خبر ­مقارنة بين هايدغر وداعش- هآرتس

الساعة 11:45 ص|03 يوليو 2015

فلسطين اليوم

­مقارنة بين هايدغر وداعش- هآرتس

بقلم: شموئيل حرليف

 (المضمون: مثل الفيلسوف النازي هايدغر، فان تنظيم داعش الاسلامي ايضا أدمن الموت - المصدر).

الفيلسوف الأكثر أهمية في القرن العشرين، مارتن هايدغر، الذي يعتبر صاحب النظرية الوجودية، كان نازيا انضم الى الحزب النازي في أيار 1933، وعُين في جامعة فريبورغ. صحيح أن هايدغر استقال من الجامعة في شباط 1934 لكنه لم يُبد الندم على الانضمام للنازية حتى موته في أيار 1976.

فلسفة هايدغر التي صاغها في كتابه « الوجود والزمن » تلقي بالحكمة والمنطق الى سلة القمامة، وبدلا منهما تعطي أهمية كبيرة للوجود. ينقسم الوجود الانساني، حسب هايدغر، الى قسمين: وجود أصلي ووجود غير أصلي خاضع للعرف الاجتماعي. أما الوجود الأصلي فهو غير خاضع لأي شيء.

أساس الحياة حسب هايدغر هو العيش حياة أصلية، « تعطي التعبير والجواب للوجودية » (حسب مقالة لـ ميلات بيبرمان). « تحقيق الذات بشكل حقيقي ليس فرديا، بل هو يتجاوز حدود الفرد، ويستطيع الانسان فهمه فقط من خلال فهم حقيقة موته ». أي أن الطريق الى الأصلية تمر، حسب هايدغر، بالنظر الى التهديد الذي يخلقه الموت.

العلاقة بين الأصلية والموت ملونة عند هايدغر باللون الاسود: في الآونة الاخيرة بدأت تنشر يومياته بين 1931 – 1941، « الدفاتر السوداء » (كتبت في دفاتر غلافها اسود). البروفيسور بيتر غوردون من جامعة هارفارد أجرى بحثا حول هذه الدفاتر ووجد صلة بين اللون والمضمون. اليوميات تكشف لاسامية هايدغر وميله الى اللاسامية، وفي مسودة خطاب استقالته من جامعة فريبورغ كتب أن الدمار هو « الشكل الأسمى للتجربة الانسانية التي نلتقي فيها مع القوى العالمية بكل فاعليتها الخالية من الرحمة ».

ليس غريبا إذا أن هايدغر قد وجد بيته السياسي في الحزب النازي. والتعبير الأصلي لحياته كان في شخصية هتلر. وفي خطاب له في تشرين الثاني 1933 قال لطلابه: « لا تسمحوا للادعاءات والافكار أن تسيطر على وجودكم. والفهرر وحده هو الحاضر والمستقبل للواقع الالماني وقوانينه ».

لا يوجد فهرر للاسلام الراديكالي، لكن يوجد خليفة: أبو بكر البغدادي، زعيم الدولة الاسلامية داعش. وقد نشر البغدادي في أيار الماضي شريط قال فيه إن الاسلام ليس دين سلام بل دين حرب.

واذا أجرينا مقارنة، فان البغدادي يتوسط بين الفهرر وهملر، داعش هو اس.اس الاسلام الراديكالي. وهذا بعدة معاني: أولا، داعش هو الوريث العنيف للقاعدة، الموازية لـ اس.إيه « القمصان البنية » برئاسة آرنست راهام الذي قتل هو وزملاؤه بناءً على قرار من هتلر في « ليل السكاكين الطويلة » في حزيران 1934. وبدل الـ اس.إيه، سيطر الـ اس.اس. وبدل القاعدة سيطر داعش.

كانت ملابس الـ اس.اس باللون الاسود والشعار على قبعات رجاله كان جمجمة الموت. الوحيدون الذين سمح لهم وضع شعار الجمجمة على ياقات قمصانهم كانوا رجال وحدة اس.اس التي أدارت معسكرات الاعتقال. والصلة الحميمية بين الـ اس.اس وبين الموت – اللون الاسود وجمجمة الموت – تشبه الصلة الحميمية لداعش مع الموت. مقاتلو داعش يلبسون اللون الاسود، وعلم التنظيم لونه اسود. ولوني الاسود والابيض يعكسان كونية الخلافة الاسلامية.

طقوس الموت عند داعش يتم اظهارها علنا من قبل التنظيم على وجهي العملة: موت الشهداء لداعش في العمليات الانتحارية وموت ضحاياه مع مراعاة تصوير ونشر عمليات الاعدام.

طقوس الموت متشابهة بين هايدغر وداعش، لكن الطريقة التي يجند فيها داعش هايدغر في قبره ترضع من مصدر قيمي أكثر عمقا، الموجود في كتاباته: السعي الى الأصلية والحياة في الحاضر كأمور ذات مغزى وجودي.

داعش، حسب ما يقول البغدادي ومؤيدوه، هو الاسلام الأصلي، الطاهر، ولا بديل له ولا منافس له. اذا رجعنا الى القرن السابع، وكما قال هايدغر « يجب عدم طرح الاسئلة » – فان كل علامة سؤال تتحول الى علامة تعجب.

هذا كما يبدو هو سر انجذاب آلاف المتطوعين والمتطوعات لداعش، مسلمين وغير مسلمين، الذين يتدفقون الى صفوفه من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك اوروبا والولايات المتحدة. داعش يقترح على متطوعيه أصلية على نمط هايدغر: اسلام طاهر، عودة الى الجذور وحاضر يعطي مغزى للحياة من خلال الاحتكاك المباشر والمتواصل مع الموت. الادمان على الموت يبدو مثل المخدرات القوية التي لا يستطيع أن يوفرها أي تاجر مخدرات من جنوب امريكا.

هل يمكن علاج العالم الاسلامي العربي من مخدرات الموت لداعش؟ هل يجب أن يكون الفطام بعد ثلاثين عاما كما حدث في القرن السابع عشر في اوروبا؟ ماذا يجب أن يحدث كي يقتنع العالم الاسلامي بالأصلية البديلة للحياة – الحرية وحقوق الفرد - وأن يلفظ داعش من داخله.