خبر داعش: هذه حرب حضارات- اسرائيل اليوم

الساعة 09:29 ص|02 يوليو 2015

فلسطين اليوم

بقلم: د. كوبي ميخائيل

  (المضمون: بدلا من استغراب الغرب عند كل عملية ارهابية، عليه إبداء التصميم المطلوب من اجل المواجهة مع داعش التي هي مواجهة وحرب بين الحضارات - المصدر).

 

          يبدو أن العالم مصاب ومتفاجيء من الاحداث الارهابية الاخيرة المنسوبة لداعش ومؤيديه. إلا أن متابعة التنظيم واستراتيجيته في العمل لا يجب أن تثير الاستغراب. هذا التنظيم الذي تحركه الايديولوجيا الاسلامية السلفية الجهادية يستند الى صيغة ومنطق عمل الشبكات، يعمل في جبهات كثيرة في نفس الوقت وبطرق عنيفة ودموية جدا. هذه الاعمال ترافقها استراتيجية اعلامية فعالة، تعتمد على الاستخدام الفعال للشبكات الاجتماعية وتحقق هدفا مزدوجا: الاول هو خلق الصدمة عند السكان والانظمة. والثاني هو تشجيع القوات المقاتلة وأن يكون رافعة لتجنيد متطوعين آخرين للتنظيم وتطبيق الالتزام الذي أخذوه على عاتقهم عند انضمامهم لداعش وقسم الولاء للدولة الاسلامية.

 

          ما زال الغرب يستصعب فهم هذه الظاهرة والتعامل مع مغزاها، وفي بعض الحالات، مع التشديد على فرنسا، يتم انكار المغزى عن وعي. الميل هو الى التعامل مع داعش وكأنه تهديد عسكري وتجاهل الفكرة السياسية التي يمثلها باسم الاسلام. داعش يعمل ضد النظام العالمي القائم، الذي يستند الى الدولة القومية كأمر أساسي. والتنظيم يعمل على محو الحدود القائمة وتفكيك الدول القومية العربية، والملكية، التي يعتبرها نوعا من الكفر بما هو جوهري. اضافة الى ذلك فان التنظيم يسعى الى الحرب بين الثقافات. إن جهد اقامة الخلافة الاسلامية والعودة الى أسس الاسلام، تجسد الكراهية الكبيرة للقيم الغربية والرغبة في طمسها. الحديث يدور هنا عن صدام حقيقي بين الحضارات.

 

          يعمل داعش من خلال متطوعين ماهرين يحملون الايديولوجيا الاصولية، والذين يعودون الى وطنهم بعد أن يكونوا اكتسبوا التجربة القتالية في ميدان المعركة للدولة الاسلامية، من اجل انشاء خلايا ارهابية تسعى لزرع الذعر في اوساط قطاعات واسعة من السكان في الغرب، وتشجيع المسلمين الاصوليين في تلك الدول. مفهوم الزمان والمكان مستمد من موقف ديني وتاريخي عميق، وحسب رأي التنظيم فان هذا صراع طويل ومتواصل من اجل تحقيق هدفين: هزيمة الغرب وفرض الاسلام، حتى وإن لم يتحقق ذلك في الجيل الحالي.

 

          تونس لا يمكنها محاربة داعش وحدها، وفرنسا لا يمكنها محاربته بالاعتماد على الجهد الاستخباري في ظل تزايد عدد الخلايا الارهابية والتطرف الاسلامي في اوساط الجاليات الاسلامية فيها. العراق ايضا لا يمكنه مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية الذي اقتطع من ارضه وسيادته. ويستطيع الاكراد على الاكثر الدفاع عن حكمهم الذاتي من خلال التضحية بالغالي والنفيس. الصراع ضد داعش يستوجب التعاون الاقليمي والدولي بقيادة القوات الاقليمية ومساعدة الغرب مع التصميم والقيادة.

 

          يصعب عدم الربط بين الجهد الفرنسي حول التصويت في مجلس الامن التابع للامم المتحدة فيما يتعلق بالصراع الاسرائيلي الفلسطيني وبين مشاكل فرنسا الداخلية. يصعب التخلص من الانطباع بأن فرنسا تسعى من خلال هذا الجهد الى القضاء على مواقف جاليات داخلية. إلا أن هذا لن يحقق نتيجة. ليست هذه هي الطريقة لمواجهة الخطر الداخلي. والعملية الاخيرة التي أدخلت الى اوروبا رعب قطع الرؤوس هي الاخيرة في سلسلة عمليات واحداث ارهابية في فرنسا ودول اوروبية اخرى. كل مرة ينجح الخوف من جديد ويشل القيادة الاوروبية التي تعجز عن مواجهة منفذي العمليات في الداخل، ولا سيما في فرنسا.

 

          احداث التراجيديا الاخيرة قد تؤدي الى فرض حكمة الجموع على متخذي القرارات. ويمكن أنه قد بدأ الادراك بأن الحديث عن صراع حضارات، وبالمعنى الأوسع للكلمة، حضارة الغرب ضد اولئك الذين يريدون محوها. وسيدرك الغرب أنها حرب وجودية، وبالتالي سيختفي الاستغراب ويظهر التصميم بدلا منه، وحتى ذلك الحين سوف تُسفك كما يبدو دماء كثيرة.