواطنين اسرائيليين في الضفة، حينما وقع على ثلاثة أوامر اعتقال اداري بحق مشبوهين. وقد فكر في عملية « تفاحة الذهب ». في 1991 عندما كان قائدا جديدا لوحدة في « أيوش »، واجه يعلون عدد من العمليات الصعبة التي لم يتم حل لغزها والتي نُسبت للجبهة الشعبية في رام الله. وأشار « الشباك » الى صعوبة ترجمة المعلومات الاستخبارية الى أدلة قضائية. وقد نجح يعلون في الحصول على اذن بالاعتقال الاداري ضد اعضاء الخلية، بما في ذلك اولئك الذين لم يشاركوا في العمليات. وسميت هذه العملية « تفاحة الذهب »، وقد اعتقل فيها 59 من اصل 61 عضوا. وتوقف الارهاب من هذه الجهة تماما. يعلون يؤمن أن الاعتقالات الادارية اضافة الى الوسائل الاخرى التي منحت للقسم اليهودي في « الشباك » ستقلص بشكل كبير وسريع الجرائم القومية في المناطق.

 

       الأمر 8 في « الشباك »

 

          ليس الجيش وحده هو الذي دخل الى حالة التأهب منذ قتل الرضيع في دوما. فرع القدس في « الشباك » ايضا رفع استعداده الى الحد الاقصى. المركزون في الميدان يعملون على مدار الساعة، ومجسات مختلفة تقوم بدراسة الاجواء العامة، حيث أن الصورة صعبة جدا. المناطق الفلسطينية تريد الانتقام. والامر ليس بالمستوى الذي كان بعد حرق الفتى محمد أبو خضير قبل عام، ولكن منذ يوم الجمعة الثانية صباحا، الليلة التي أحرق فيها الرضيع علي دوابشة، ساد العنف بشكل كبير. مئات الزجاجات الحارقة واحراق سيارات في بيت حنينا واطلاق النار باتجاه سيارة اسرائيلية في كوخاف هشاحر. المنطقة دخلت الى فترة انتظار عنيفة. وجنازة اخرى لأحد أبناء عائلة دوابشة الذين ما زالوا يصارعون على حياتهم، أو حادثة استثنائية في الحرم، من شأنها أن ترجح الكفة وتحقق حلم القتلة اليهود في قرية دوما.

 

          أبو مازن الذي يريد أن يصل الى الامم المتحدة في ايلول، يسيطر على الاحداث، وقد أمر اجهزته الامنية بالاستمرار في التنسيق الامني مع اسرائيل لمنع الاشتعال. وفي الاجهزة الامنية يقولون إنه لا توجد حتى الآن اشارات على انتفاضة عامة شعبية في المناطق. ومع ذلك فهم مستعدون لانتفاضات محلية وعمليات فردية.

 

          حاول « الشباك » أن يضع، بطريقة علمية، بروفايل المخرب الوحيد من اجل تحسين طرق التمشيط والكشف المسبق عن اشخاص كهؤلاء. كان هذا فشلا معروفا مسبقا، واغلبية العمليات العفوية تنفذ من سكان في مناطق الاحتكاك مع الاحياء اليهودية. لكن هذا ليس اشارة واضحة. سائق الجرافة وسائق السيارة أو المخرب الذي يحمل سكينا لا يقومون بالحديث عن نواياهم مسبقا ولا يقيمون أي طقوس دينية ولا يكتبون وصية. قد يكونون ابناء 15 أو 45 سنة. شخص يخرج من بيته، ويرى في طريقه فرصة – دهس مارة مثلا – ولا يفكر مرتين. إنها عملية بدون الكثير من التفكير أو التخطيط. هو غاضب ويكره أما الباقي فمجرد فرصة. مع هذه المعلومات لا يمكن خلق التحذير المسبق.

 

          العودة الى الحياة العادية من شأنها أن تقلص نسبة العنف. وستوضع وثيقة استراتيجية قريبا على طاولة وزير الدفاع – أعدها « الشباك » ومنسق العمليات في المناطق – وفيها عدد من التسهيلات على الفلسطينيين. إنها عملية لمحاولة اعادة الوضع الى ايام ما قبل الانتفاضة الثانية. وسيشمل هذا تسهيلات عبور العمال في حاجز قلندية وتبييض تواجد العمال غير القانونيين، وزيادة عشرات آلاف التصاريح. وتوجد ايضا فكرة السماح لمن هم فوق سن الخمسين الدخول الى اسرائيل بدون تصريح. وتوصية بالمساعدة في بناء البنية التحتية في مدينة روابي الجديدة، والسماح لمزيد من الطلاب في السفر وزيادة ساعات العمل في الجسور. وتسهيلات اقتصادية في الاستيراد والتصدير. مثلا – تمرير خط غاز اسرائيلي لمحطة الطاقة في غزة.