في الذكرى الأولى لاستشهادهما

خبر العائلة والأصدقاء يحيون ذكرى الشهيدين « بشير ومنير الحجار » في المقبرة

الساعة 03:00 م|19 يوليو 2015

فلسطين اليوم

لم يمر عيد الفطر العام الماضي على العائلات الفلسطينية دون أن ينغص الاحتلال عليها حياتها، ويحول ما أصابها إلى كابوس يلاحقها، وهنا نتحدث عن عائلة الشهيدين « بشير ومنير الحجار »، اللذين استشهدا ثاني أيام العيد عندما استهدفتهما القذائف الإسرائيلية وهما يستقلان سيارة تابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين، في منطقة بئر النعجة.

فكان نبأ استشهادهما صدمة لكل من عرفهما من الأهل والجيران والأصدقاء، لم يستيقظ الكثيرون منه حتى يومنا هذا. فيما لم يخل مجلساً للأصدقاء إلا ويكونا حاضرين بينهما.

وفي يوم 2/شوال تجمهر عدد من الأصدقاء والأهل/ في مقبرة الفالوجا شمال قطاع غزة ، حيث مكان دفنهما، وقرأوا الفاتحة على روحهما الطاهرتين، ودعوا لهما بالرحمة والمغفرة.

شقيقهما الدكتور عدنان الحجار، لم يعرف للعيد طقوس تذكر، لأنه وشقيقه الشهيدين كانوا يصلون العيد معاً ويتناولون الإفطار ومن ثم يخرجون لزيارة الأرحام ولقاء الأصدقاء. وقال:« الحقيقة عجزت عن القيام بما كنت أنا وبشير ومنير نفعله في هذا اليوم » وتحول هذا اليوم الذي من المفترض أن يكون يوم فرح إلى ذكرى حزن وألم.

وأضاف، أنهما لن يفارقاه في كل مجلس وكل مناسبة ، وما يصبره على فراقهما أنهما قضيا شهيدين وهما يقومان بعمل إنساني لمساعدة المشردين من منازلهم جراء الحرب المسعورة.

وعن شهر رمضان، استذكر الدكتور عدنان، يوم ان بدأ القصف بجوار منزله في بئر النعجة وهما على مائدة الإفطار، ورعاية الله أنجتهم من الأذى جراء الغارات التي استهدفت البيارة التي تجاور منزله بصواريخ F16، وكيف تركوا المنزل وانتقلوا إلى منزل العائلة في مخيم جباليا.

وتابع، اجتمعنا معاً طوال شهر رمضان المبارك على مائدة واحدة، وكان الشهيدين يعملان على قدم وساق في مساعدة النازحين، حتى لحظة استهدافهما.

وتابع ، اليوم كل هذه الملامح لم تعد موجودة، فاليوم الذي من المفترض أن يكون بهجة وفرح، هو في الحقيقة تحول إلى ذكرى حزينة وأليمة للعائلة.

ولفت إلى أن شقيقيه الشهيدين كانت رسالتهما دائماً أنهما محبين للحياة الكريمة، ومساعدة الناس خاصة الفقراء ، وهذا يجعلنا نغض على جراحنا ونواصل طريقهما الذي كانوا يفعلوه.

وقال:« المشاعر في هذا اليوم تعجز الكلمات عن وصفها، خاصة أنك تتحدث عن ثلاثة أفراد بروح واحدة »بشير ، منير ، عدنان« ، حياتهم مرتبطة بكامل تفاصيلها مع بعضهم البعض.

أصدقاء الشهيدين لم تمر عليهم ذكرى استشهادهما مرور الكرام، فاتفقوا معاً للذهاب في ساعة استشهادهما في الخامسة من مساء ثان ايام العيد، إلى المقبرة لقراءة الفاتحة على روحهما الطاهرتين، والدعاء لهما، والتأكيد على أنهم رحلوا أجساداً وبقيت ذكراهم خالدة وأنهم سيستكملوا رسالتهم.

صديق الشهيدين المقرب الأستاذ »أحمد أبو رفيع« (أبو محمد)، قال باختصار.. حياتي كلها تغيرت بعد استشهاد الحبيبين »بشير ومنير« ، حيث تساوت الحياة والموت بحيث اصبحت بعدهما شيئا واحدا لا يختلفان كثيراً، وما التواجد في المقبرة الآن إلا وفاءً لروحهما الطاهرة واحساسا منا بانهما لا يزالان على قيد الحياة، لأنهما كانا بمثابة الأخ والصديق. مستذكراً يوم تلقيه نبأ استشهادهما بأنه أصيب بالصدمة التي لم يستيقظ منها حتى اليوم.

أما الصديق سعيد المدهون (أبو محمود)، فقال إن هذا اليوم، »لم يكن يوما عادياً.. يوم لم ولن ننساه ما حيينا .. لم نشعر بصدمة اكبر ولا افجع من صدمة تلقي خبر استشهاد الاحبة في الله (منير وبشير). وأضاف بينما كنت منشغلاً في متابعة آخر الأخبار على الراديو والتلفاز للهجمة الشرسة والملعونة علي قطاع غزة من طائرات العدو المحتل .. واذ بالهاتف يصعقنا بالخبر الأكثر فجاعة مما نرى ونشاهد ونسمع ..انه خبر مفارقة الاحباب « منير وبشير » لحياتنا البغيظة المؤقتة الصغيرة، للحياة الدائمة والرزق الوفير بجوار رب العزة والمصطفى محمد صلوات ربي وسلامه عليه وعلى اله وصحبه .. وتابع « غادرونا وتركونا نصارع هموم الحياة المريرة والحرب الشنيعة... لكنه القدر الذي اصطفى ... وانا بقضاء الله وقدره لراضون ..

واستذكر آخر لقاء جمعه بالشهيدين قبل عشرين يوماً من استشهادهما، قائلاً: » لم أرى « منير وبشير » قبل استشهادهما بحوالي ال20 يوما .. وكانه الوداع، جاءوا سويا بعد اتصال وتحديدا لمكاني ليسلموا عليَّ ويشاوروني في أمر كله خير يبتغون فيه وجه الله عز وجل .. وللأمانة الأخلاقية نذكر انه اخر اعمال منير وبالاشتراك مع بشير عمل خير وصدقة واحساس بهموم الناس المكلومين والمنكوبين في الحرب الأخيرة على قطاع غزة .. فالكل يعلم أزمة المياه التي مرت علي الناس في أيام الحرب ومراكز الإيواء التي كانت تعج بآلاف النزلاء الهاربين من آلة البطش الصهيونية .. وبإحساس مرهف من نصير المستضعفين والضعفاء (منير)..كلفني بشراء عشرة من صهاريج المياه الضخمة (5كوب) وانفاقها في سبيل الله لمراكز الايواء والمحتاجين على نفقته الخاصة.

اما وفي حياتي الخاصة فكان لمنير الأثر الكبير والواضح في كل مراحلها فهو الصديق والاخ المخلص وحافظ السر والناصح المرشد الخدوم بدون مقابل .. الخلوق الذي تطمئن وتسكن النفس عند حديثه خصوصاً عند دعائه وابتهاله ونجواه لله تعالي في ليالي العبادة والخلوة .. كان دافعا بي نحو العلم والمثابرة والجد حتي انه كان ممن شجعوني وساعدوني كثيرا في إتمام رسالة الماجستير التي ناقشتها ودعوت لها منير ولم يأتي.

منير بابتسامته وتفاؤله واستعانته بالله دوما على الصعاب في هذه الحياة ..كان صعبا علينا ان ننساه ابدا ...

جاء رمضان وافتقدنا منير وبشير....وها هو العيد جاء أيضا بدوهما.. في كل يوم يمضي يكاد لا يخلو من ذكرهما.

إحساس غريب وليس بغريب انني كلما احتجت لمنير ذهبت اليه وكلي يقين انه يسمعني ويحس بي .. ذكراك خالدة فينا ما دمنا احياء ونشهد امام الله انك لمن الصالحين المتقين الموحدين .. رحمك الله يا نصير الضعفاء والمستضعفين .. رحمك الله يا اخلص الأصدقاء ومن عرفتهم .. وسلام لك في الخالدين.. والحمد لله رب العالمين.

جدير بالذكر، أن الدكتور بشير الحجار، كان يعمل محاضراً في الجامعة الإسلامية في كلية التمريض والتربية، وحاصل على ثلاث شهادات دكتوراة، من بريطانيا وجنوب أفريقيا ومصر. فيما منير يعمل في وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين وكان مسؤولاً عن مراكز إيواء اللاجئين خلال الحرب المسعورة. وكان من المفترض أن يسافر إلى ماليزيا عقب انتهاء العدوان لاستكمال دراسة الماجستير.