خبر إسرائيل يوك - يديعوت

الساعة 11:45 ص|15 يوليو 2015

فلسطين اليوم

من فوق رؤوسنا

 

بقلم: ناحوم برنياع

 

(المضمون: نتنياهو يتصرف كمن هو مقتنع بان هذا هو صراع على مجرد وجود اسرائيل. وهو مخطيء: اسرائيل ستوجد. والكارثة ليست على الابواب - المصدر).

 

في كل الـ 159 صفحة من الاتفاق مع ايران لم أجد ذكرا واحدا لاسرائيل – ولا حتى بالتلميح. من جهة هذا جيد: فلو كانت القوى العظمى طبقت على اسرائيل ذات المطالب التي تطبقها على المشروع النووي الايراني لكنا في مشاكل عويصة؛ من جهة اخرى هذا مثير للحفيظة: اتفاق له معنى مصيري بشأن كل من يعيش هنا يوقع من فوق رأسنا، وكأن بين طهران وفيينا ليس سوى النوايا الطيبة لنظام آيات الله. اسرائيل يوك.

 

ان تجاهل اسرائيل ليس مهينا فقط بل وخطير. يحتمل أن يكون يحتوي في طياته قدرا أكبر من المخاطر لاسرائيل من شفا القنبلة الايرانية. وبمفهوم ما فانه يعيدنا الى 1956، حين بعث رئيس الولايات المتحدة آيزنهاور ورئيس وزراء الاتحاد السوفييتي بولغانين لحكومة اسرائيل رسائل تهديد وفرضا عليها الانسحاب من سيناء. في الكونغرس الامريكي صفقوا لرئيس وزرائنا؛ في المحادثات في فيينا استخفوا به. في اختبار النتيجة، كان من الافضل لو أنهم صفقوا أقل وراعوا دولتنا أكثر.

 

تعالج بنود الاتفاق موضوعين، وهما وحدهما فقط: النووي والعقوبات. ولكن آثارها اوسع من ذلك بلا قياس. فليس صدفة ان سارعت وسائل الاعلام العالمية بتسمية الاتفاق « التاريخي »: اكثر بكثير من موضوع النووي، فانه يشكل انعطافة ممكنة في علاقات القوى في الشرق الاوسط، في المكانة السياسية والاقتصادية لايران، وربما ايضا العسكرية، وفي علاقاتها مع الاسرة الدولية، وقبل كل شيء مع الولايات المتحدة. لقد حظي نظام آيات الله بشرعية عالمية شاملة دون أن يتعهد بتغيير جدول أعماله بصفته هذه، باستثناء تجميد المشروع النووي لعشر أو خمس عشرة سنة.

 

وزير الخارجية الامريكي كيري، الذي كان حلم حياته عقد اتفاق سلام اسرائيلي – فلسطيني يحقق له جائزة نوبل، سيحصل على نوبله بفضل الاتفاق مع ايران. ليس نتنياهو وأبو مازن هما اللذان سيقفان الى جانبه في الاحتفال في بلدية اوسلو، بل محمد ظريف، وزير خارجية آيات الله. وسيستقبل كيري التغيير بفرح: النوبل هو نوبل. الاتفاق مع ايران هو ما سيأخذه كيري الى بيته بعد أن ينهي ولايته. وبهذا الانجاز سيتباهى؛ وبهذا الانجاز سيهان.

 

بعد التوقيع على الاتفاق الانتقلي كتبت ان الاتفاق هو أهون الشرور: ينبغي أن نحاكمه ليس فقط وفق ما يوجد وما لا يوجد فيه، بل وايضا وفق ما كان من شأنه ان يحصل لو لم يوقع الاتفاق. ومراجعة الوثيقة الكاملة تؤكد هذا الاحساس. فهو يسمح لايران بان تكون دولة حافة نووية، على مسافة سنة من القنبلة. ولكن البديل، ايران كفاحية، مسلحة بقنابل نووية، حرة من الرقابة، مبهجة اقل.

 

كان نتنياهو يفضل عملا عسكريا امريكيا، يدمر المنشآت النووية مع اجزاء واسعة من ايران. ولم يكن للامريكيين أي نية لعمل ذلك. عندما تحدث اوباما عن أن « كل الخيارات على الطاولة »، فقد كان يتظاهر، مثلما تظاهر نتنياهو عندما هدد بعملية عسكرية اسرائيلية. لقد استثمر نتنياهو وباراك المليارات في الاستعدادات العسكرية الرامية لاقناع العالم بان اسرائيل تعتزم العمل. وعلى مدى فترة معينة نجح هذا التظاهر: فقد قدم مساهمته في تشديد العقوبات. المشكلة هي ان العقوبات لم تنجح: فقد الحقت ضررا كبيرا بالاقتصاد الايراني، ولكنها لم توقف المشروع النووي.

 

بغياب عمل عسكري، كان نتنياهو يفضل استمرار العقوبات. وفي الاسابيع الاخيرة اصبح السعي الى استمرار العقوبات موضوعا لا يقل أهمية عن الصراع ضد النووي فعندما سترفع العقوبات، يقول نتنياهو، فان ايران ستغرق بالمال؛ والمال سيضخ الى حزب الله وحماس، وسيترجم الى ارهاب ضد اسرائيل.

 

لقد كان صراعه ضد الاتفاق مبنيا على الرهان – في أنه رغم استمرا العقوبات، ايران ستحذر من الوصول الى سلاح نووي. وهي ستبقى على الحافة. مع هذا الرهان يتوجه الان الى مجلس الشيوخ الامريكي. ولكن الايرانيين هم الان الجزء الصغير في رهانه. الصندوق كبر؛ اما الاحتمالات فصغرت.

 

سيكون مجلس الشيوخ في الشهرين القريبين ساحة صراع عنيف بين نتنياهو وادارة اوباما. وحسب ردود الفعل الاولية على الاتفاق، فان كل الشيوخ الجمهوريين سيصوتون ضده. اوباما سيستخدم الفيتو. ومن أجل كسر الفيتو يحتاج نتنياهو الى 13 شيخ ديمقراطي. سيحصل على بعضهم – ولا سيما اولئك المتعلقين بالمقترعين اليهود وبالتمويل اليهودي. الاحتمال أن يصل الى 13 ليس كبيرا.

 

ليس كبير لانه في خطابه الكدي في الكونغرس وفي كل تصريحاته منذئذ دفع الديمقراطيين الى ذراعي اوباما؛ وهو ليس كبيرا لان الرأي العام الامريكي يحب الاتفاقات التاريخية، ويحب أكثر الاتفاقات التي تبعد احتمال حرب اخرى في الشرق الاوسط. فهم لم يتحرروا بعد من العراق ومن أفغانستان. وليس لهم مصلحة في جبهة اخرى؛ الاحتمال ليس كبيرا لان كل المرشحين الديمقراطيين للرئاسة وعلى رأسهم هيلاري كلينتون يؤيدون الاتفاق؛ والاحتمال ليس كبيرا لان اوباما يتمتع بفترة طيبة، قد تكون الاكثر طيبا في كل سنوات رئاسته. فجأة تتدبر الامور له. من الصعب هزيمة رئيس في مثل هذا الوضع.

 

ثمن الصراع ضد اوباما مقلق: وهو يتعلق برزمة التعويضات التي يتوقع جهاز الامن ان يحصل عليها عن حق من أمريكا. فهل سيحرر الصراع البيت الابيض من واجب تعويض اسرائيل؟ نتنياهو يقول لوزرائه انه لا يتأثر بالتعويض. هذه اقوال لاغية. ففي جهاز الامن لا يفكرون هكذا.

 

هل تدفع اسرائيل اوباما الى التخلص منها في جبهة اخرى، الجبهة الفلسطينية؟ اذا خرج اوباما بخطة خاصة به، أو أمر بالكف عن حماية اسرائيل في المنظمات الدولية، فان الثمن السياسي، وربما الاقتصادي والمعنوي ايضا، سيكون باهظا. وبالاساس، بالخدمات التي تقدمها اسرائيل لاصحاب المليارات الجمهوريين فانها تضعف اللوبي اليهودي وتفقد تأييد أغلب اليهود. وهي تبيع بكارتها بثمن بخس.

 

نتنياهو يتصرف كمن هو مقتنع بان هذا هو صراع على مجرد وجود اسرائيل. وهو مخطيء: اسرائيل ستوجد. والكارثة ليست على الابواب.

 

ان حقيقة أن اسرائيل لم تنجح في احباط الاتفاق بل ولم تنجح حتى في التأثير على مضمونه، هي فشل ذريع. ولكن نتنياهو معصوم عن الفشل: في عالمه توجد فقط امكانيتان – إما أن يكون منتصرا أو يكون ضحية. في الانتخابات انتصر؛ في الاتفاق مع ايران هو ضحية. وبدلا من أن يقدم للاسرائيليين حسابا واعيا عما يجري، يبلغهم بان الكارثة على الطريق. فماذا سيفعل الاسرائيليون بحقن التخويف التي يشممهم اياها؟ ايهود باراك جاء امس الى استديو التلفزيون كي يدخل بعض سواء العقل للاسرائيليين، قليلا من الوعي. كانت هذه نسمة منعشة في يوم حار.