تقرير من سيشتري لهؤلاء ملابس العيد ؟!

الساعة 08:49 ص|14 يوليو 2015

فلسطين اليوم

إنه الاشتياق والولّه، بل أعظم من ذلك بكثير، إنه الانتصار للحياة من قلب الموت، هذا هو ما يدفع الغزيون اليوم ليجوبوا الأسواق، لتجتمع نساؤهم على إعداد الكعك والحلوى، ليتسابق الأطفال لشراء الملابس الجديدة، استعداداً لعيد الفطر المبارك، لكن ...

في هذه المدينة هناك دوماً متسع لوجع، بل فراغ عظيم للحزن، فما مرَّ ليس سهلاً ولا قابلاً للنسيان بسهولة، فقد أخذت الحرب الكثير، وأبقت من الأوجاع ما أبقت، وتركت محمد وديانا يتساءلان ببكائية الأطفال وحزن الملائكة: من سيشتري لنا ملابس العيد؟!

غصة

إنها غصة الحنين التي تجتاح النفس بلا ميعاد، إنه الشوق الجارف لأحضان أم اختطفتها القذاف وسرقت معها عائلة كاملة، ولم تبقِ سوى طفلين يتيمين وحيدين بصحبة أخ أكبر، تأكلهم الذكريات حيناً، ويسكتك نهرٌ جارٍ من قنوات دموعهم أحيان، وتتساءل في قرارة نفسك، كيف يمرُّ العيد على هؤلاء؟

من شباك منزلهم يراقب محمد وديانا عياد من حي الشجاعية شمال قطاع غزة، الباعة والأطفال والسوق المكتظ بالناس المقبلين على الشراء استعداداً لاستقبال عيد الفطر، تؤلمهم مناظر الأمهات التي تبدل ملابس أبنائها وتنتقي لهم، وأخرى تتشبث بيد طفلها كي لا تفقده في الزحام.

يجتاحنا شوقٌ

محمد الأصغر سناً يروي أخوه الأكبر كمال عن مدى تعلقه بأمه، وكيف أن أجواء رمضان تمرّ عليهم وعليه بشكل خاص بشكل مؤلم وهي تعيد ذكريات الحرب وفقدان العائلة، فقد باتت مائدة طعامهم خاوية، ويؤكد أن عيدهم سيكون بين من أحبّوا بين أهلهم في المقابر.

ويقول كمال لـ « فلسطين اليوم الإخبارية » « مستعد ان أتخلى عن عمري، وأن أخسر كل ما أملك من مال وأولاد في مقابل أن أفطر مع الحاجة أمي ولو لساعة واحدة، كُل أمنياتي تتلخص في الشوق والحنين إلى تلك الإنسانة. »

ويضيف: « أكثر ما يَحزُنُني هو رؤية أخي الصغير محمد، حيث لا أب ولا أم وفقد أخوته، وكان أكثرنا تعلقاً بوالدته لصغر سنه، وأنا لا أستطيع أن أعوضهم حنان الأب والأم، أو أن انسيَهم أمهم وأبوهم وأخواتهم ».

ويتابع: « كانت والدتي كل شيء بالنسبة لنا، واستذكر في مثل هذه الأيام كيف كانت تعدُ الطعام، وكيف كانت تحثني واخوتي على الصلاة خاصة التراويح في المسجد وحفظ القرآن، رحمها الله وتقبلها بقول حسن، حيث رحلت الى الله وهي متوضئة وصائمة وذاكرة لله ».

حال محمد وديانا قصة من كثيرٍ مشابهة في مناطق متعددة من محافظات قطاع غزة، أطفالٌ كثر فقدوا ذويهم، وأهالٍ أكثر فقدوا أطفالهم، ويأتي عيد الفطر ليعيد سيناريو الحرب، ولحظات الفقد، وذكريات الألم.

يذكر أن عائلة عياد قد فقدت 14 شهيداً إبان مجزرة حي الشجاعية في شهر رمضان 2014، حالها كحال العديد من الأسر في هذه المنطقة المنكوبة، حيث انهالت عليهم القذائف من كل حدبِ وصوب.

وقد استشهد خلال هذه الحرب الشرسة ضد قطاع غزة ما يقارب الـ2300 مواطن وأصيب نحو 11 ألف بجراح مختلفة. واستمرت الحرب 51 يوماً بشكل متواصل.