خبر قانون التغذية القسرية- يديعوت

الساعة 09:01 ص|22 يوليو 2015

فلسطين اليوم

قدسية المصالح

بقلم: د. عمير فوكس 

محامي، باحث في المعهد الاسرائيلي للديمقراطية

(المضمون: ليست قدسية الحياة هي التي توجد على جدول الاعمال في مبادرة التشريع، بل المصالح السياسية للدولة. ولغرض تحقيق المصالح السياسية – لا يتخذ فعل عنيف وضار تجاه انسان يوجد في المعتقل، بذريعة العلاج الطبي لغرض انقاذ حياته - المصدر).

 

بعد اسبوع من بحث الكنيست بصخب عال في مشروع قانون يسمح بفرض عقوبة الاعدام على القتلة في ملابسات ارهابية، سيطرح اليوم للاقرار النهائي في لجنة الداخلية مشروع قانون « التغذية القسرية » موضع الخلاف. وسيسمح القانون للدولة بان تطلب أمرا من المحكمة يسمح للطبيب بان يغذي قسرا (بما في ذلك بواسطة التغذية بالوريد وغيرها من الوسائل) لمعتقل مضرب عن الطعام يوجد خطر فوري على حياته. وذلك خلافا لقانون حقوق المريض، الذي لا يمكن عمل ذلك بموجبه، طالما رفض الشخص الذي يوجد في وعيه الكامل الحصول على هذه التغذية.

 

القانون، الذي يتعارض وقواعد الاخلاق الطبية المتبعة في اسرائيل وفي العالم، سيمس بشدة بكرامة الانسان للسجناء. وضعية يربط فيها الانسان ويغذى بالقوة تسبب له ألما ومعاناة، تنتهك حكمه لنفسه، وعمليا – حسب التجربة الماضية – قد تمس بصحته بل وتؤدي الى موته.

 

بزعم مقترحي القانون، فان الغاية الاساس هي « قدسية الحياة » كونه يستهدف زعما انقاذ حياة الانسان. وبالفعل، بقدر ما يتعلق الامر بانقاذ الحياة، يكون احيانا المس بكرامة الانسان من أجل انقاذه يبدو مبررا. غير أن الحديث يدور عن ستار من الدخان: فمفهوم ان حياة السجناء ليست « مقدسة » اكثر من حياة من ليسوا سجناء. اذا كان انسان ليس بسجين يضرب عن الطعام (مثلا امام الكنيست احتجاجا على القانون الحالي) فليس قانونيا تغذيته قسرا، حتى لو تعرضت حياته للخطر. فهل حياته مقدسة أقل من حياة المشبوه بالارهاب والمحتجز قيد الاعتقال الاداري؟ ولماذا لا تقترح الدولة تغيير القانون ايضا بالنسبة لمن ليس سجينا؟ الجواب واضح: غايته الحقيقية مختلفة.

 

تدعي الدولة أنه تنطبق عليها مسؤولية وواجب قانوني للحرص على كل احتياجات السجناء، بما في ذلك العلاج الطبي. غير أن هذه حجة متساذجة. فعلى الدولة ان توفر للسجناء الغذاء وان تعرض عليه علاجا دوائيا طالما يريدونه. غير أنه ليس فقط لا يفترض بها ان تجبرهم على أن يأكلوا – بل ان الامر محظور عليها صراحة حسب قانون حقوق المريض، الذي ينطبق على السجناء.

 

وعليه، فان الغاية الحقيقية من القانون، والتي تقال بكلمات اخرى في الشروحات له، هي محاولة المنع عن السجناء تحقيق انجازات سياسية من خلال العلاقات العامة. وفي القانون نفسه ايضا، بين الاعتبارات التي يفترض بالمحكمة ان تأخذ بها، ذكرت « اعتبارات تتعلق بامن الدولة وسلامة الجمهور ». هذه الاعتبارات، مهما كانت جديرة، لا تبرر التغذية القسرية.

 

ان العقاب الذي فرض على السجين هو الحرمان من حريته. وعندما يدور الحديث عن معتقل، قبل أن يحاكم، فان حرمانه من حريته او اضطرار ينبع من أن المحكمة قررت وضعه قيد الاعتقال الاداري لانه يشكل خطرا على الجمهور. حقيقة أن الدولة تخشى من الضرر الاعلامي عندما يقوم السجين باضراب عن الطعام، لا تبرر المس الشديد بهذا القدر بكرامته. فالصراعات الاعلامية – السياسية تدار في الساحة السياسية وفي النقاش الجماهيري – وليس من خلال المس بكرامة الانسان. ليست قدسية الحياة هي التي توجد على جدول الاعمال في مبادرة التشريع، بل المصالح السياسية للدولة. ولغرض تحقيق المصالح السياسية – لا يتخذ فعل عنيف وضار تجاه انسان يوجد في المعتقل، بذريعة العلاج الطبي لغرض انقاذ حياته.